بالمستندات: محكمة أمريكية تلاحق وزيرًا قطريًا!

لم يستمر طويلاً ذلك التفاؤل الذي زامَن أداء الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، اليمين القانونية بتاريخ 26 يونيو 2013، كرئيس لمجلس الوزراء، إيذانًا باهتمام أكبر بالشأن الداخلي، فسرعان ما تبدّد التفاؤل في غضون بضعة أشهر؛ فقد أصبح واضحًا أن الرجل غير قادر على كبح جماح الفساد، ولا يستطيع أن يرسم خطوطًا حمراء لا يجب أن يتجاوزها أعضاء العائلة الحاكمة المتنفذين في دوائر السلطة، ومن ذلك -على سبيل المثال لا الحصر – الإبقاء على بعض المسؤولين في مناصبهم لاعتبارات عائلية؛ لا لشيء إلا كونهم، مثل رئيس الوزراء، من أصحاب السعادة آل ثاني.

حدث ذلك في هيئة الأشغال العامة عقب الخسائر الكارثية المترتبة على إخفاق منظومة مصافي صرف الأمطار بمشروع طريق سلوى وغرق أنفاقه في أبريل 2014 لإهمال المسؤول الأول بالهيئة، آنذاك، في إجراء الاختبارات اللازمة للطريق قبل تشغيله، وتكرر ذلك بالإبقاء على مسؤولي مطار حمد الدولي في أحداث مشابهة خلال شتاء 2015 الذي شهد غرق منشآته الجديدة وتضررها بفعل مياه الأمطار.

ويتتبع هذا التقرير مثالاً صارخًا عابرًا للحدود على إساءة استغلال السلطة والنفوذ في قطر، على امتداد نحو ثلاث سنوات ونصف السنة من إهدار الحقوق المالية وحقوق الملكية الفكرية لمستثمرين أجانب على يدي الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، وزير الاقتصاد والتجارة الحالي، وكان محاميان عاملان بدائرة محكمة مقاطعة مريلاند الأمريكية، رفضا ذكر اسميهما، قد أكدا أنه لا مانع في قطر من أن يكون حاميها أبرز منتفعيها.

فقد طالبت مجموعة فنادق أمريكية شهيرة المحكمة بإصدار حكم لصالحها بالتعويض عن الأضرار المادية التي لحقت بها وإلزام المدعي عليهما أحمد بن جاسم آل ثاني، وشخص آخر يدعى خالد بدرية، برد ما حققاه من أرباح طوال فترة انتهاكهما لحقوق المجموعة، وإلزامهما بأتعاب المحاماة دون الإخلال بأية تعويضات أخرى تراها المحكمة عن انتهاك المدعي عليهما للعلامات التجارية، وإخلالهما بمبادئ المنافسة الشريفة بموجب قانون لانهام الفيدرالي لسنة 1946، والقوانين السارية في مريلاند والقانون العام. فكم تبلغ خسائر قطاع السياحة والضيافة في قطر، إذا صدر حكم بهذا الأثر؟ وما هو مصير الجهود التي تبذلها الحكومة لتنشيط السياحة والاعتماد على موارد دخل غير نفطية؟

تعود تفاصيل الدعوى رقم 1:15-CV-01765-JFM التي تنظرها المحكمة إلى مطلع مارس 2008، عندما أبرم عقد إدارة بين مجموعة فنادق أمريكية من جهة وبين الشيخ أحمد آل ثاني بصفته مالك ورئيس مجلس إدارة إحدى الشركات القطرية المتخصصة في مجال تشغيل الفنادق، من جهة أخرى. وأدت المجموعة الأمريكية التزاماتها كافة بموجب العقد على النحو المتوقع من إحدى كبري الشركات التي تعمل بصناعة الضيافة وإدارة الفنادق على المستوى الدولي، مقابل أتعاب تدفعها الشركة القطرية لصالح المجموعة الأمريكية.

 

لكن الشركة القطرية توقفت، بدون إشعار مسبق، عن السداد دون إبداء أسباب في مايو 2013، وكانت فاتورة مايو 2013 مستحقة الدفع في 30 يونيو 2013، أي بعد 4 أيام فقط من تسلم الشيخ أحمد آل ثاني حقيبة الاقتصاد والتجارة في أول حكومة يأمر بتشكيلها الأمير تميم بن حمد آل ثاني عقب توليه الحكم، وانطلاقًا من حرص مجموعة الفنادق الأمريكية على تشجيع شركائها، فقد استمرت في تنفيذ التزاماتها دون توقف.

