صدر حديثا للقاص شريف عبد المجيد، المجموعة القصصية “صولو الخليفة”، عن دار “بدائل للنشر والتوزيع، والتي تتضمن 16 قصة قصيرة منقسمة إلى قسمين، يدور أولهما عن منطقة “الخليفة” بمصر القديمة، والتي ولد وعاش بها ما يزيد عن 30 عاما، والقسم الثاني يتمحور حول فكرة “before and after”، وأثر العولمة والتكنولوجيا الحديثة على المجتمع المصري.
إعلام دوت أورج، ينفرد بنشر إحدى قصص هذه المجموعة حصريا، والتي كتبها “عبد المجيد” بعنوان “قبل وبعد”، وذلك فيما يلي:
“تنظر أمل إلى نفسها فى المرآة لمرة جديدة، وتتأكد من العيب الموجود بوجهها، هذا العيب الذى ينغص عليها حياتها، كانت من أجمل فتيات الجامعة وتغزّل الجميع فى جمال عينيها الرائعتين والتى تشبه عينيْ “نفرتيتي”، تلك العينين الواسعتين المتكحلتين بكحل طبيعي وبأهدابهما الطويلة الحادة، أما وجهها فهو وجه مضيء كما قالوا لها كثيرًا، وجه قمحاوي يميل للسمرة، وشبهها الجميع بالفنانة مديحة يسري، لولا أنفها الذي تظنه كبيرًا، كان ذلك الأنف تحديدًا هو السبب الوحيد فى مشاكلها الأخيرة مع زوجها الذى يصر هو وولداها الاثنان أنه أنف جميل، بينما ترى هي أن ذلك الأنف كبير جدًّا لدرجة لا يتصورها عقل.
نرشح لك: 11 تصريحًا لـ شريف عبد المجيد.. أبرزها عن “صولو الخليفة”
ذكرت لها صديقة قديمة منذ أيام ثانوى نكتة عن رجل يتعاطى المخدرات ثم تعاطى بعدها برشامًا هيأ له أن أنفه كانت تكبر بشكل متسارع، فترك زملاءه وخرج فى الهواء الطلق، وعندما وجد عربة كبيرة بمقطورة متجهة ناحيته، أدار وجهه سريعًا قبل أن تحدث الكارثة وتصطدم العربة بأنفه، كانت هذه النكتة هي القشة التى قسمت ظهر البعير، خاصة بعدما حدث لها من مشاكل فى عملها عندما قالت لها زميلة فى العمل: مناخيرك كبيرة، وهو ما جعلها تترك عملها وتتقوقع فى بيتها، بينما زوجها الذى صار رجل أعمال يكسب الملايين فى كل عام، كان يراها أجمل سيدة فى الكون، ولكنها تشعر بأنه يجاملها ولا يريدها أن تحزن بسبب ذلك الأنف، وكانت تحب كل الأفلام السينمائية وتكره فيلمًا واحدًا أكثر من أى شيء فى العالم وهو فيلم أنف وثلاث عيون.
لهذا قررت فى النهاية أن تصغّر أنفها.
الزوج
كانت حياته مع زوجته كأنها قصة كتبت فى أحد الكتب، سعادة مثالية كما يشرحها مدربو التنمية البشرية للناس الذين يعانون الاكتئاب، ولد وبنت وزوجة جميلة، عمل يدر أرباحًا خيالية، لا توجد فى السجل المرضي للعائلة أمراضا خطيرة لولا ذلك الوهم بالجمال المثالي لزوجته، رغم أنه يحبها ويحب أنفها الذى لم يعقه أبدًا فى أن يراها امرأة جميلة، ولا يعرف كيف يقنعها بأنها جميلة وتعيش حياة يحسدها عليها الجميع.
الزوجة
أطلعها الطبيب على العديد من الأفلام الوثائقية بعنوان “قبل وبعد”، وفى هذه الأفلام نجد شخصيات تعاني في حياتها بسبب أنفهم الكبير، وسعادتهم بعد إجراء العملية، وأخبرها فى جلسات أخرى أن عمليات التجميل صارت تجرى فى كل العالم بمنتهى السلاسة والبساطة، وهي أكثر العمليات التى يجريها الإنسان فى العصر الحديث.
وفى الجلسة الأخيرة قبل إجراء العملية كان الطبيب قد جعلها تشاهد فيلمًا “ثرى دى” عن حياة بعض الأشخاص قبل وبعد التخسيس، أو عمل البوتكس، أو الفيلر، أو كل عملية فى أنفهم أو شفاههم، وأخبرها أن ذلك يعزز ثقة الفرد بذاته فى مجتمع يعد المظهر فيه شيئًا هامًّا جدًّا، وكل عمليات الأنف هي لتصغير عظمة الأنف أو إزالة بعض الغضاريف، وهي امرأة جميلة يجب أن تثق بنفسها.
الزوجة
كانت الزوجة تشعر بالفعل بأنها جميلة، لكن لا أحد يعرف أنها تقترب من الأربعين، ورأى زوجها وقد صار المال فى يديه لا حدَّ له، وأصبح مليونيرًا، ويقابل العديد من النساء فى العمل، وفي عقد الصفقات، وأصبح مطمعًا للنساء، وهي لا تريد أن يتزوج عليها مثلما فعل أبوها من قبل، وتعذبت وهي تراه يعيش مع زوجة أخرى غير أمها، لا تريد أن ترى ذلك يتكرر مع ابنتها وستكون هذه العملية آخر عملية تجريها بعد تركيبها للشعر المستعار والحواجب وتكبير الشفاه والمؤخرة والصدر وربما فقط ستغير لون عينيها، زوجها يقول لها دائمًا إنها جميلة وأنه مكتفٍ بها عن نساء العالم، وهذا ما يخيفها منه ربما لو انتقدها لشعرت ناحيته بالأمان، فمعنى أنه لا ينتقدها أنه لا يراها من الأساس.
الطبيب
بدأ حياته فى حي “شبرا” كطالب ناجح ومجتهد في مدرسة حكومية، كان يرغب في أن يتخصص فى علاجات التجميل لمصابي الحروب كما كان يحلم والده، ولكنه بعد التخرج وجد العمل فى مراكز التجميل يجعله يتعرف على الطبقات الغنية والممثلين وزوجات رجال الأعمال، وانخرط فى نمط حياة يشبه حياتهم، وربما نسي السبب الذي دخل من أجله كلية الطب.
الزوجة
نجحت العملية كما كان يتوقع الجميع، ولكن خطأً بسيط وقع فيه الطبيب جعل حياة الزوجة تتحول إلى جحيم، فقد أدت العملية لتثبيت عضلة الوجه، ما جعل الزوجة غير قادرة على الابتسام بسبب شلل فى عضلات الوجه، وهو ما جعلها ترفع قضية على الطبيب تتهمه فيها بالإهمال الجسيم، فالعملية بسيطة وهي أكثر عمليات التجميل شيوعًا فى العصر الحديث، ولكنها بدلًا من أن تغيّر حياتها للأفضل جعلت حياتها الزوجية تنهار.
الزوج
كرجل يتعامل مع الصفقات بعقلية عملية لم يُضع وقتًا، فقد ترك لزوجته الفيلا وشقة فى الساحل ونصف مليون في البنك، وتزوج من مديرة أعماله، أو بالأحرى أعلن زواجه العرفي منها، وأصبحت تلك السيدة التى تعرف أربع لغات وتساعده فى عمله هي زوجته التى يستطيع تقديمها للأوساط الراقية”.