درسنا ونحن طلبة في كلية الإعلام مادة نظريات الإعلام التي تعتبر من المواد الأساسية، وحينما أستعيد ذكريات الجامعة يستوقفني أمران، الأمر الأول هو غياب الإسهام العربي في مجال نظريات الإعلام غياباً كاملاً فلا توجد نظرية إعلامية عربية واحدة متكاملة حتى الآن، والأمر الثاني هذا الإفتتان الشديد الذي يصل إلى حد التقديس لهذه النظريات، فإذا قام الباحث بإجراء بحث ما فيجب عليه أن يلتزم بفروض النظرية التزاماً كاملاً وكأنها نص مقدس ومنزل من السماء.
وإذا قمنا بنظرة سريعة على الإنتاج العلمي في حقل الدراسات الإعلامية سنجد مجموعة من النظريات هي الأكثر دوراناً في أغلب الدراسات العلمية مثل: نظرية حارس البوابة، نظرية الأجندة – تحديد الأولويات – ونظرية الإستخدامات والإشباعات -التي قتلت بحثا – وقد توصل أحد الباحثين من خلال دراسة عن أكثر النظريات المستخدمة كإطار نظري في البحوث الإعلامية العربية إلى أن هذه النظرية هي أكثر النظريات استخدامًا في البحوث الإعلامية.
وحينما أجريت حواراً تليفزيونياً مع أحد أساتذة الإعلام المرموقين سألته لماذا لا نملك حتى الآن نظرية إعلامية عربية متكاملة؟ كان رده: (أننا حديثو عهد بعلم الإتصال والوصول إلى مستوى النظرية في أي علم من العلوم يتطلب قدرًا كبير من التراكم المعرفي، وهذا لم يتوفر لدينا بعد).
وأضاف قائلاً: (إن الانسان هو الإنسان في أي مكان على الأرض فالعلم لا وطن له، وأن مجال الإعلام ليس وحده هو المتأثر بالنظريات الغربية، انظر حولك فكافة العلوم نظرياتها الأساسية غربية نحن نستهلك كل شيء ولاننتج شيئا).
وحينما قاطعته سائلاً: أن هذا الكلام يمكن أن ينسحب على العلوم غير الإجتماعية التي لا تتصل بالإنسان والإعلام ينتمي لهذه العلوم، فالظروف الإجتماعية والثقافية التي تحيط بالإنسان تختلف من مجتمع لآخر، رد مؤكداً على ضرورة الإنفتاح وعدم الإنغلاق على الذات!!، ويبدو في رأيي أننا منفتحون جداً فلو انغلقنا على أنفسنا – بالمعنى الإيجابى – عاما واحدا فقط – لأنتجنا إنتاجا معرفيا يليق بحضارتنا العربية، لا يمكن بالطبع أن ندعو إلى القطيعة المعرفية وعدم التواصل مع المنجز العلمي الغربي، ولكن ما نقوم به هو نوع من التلقي دون وعي وليس التواصل، وللأسف يكون التلقي سلبيًا دون إضافة و لا أعرف هل ينطوي كلام أستاذ الإعلام على عدم تقدير للذات وعدم فهم لقدراتنا وامكاناتنا العقلية، و السؤال الذي نطرحه على علماء الإتصال في عالمنا العربي:
هل تنطبق النظريات والافتراضات الإعلامية التي توصل اليها الباحثون في المجتمعات الغربية على كل المجتمعات الأخرى؟
فهذه النظريات نشأت بعقول أجنبية وفي ظروف معينة ونتيجة ملاحظات على جمهور مختلف عن جمهورنا، ولمطالب غير مطالبنا، واحتياجات إعلامية مختلفة، ولا يكمن الخطأ في اتباعنا الأعمي للنظريات الغربية دون نقد أو اختبار لها، فهناك أخطاء أخري حتي في تطبيق هذه النظريات الغربية المستوردة، منها مثلا وجود هوة زمنية كبيرة بين توقيت ظهور هذه النظريات وتطبيقها في مجتمعاتها، وبين توقيت وصولها إلينا وتطبيقها عندنا، حتي أنه في بعض الأحيان تكون صلاحية هذه النظريات قد انتهت في مجتمعاتها، ونحن ما نزال نجترها ونجربها هنا. ونحييها بعد موتها في أبحاثنا!!