وبمرور الوقت، لجأت الشركة القطرية للمماطلة والتسويف وأصبح استعدادها للسداد مشروطًا بمنح الشيخ ومسؤول التشغيل بالشركة القطرية امتيازات مالية ليس لها ما يبررها، وأبدت الشركة القطرية لمجموعة الفنادق الأمريكية أنها غير ملزمة بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية أو شروط وأحكام الترخيص للفندق القطري باستخدام العلامات التجارية العائدة للمجموعة. وبحلول 30 يونيو 2016، وبدلاً من السداد، قام خالد بدرية مسؤول التشغيل بالشركة القطرية بإبلاغ المجموعة الأمريكية بأن قطر بأكملها ملكية حصرية لآل ثاني وأن شروط وأحكام الاتفاقيات والعقود ليس لها إلا المعنى الذي يحدده الشيخ بحكم انتمائه للعائلة الحاكمة، وأضاف أن آل ثاني يمتلكون موارد الدولة كافة في قطر، وكأن الانتماء للعائلة الحاكمة يكفي كمبرر للاستمرار في سرقة العلامات التجارية للغير وجني الأرباح دون وجه حق عن طريق استغلال ما تتمتع به مجموعة الفنادق الأمريكية من سمعة مرموقة على المستوى الدولي والاحتيال على الزبائن بوجه عام، والزبائن الذين يحجزون من الولايات المتحدة بصفة خاصة، والتربح من الثقة التي يوليها الزبائن للعلامات التجارية التي تخص مجموعة جراند هيرتدج الفندقية.

 

 

وبدورها، قامت مجموعة الفنادق الأمريكية بإنهاء العقد، انهاءً مسببًا، وإلغاء التراخيص ذات الصلة اعتبارا من مايو 2014، ولكن بالرغم من مطالبة الشركة القطرية بالتوقف عن استخدام العلامات التجارية للمجموعة الأمريكية إلا أن الفندق الذي تمتلكه شركة الوزير ظل يستغل العلامات التجارية المسجلة عالميا باسم مجموعة فنادق جراند هيرتدج دون وجه حق وبدون ترخيص حتى 1 مايو 2016، وعندما أبلغه بعض المقربين بأن القضاء الأمريكي لا يعرف المزاح، وجه الوزير الشركة التي يمتلكها بتغيير اسم الفندق الى فندق جراند دوحة وسبا على بعض مواقع الإنترنت المتخصصة في الحجوزات الفندقية، مع حذف كلمة هيرتدج فقط، لتستمر الشركة في تضليل الزبائن للإيهام بتبعية فندقهم في الدوحة لمجموعة الفنادق الأمريكية الشاكية، وعندما لجأت المجموعة الأمريكية الشاكية للتحكيم ضد الشركة القطرية أمام الهيئة المختصة بغرفة التجارة الدولية، بهدف تحصيل متأخرات الأتعاب ومنع الشركة القطرية من الاستمرار في استغلال العلامات التجارية التي تعد ملكية فكرية خالصة لمجموعة فنادق جراند هيرتدج، رفض الوزير والشركة القطرية المثول أمام هيئة التحكيم ورفض استلام ما يتعلق بالتحكيم من إخطارات رسمية. واستمرت الشركة القطرية في استغلال علامات جراند هيرتدج التجارية من خلال مواقع الإنترنت المستخدمة في حجز الغرف والأجنحة الفندقية والتي يمكن الوصول إليها من مريلاند ومناطق أخرى من العالم، يذكر أن الشركة القطرية قامت مؤخرًا بتغيير اسم الفندق مرة أخرى فأصبح موفنبيك العزيزية، الدوحة.

وعندما قامت مجموعة الفنادق الأمريكية الشاكية بالاتصال بمواقع الحجز الفندقي مطالبة إياهم بازالة الفندق المخالف جراند هيرتدج الدوحة، جاء رد بعض المواقع ليكشف عن إمعان الوزير في استغلال نفوذه؛ فقد رفضت بعض المواقع إزالة الفندق المخالف استنادًا لشهادة رسمية صادرة عن إدارة التسجيل والتراخيص التجارية التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة في قطر، تخول الفندق الحق في استغلال العلامات التجارية لمجموعة فنادق جراند هيرتدج، بموجب ترخيص تجاري صادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة تم إرساله لمواقع الحجوزات الفندقية باللغتين العربية والإنجليزية.

من المعروف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أبرز رجال صناعة الضيافة الفندقية على مستوى الولايات المتحدة، بل أنه كوّن معظم ثروته من العمل بهذا القطاع، ترى كيف يكون رد فعل الرئيس ترامب على مثل هذه التصرفات القطرية؟