ما كل هذا الصدق والإحساس في كليب “عكس اللي شايفينها” للمطربة اليسا والمخرجة إنجي جمال، الكليب لم يخرج كتحصيل حاصل كما هو معتاد لتصوير أغنية ناجحة سيشاهدها الجمهور خلال عدة دقائق، لكن بدى أن هناك إهتماما من المطربة والمخرجة وفريق العمل للبحث عن قصة تناسب الأغنية وتكون غير تقليدية ولذلك كانت المفاجأة إختيار “سيرة ذاتية” للراقصة اللبنانية التي ظهرت في التسعينيات “داني بسترس” وأنتهت حياتها المأساوية بالإنتحار ولذلك كانت قريبة دراميا من قصة الأغنية والتي أيضا تقترب من حياة الكثير من النساء الشهيرات اللاتي عشن حياة درامية وأنتهت بمآسي على رأسهن داليدا صاحبة الحياة الدرامية الأشهر بين الفنانات والتي شبهت “داني”حياتها بها لأصدقاءها المقربين قبل إنتحارها!
المخرجة بدأت بشكل غير معتاد بعيدا عن الموسيقى والرقص مثل أي كليب وكأنك تشاهد بداية فيلم سينمائي مع حوار ومشهد تمثيلي وهو تمهيد ذكي وجيد للكليب من إنجي جمال، والتي أيضا نجحت في تلخيص القصة بسيناريو جيد في نحو ست دقائق وكان مشهد البداية أقوى مشاهد الكليب في التصوير والتمثيل ، ثم مشاهد “معتادة” بعد ذلك ليعود المستوى الفني ويرتفع مع مشهد إنهيار البطلة بعد موت الابن، والمفاجأة الأداء التمثيلي للمطربة وهو من أفضل كليبات اليسا ونجح في إعادة إكتشاف الأغنية من جديد للجمهور والفرصة أمام المخرجة الأن لصناعة فيلم سينمائي حول نفس الشخصية.
قبل ظهور الكليب لمست الأغنية قبل نحو عام والتي كتب كلماتها أمير طعيمه ولحنها وليد سعد مشاعر الكثير من النساء فجمعت بين جمال وعمق معاني الكلمات وجمال اللحن مع إحساس صادق للمطربة والتي تجيد اختيار أغنياتها وأيضا العمل عليها في اللحن والكتابة لفترة طويلة حتى تخرج للجمهور فكانت من أنجح أغنيات الألبوم عن جدارة، بعد أن روت واقع الكثير من النساء بصفة عامة والنجمات بصفة “خاصة” بعد أن لمست مشاعرهن “المتعبة” وكيف ينظر الآخرون لهن، لذلك كان التأثير السريع والقوي للأغنية على الجميع بالشكل الذي شاهدناه فتجد الكثيرات صرحن أن الأغنية تعبر عن حالهن.
وهي ليست المرة الأولى التي تجد النساء أنفسهن بطلات لأغاني “اليسا” فكثيرا ما آلامتهم بأغنياتها والتي تعكس صدمة أو جرح ما وجاءت “عكس اللي شايفنيها” لتتفوق على جميع أغنيات اليسا السابقة المشابهة لنفس الحالة.
إعادة الروح
الكليب ربما يعيد الحياة والحماس من جديد لدى المطربين والمخرجين للعمل بشكل أكثر إجتهادا على أفكار جديدة لصناعة الكليبات والتي تراجعت بشدة في العشر سنوات الأخيرة نظرا لارتفاع تكلفتها وعدم وجود ممولين مثل الماضي وباتت أغلبية الكليبات التي تظهر لصغار المطربين وتكون عادة بميزانيات محدودة جدا ومكررة الأفكار ومبتذلة!
والمفترض أن الكليب مشروع متكامل به مضمون يتناسب مع المفهوم الدرامي للأغنية، وهناك سيناريو يحمل وجهة نظر خاصة يلتقي فيها صناعه، فقط الاختلاف بين الفيديو كليب والأفلام السينمائية هو الفترة التي يستغرقها كل منهما، وأحياناً تصل تكلفة الكليب إلى تكلفة فيلم سينمائي لذلك أغلب ما نشاهده منذ عدة سنوات بعيد تماما عن هذا المفهوم الفني.
وتعتبر فترة نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة هي الأفضل في صناعة الفيديو كليب وتم إستقطاب مخرجي السينما لهذا العالم وبالفعل شاهدنا أسماء كبيرة من مخرجي السينما اقدمت على إخراج الكليبات وحققوا طفرة في عالم الكليبات ولكن ارتفاع التكلفة وقلة العائد كان سبب رئيسي لتراجع هذه الصناعة وإبتعاد الأسماء الكبيرة والاكتفاء بالانتاج الجيد لعدد محدود جدا من كبار المطربين وأحيانا كثيرة تكون النتيجة لا ترقى لمستوى أسم المطرب.