كتبت: أنغام حامد البنا
تخرجت في الثانوية العامة عام 2007 حينها لم تكن الأمور بهذا التعقيد كل ما كان يدور في أذهاننا كطلاب في الثانوية العامة أن نحصل على أكبر رقم من الدرجات ممكن أن نحصل عليه حتى نحجز لأنفسنا مكانا في إحدى الكليات الهامة أو كليات القمة كما يطلق عليها.
وقتها لم يكن انتشار الإنترنت واسعا كما الحال الآن فكنا معزولين عن العالم لا نعلم عنه إلا ما يقوله لنا آبائنا ومدرسينا إن تكرموا علينا ومنحونا بعض المعلومات الإضافية خارج المنهج، كل وظيفتنا في الحياة هي الاجتهاد في المذاكرة.
مع ظهور نتيجة الثانوية العامة قبل عدة أيام انتشر تريند على مواقع التواصل الاجتماعي يقول للطلاب الذين لم يحصلوا على درجات مرتفعة لا بأس فالجامعات في مصر أصلا خارج التصنيف العالمي للجامعات والتعليم فيها بشكل عام رديء للغاية. الحقيقة أن هذا التريند واحد من أسوأ التريندات التي انتشرت على السوشيال ميديا فهو ليس فقط تشجع على التكاسل والتفاخر بالفشل، نعم عدم الاجتهاد في المذاكرة هو نوع من أنواع الفشل، فشل في تحمل المسئولية الملقاة على عاتقه وهي الاجتهاد للحصول على درجات مرتفعة، فشل في احترام والديه الذين لم عقدوا عليه آمالا كبيرة ولم يقصروا في تحمل تكاليف باهظة كلنا نعلمها بعض العائلات تخصص ميزانيات خاصة بالثانوية العامة.
هو أيضا تشجيع على تجاهل النظام التعليمي بشكل عام واعتباره شيئًا ثانويًا في حياتنا لا أعرف أصحاب هذه النصيحة من أين أتوا بكل هذه الحكمة في بلد ما زالت تكافح وتعاني من أمية القراءة والكتابة حتى الآن نقول لطلابنا التعليم في بلدنا مستواه منخفض فلا تشعروا بالسوء لعدم اجتهادكم وتكاسلكم عن مذاكرة دروسكم.
لا أريد أن أقسو على الطلاب الذين لم يوفقوا في امتحاناتهم بعد ما قاموا بواجباتهم كاملة فليس المغزى من كلامي هو الحصول على المجموع الكبير في حد ذاته وإنما الاجتهاد والعمل على تحقيق الأهداف، جميل أن نشجع الطلاب على أن يكون لديهم أهدافا يسعوا إليها ويحققوها أن نحدثهم عن النشوة عند الوصول لحلم طال انتظار تحقيقه، أتحدث فقط عن الذين لم يجتهدوا فيها من الأساس ومع ذلك يتفاخرون بها ويشجعهم الآخرون على هذا التفاخر في موقف غاية في الغرابة.
ليست لدي مشكلة في تقديم الدعم المعنوي والنفسي للطلاب ومساعدتهم على تجاوز هذه المرحلة المهمة في حياتهم ولكن بتشجيعهم على الاجتهاد أكثر وعلى المحاولة مرات عديدة، مساعدتهم على اكتشاف مواطن القوة داخلهم ومواهبهم المدفونة، لا نريدهم كلهم أطباء ومهندسين فليكونوا فنانين ومبدعين في أي مجال يختارونه، صحيح الثانوية العامة لا تحدد مستقبلك الأسطورة في مصر تقول أن لا أحدا يعمل بما درسه سواء بإرادته أو أجبرته ظروفه على ذلك ولكن الخطوة الأولى تكون في تعلم تحمل المسؤولية وتجاوز الثانوية العامة بشرف الواثق من نفسه لأنه اجتهد بكل طاقته.