تقف الصحف الأميركية منذ سنوات عاجزة أمام تسرب أرباحها من التوزيع والإعلان إلى “فيس بوك” و”جوجل”، بل إنها وافقت حتى على إصدار طبعات إلكترونية مجانية بأمل إن يعوض الجمهور المتزايد من القراء الرقميين عن الخسائر ويحقق أرباحاً على المدى البعيد.
وبحسب تقرير “لوس أنجيلوس تايمز”، فإن أرباح الصحافة الأميركية استمرت في الانخفاض ورأى ناشرو الصحف الأميركية أن إحداث تغيير في هذا الوضع بات ضرورة ملحة قبل فوات الأوان، لذا اتفقوا على ضم قواهم تحت مظلة “تحالف الإعلام الإخباري” الذي يضم “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز” و”لوس أنجيلوس تايمز” وعشرات الصحف المحلية الأخرى.
وطلب التحالف الجديد من الكونجرس إعفاءه من قوانين مكافحة الاحتكار، ليتمكن من التفاوض جماعياً باسم الصحف مع الشركات التكنولوجية العملاقة.
ويقول مراقبون إن الصحف ستكون في موقف أقوى بهذا التحالف ضد شركتي جوجل وفيس بوك اللتين تستحوذان على أكثر من 70% من سوق الإعلان الرقمي البالغ حجمها 73 مليار دولار في الولايات المتحدة. وبالمقارنة فان إيرادات الصحف الأميركية في عام 2016 هبطت إلى 18 مليار دولار من 50 مليار دولار قبل عشر سنوات، بحسب دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث.
ويقول “تحالف الاعلام الاخباري” الجديد إن رسالته بسيطة تتمثل في أن التغطية الصحفية النوعية عمل يستغرق وقتاً وباهظ الكلفة، وهو الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى إزاء ما يعج به الانترنت من أخبار كاذبة وآراء مشكوك في صحتها وقصص ملفقة.
وكتب رئيس تحالف الإعلام الإخباري ديفيد تشافيرن في “وول ستريت جورنال” أن فيس بوك وجوجل “لا تشغلان صحفيين وهما لا تبحثان في الملفات العامة لكشف الفساد ولا ترسلان صحفيين الى مناطق النزاع ولا تحضران مباريات مسائية، بل ان هاتين الشركتين تتوقعان من الصحافة التي تعيش ضائقة اقتصادية أن تنهض بهذا العمل نيابة عنها”.
وأضاف تشافيرن “أن السبيل الوحيد أمام الناشرين لمواجهة هذا التهديد الذي لا يقف أمامه شيء هو الاتحاد بينهم. وأنهم بفتح جبهة موحدة للتفاوض مع جوجل وفيس بوك من أجل حماية افضل لحقوق الملكية الفكرية ودعم أقوى لنماذج الاشتراك واقتطاع حصة عادلة للصحف من الايرادات والمعلومات، يستطيعون أن يبنوا مستقبلا أكثر استدامة للعمل الصحفي”.
من جانبها، امتنعت فيس بوك عن التعليق على التحالف الجديد بين الناشرين الأميركيين، فيما أعلنت جوجل أنها تريد أن تساعد الناشرين على الانتقال إلى العصر الرقمي.
وقال رئيس التحالف ان أجهزة تنظيم الاتصالات والاعلام كانت متساهلة مع فيسبوك التي شهدت ارتفاع عدد مستخدمي الموقع مؤخراً إلى ملياري شخص في أنحاء العالم ومع جوجل التي تستأثر بنحو 80 % من عمليات البحث على الإنترنت.
أضاف أنها سمحت لجوجل بتصدر سوق الإعلان على الإنترنت حين وافقت على امتلاكها ثلاث شركات تعمل في سوق الاعلان الرقمي هي دبل كليك وآد موب وآد ميلد، وسمحت لفيسبوك بامتلاك شركتين كانتا من أكبر منافسيها هما انستجرام وواتسآب.
وتبلغ الرسملة السوقية لشركة جوجل 649 مليار دولار وفيس بوك 434 مليار دولار، في حين تبلغ قيمة نيوز كورب التي تملك وول ستريت جورنال ونيويورك بوست 7.55 مليار دولار وشركة نيويورك تايمز 2.78 مليار دولار، وشركة ترونك التي تملك لوس أنجيلوس تايمز 409 ملايين دولار.
وأكد رئيس تحالف الإعلام الإخباري ديفيد تشافيرن “أن الدور الفريد الذي تقوم به الصحافة في السياسة الاميركية والتاريخ الاميركي يجعل من الضروري ضرورة بالغة تأمين منافسة أكثر عدالة على الايرادات بين الناشرين وهذه البوابات الاعلامية العملاقة”.
وأضاف أن قوانين مكافحة الاحتكار اليوم تعزل جوجل وفيس بوك عن قوى السوق وأن ناشري الصحف ملتزمون بإطلاق هذه القوى للدفاع عن استثماراتهم في صحافة عظيمة الشأن.