عشنا في زمن يطلقون فيه على ممثل “نجم مصر الأول” وعلى فنانة “نجمة مصر الأولى” حتى وصلنا إلى “حرامى مصر الأول”، كان زميلنا محمد فايد قد أشار أمس على صفحات “المصرى اليوم” إلى صاحب هذا اللقب.
هل علي عفيفي حقا جدير بأن يحتل تلك القمة “حرامى مصر الأول”، أم أنه “خايب مصر الأول”، الرجل بعد قصة كفاح طويلة عمرها تجاوز ربع قرن أنجز خلالها 6 آلاف عملية سرقة، بدأت برغيف عيش وانتهت إلى سوبر ماركت، الحصيلة كلها مليون جنيه، أي أن دخله السنوي بعد كل هذا النضال 40 ألف جنيه، وفي الشهر قرابة 3500، ورغم ذلك كان يتعاطى الحشيش ويلعب القمار، كيف استطاع عفيفي أن يعيش الحياة بكل أطيافها، بهذا المبلغ الزهيد، حتى استيقظ ضميره فجأة وقطع يده اليمني بأن وضعها تحت عربات القطار، فاكتشف أن اليسرى لم تتوقف فتخلص منها أيضا بذات الطريقة.
كان قد اخترع أساليب عصرية في ممارسة المهنة، والدليل أن أجهزة الشرطة عجزت 25 عاما عن القبض عليه متلبسا، نتابع الآن من سرقوا المليارات والدولة تسارع بالتصالح معهم بعد أن تحصل على فتات، ولم يفكر أحد، لا أقول في إقامة الحد الشرعى، ولكن فقط إعمال القانون، بل إن بعض كبار اللصوص بدأوا في استئجار من هم منوط بهم تبييض وجوههم استعدادا للعودة القريبة للحياة الاجتماعية والسياسية.
“خايب مصر الأول” كل أمله الحصول على إعانة شهرية من الدولة تمكنه من الحياة والزواج، فهو لم يعد قادرا على ممارسة أى مهنة شريفة أو غير شريفة.
الرجل يريد أيضا أن يدخل موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية، كظاهرة مصرية لا مثيل لها فى العالم وهو يستحق، بل أزيدكم من الشعر بيتا وأقول إنه جدير بأن تستلهم حياته في عمل فني، فهو أهم من السفاح محمود أمين الذى خلده نجيب محفوظ في “اللص والكلاب”، عندما أحاله إلى سعيد مهران، الذى وقع ضحية خداع المثقفين، قيمة رواية محفوظ التى قدمها المخرج كمال الشيخ في فيلم عظيم لعب بطولته شكري سرحان وشادية وكمال الشناوي، حيث تم التحليل اجتماعيا وسياسيا ونفسيا لشخصية السفاح التي تعاطفنا معها، بقدر ما كرهنا المثقف، فهو السفاح الحقيقي الذى لم تصل إليه يد العدالة.
عفيفي ضحية تفشى ثقافة دينية رجعية أقنعته بإقامة الحد الشرعي بقطع اليدين، ولم يدرك أن الشريعة تشترط ألا يكون هناك عوز، قالها أبوذر الغفارى: “عجبت لرجل لم يجد قوت يومه ولم يخرج على الناس شاهرا سيفه”، أي أن الصحابي الجليل حلل أيضا ترويع الآمنين وسرقتهم في حالة القحط، بينما سجل عفيفي يخلو تماما من ممارسة أي عنف.
من الممكن صناعة يد لعفيفي تكتسب مع الزمن مهارة جديدة، فهي ستتلقي إشارات من المخ، وقد يتعلم حرفة، نجار سباك نقاش، ولكن دعونا نفترض أن إشارات المخ تكررت لليد الصناعية وأجبرتها على السرقة، في هذه الحالة يقيم الحد على نفسه مجددا والأمر سهل جدا لا عنف ولا دماء ولا عجلات قطار فقط يستبدل الطرف الصناعي بآخر، وربما يرسل له المخ إشارة بتغيير طبيعة المهنة ويبدأ في كتابة عمود صحفي هنا فى (المصري اليوم)، المشكلة التى ستواجه زميلنا الجديد عفيفي أن الصحافة لم تعد «تأكّل عيش»!!.