شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، على مدار الساعات الأخيرة، حالة من الانقسام في الآراء المُتعلقة بعمل لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، داخل محطة “الشهداء” بمترو الأنفاق، حيث أشاد البعض بهذه الفكرة، لمَ لها من أهمية كبيرة لاسيما في الفترة الحالية التي تسعى فيها الجماعات الإرهابية للسيطرة على عقول الشباب، بينما وجه البعض الآخر انتقادات لاذعة ممزوجة بالسخرية.
ما بين نظرات إعجاب ودهشة، من قِبل ركاب مترو الإنفاق، يجلس شيخان داخل “كُشك” على مسافة قصيرة من شباك تذاكر محطة “الشهداء”، لا تتجاوز مساحته ثلاثة أمتار، يُقدمان خدماتهما، للراغبين في عرض مشاكلهم، والحصول على حلول لها دون مُخالفة الشرع.
رفض أحمد رمزي، الواعظ بمنطقة الوعظ بالقاهرة، وأحد الشيوخ المتواجدين داخل مقر “لجنة الفتوى”، التي تضم أربعة مقاعد ومكتب صغير ومروحة، وصفها بـ”الكُشك”، حيث إن المُسمى الحقيقي لهذا المكان هو “المقر”، موضحًا أن المساحة والمنظر العام، ليس أمرًا مُزعجًا لأحد، حتى وإن اكتفى الأمر بوجود منضدة فقط، حيث إن الدور الحقيقي للجنة هو الرد على الشبهات والأفكار المغلوطة المُتعمقة داخل عقول الشباب، لاسيما في ظل الظروف الراهنة التي تواجهها مصر.
من جانبه، أوضح الشيخ سيد توفيق عبد العظيم، مدير توجيه وعظ القاهرة، والمُشرف على “لجنة الفتوى”، أن تكلفة هذا المكان وصلت إلى 25 ألف جنيها، والتي تحملتها هيئة مترو الأنفاق، مؤكدًا أن فكرة تواجد اللجان في الأماكن العامة قد تشهد توسعًا خلال الفترة المُقبلة، وفقًا للخطط الموضوعة من قِبل مجمع البحوث الإسلامية و”المترو”، الأمر الذي يُساهم في تبسيط الأمور للمواطنين.
قال “توفيق” في تصريحات لـ”إعلام دوت أورج“، اليوم الثلاثاء، إن اللجنة تضم 25 واعظًا تقريبًا، ويباشرون عملهم بالتناوب على مدار الأسبوع ما عدا يوم الجمعة، حيث إن العمل يوميًا يتم على فترتين، إحداهما تبدأ من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الثانية ظهرًا، بينما الفترة الثانية تكون من الثانية ظهرًا وحتى التاسعة مساءً، وكل فترة تضم واعظين اثنين فقط، مُشيرًا إلى أن اختيار هذه المجموعة، جاء بناءً على تكليف من الدكتور سعيد عامر الأمين العام المساعد بـ”البحوث الإسلامية” الذي يُتابع العمل طول الوقت.
أضاف أن وجود “لجنة الفتوى” داخل المترو، نالت إعجاب شديد من المواطنين، حيث ساهم ذلك في توفير الوقت عليهم وطرح اسئلتهم في أي وقت، موضحًا أن الفترة الصباحية قد تُسجل مِئة زيارة يوميًا، فالغالبية العظمى من الحالات تسعى إلى إيجاد فتاوى مُتعلقة بالقروض البنكية، والتأمين على الحياة، والأحوال الشخصية لاسيما الطلاق، فضلًا عن الأفكار المغلوطة مثل الإلحاد والانتحار، مُشيرا إلى أن اللجنة لم تضع عوائق أمام المواطنين، فتستقبل المُسلم وغير المسلم، الكبير والصغير.
أوضح المُشرف على “لجنة الفتوى” أن الواعظ يُسجل اسم الشخص الراغب في طرح سؤال، فضلًا عن رقم هويته الشخصية، ورقم الهاتف المحمول، ويكون ذلك بهدف التواصل به في حال وجود آراء آخرى للفتوى نفسها، مُشيرًا إلى أن مجمع البحوث الإسلامية يُعد الجهة المُختصة عن ذلك، مؤكدًا عدم وجود مدة محددة لاستضافة الشخص، بينما قد يواجه الواعظ نماذج نسائية تقطع وقتًا طويلًا في طرح مشكلتها، إلا أنه يضطر في هذه الحالة الإجابة عليها بشكل سريع، منعًا لازدحام المواطنين أمام المقر.
أكد أن الهدف الرئيسي من هذه اللجنة، هو توصيل الفكر الأزهري الوسطي إلى المواطنين، وتصحيح الأمور المغلوطة لهم، والمُساهمة في مواجهة الإرهاب والأفكار المُتطرفة، فضلًا عن تفعيل دور الأزهر الحقيقي، وأن يدرك المواطنون أهمية هذه المؤسسة الموجودة بينهم ليلًا ونهارًا سواء في الفضائيات أو “المترو” أو مراكز الشباب أو المقاهي فضلًا عن قطاعات الأمن المركزي.
علق “توفيق” على الانتقادات الموجهة إليهم على مدار الساعات الأخيرة، قائلًا إن السعي نحو إيضاح الأمور للمواطنين وتوصيل المفهوم الصحيح لهم، لا يستدعى كل هذه الانتقادات، موضحًا أن العِلم والعالِم ليس لهما مكان أو زمان، فضلًا عن أن “البحوث الإسلامية” هو الجهة المُختصة بالإفتاء، موجهًا رسالة للمُهاجمين بقوله: “لو أنت فاهم صح انزل على أرض الواقع وورينا نفسك”.