وتحذر أستاذتنا عواطف عبد الرحمن من سعي أغلب الباحثين الإعلاميين إلى استخدام الأساليب الكمية، وعزل الإعلام عن الأحداث والظروف التي شكلت أسبابه وحددت ماهيته، فيتم إغفال السياقات الإجتماعية والثقافية الأشمل التي تتحرك بداخلها الظواهر الإعلامية وتتفاعل معها سلبا أو إيجابا ، إذ شغل القياس الكمي بالأرقام والاحصائيات -برأينا- للظواهر الإعلامية مكان الأولوية لإهتمامات الباحثين على حساب الإهتمام بالسياق العام والأبعاد الإجتماعية والتاريخية لهذه الظواهر، والتي بدراستها نصل لفهم أعمق للعلاقة بين الإعلام والمجتمع.
وأتصور أن أفضل طريق لكي يكون لدينا نظريات عربية في كافة العلوم تنبع من عقول أبنائنا وملاحظاتهم، هي أن نهتم بتشكيل العقلية العلمية عند الطلاب منذ بواكير مراحلهم الدراسية، فمادة البحث العلمي لا يتم تدريسها إلا في السنوات الأخيرة من التعليم الجامعي، وبشكل جاف يجعلها عند الكثير من الطلاب أثقل المواد علي قلوبهم، وهم معذورون في ذلك، لأنه من المفترض قبل أن أعلمه وأغرقه في أدوات البحث ومناهجه ونظرياته في الجامعة أن أعلمه أولا في المراحل السابقة ما هو التفكير العلمي، وما هي أسسه وفوائده في حياتنا بشكل عام ، والآراء المتنوعة حوله، ثم بعد ذلك أتدرج معه في النظريات والمناهج حتي يحسن تطبيقها في عمله وفي طريقة تفكيره.
لأستاذ الفلسفة الراحل العظيم فؤاد زكريا كتاب بعنوان (التفكير العلمي) لا نلتفت إليه كثيرا، لو تم تدريسه لطلابنا لاختلف حالنا اليوم، وما كنّا نرى هذا القدر المخيف من العشوائية والتخبط ليس فقط في مجال الإعلام وإنما في كافة مناحي الحياة.
اقرأ أيضاً:
صحفي يتهم “الحياة” بسرقة “مذيع العرب”
السبكي لوزير الثقافة: عايز أعمل أفلام وطنية
توكل كرمان تتفوق على نوال السعداوي .. كيف “سهلتها” CNN ؟
وفاة أحد أعضاء كورال وائل جسار على المسرح
عمرو اديب يدعو مستثمري قطر لعدم المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ
أماني ضرغام مستشارة إعلامية لوزير التعليم
القرموطي يرفع – مضطراً – إشارة رابعة
وزير الثقافة يرفض مصادرة كتب الإخوان
“الكومنت الفشيخ” ..حيث التعليق أكثر جماهيرية من الخبر
كيف مهد إيهاب طلعت الطريق لعودة البيت بيتك؟
ديلي ميل تشرح بالصور قصة فيلم الأهرامات الإباحي
القائمة الكاملة لبرامج قناة TeN
أحمد بهجت ينفى خلافات دريم ومنى سلمان
أحلام للغيطي : خد 2 مليون جنيه صدقة
جيهان منصور: تلقيت عرضاً لدخول البرلمان
محمود سعد : الهضبة والكينج وأنغام سفراء للإسلام
بلاغ يطالب النائب العام بالتحقيق مع لميس والابراشي واديب وموسى وبكري بتهمة الخيانة العظمى
وفاة أحمد عبد الحليم مراسل العاشرة مساء
وصية عبد الرحمن الأبنودي : لا تلفوني في علم
تفاصيل مشروع بـ12 مليار دولار يكشفها شريف عامر
تابعونا عبر تويتر من هنا
تابعونا عبر الفيس بوك من هنا