لماذا يكره البابا «twitter»؟

نقلًا عن مجلة روز اليوسف

وفاء وصفي

لم يترك البابا تواضروس الثانى بابا الكنيسة الأرثوذكسية وبطريرك الكرازة المرقسية بابًا للتواصل مع الشباب القبطى إلا وطرقه.

قدم العظات واللقاءات الروحية، وحتى فى مواقع التواصل الاجتماعى كان متواجدا بدأها بـ«تويتر»، ثم أغلقه واتجه إلى «الفيس بوك».

البابا كسر كل الحواجز ليصل إلى الشباب ناصحا لهم وواعظا وأبا، ولم يعين مديرا لصفحته أو «أدمن»، بل يديرها بنفسه ويرد على الاستفسارات ويقدم النصائح، ولذلك معظم ردوده على الشباب تكون ليلا.

البابا تعرض على «تويتر» لكثير من السب والشتائم، وحينما لم يكن ممكنا حذف الشتائم لجأ إلى «أكاونت» «الفيس بوك» الذى كان قد أنشأه فى 2009  قبل رسامته بابا للإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية.

منذ فترة فرض ما يقوم به البابا تواضروس على صفحات التواصل الاجتماعى، خاصة الفيسبوك، نفسه بين أحاديث وإعجاب الشباب القبطى.

فى البداية انتشر الحديث حول مقابلة البابا لمجموعة من الشباب تواصلوا معه عبر الفيسبوك وكيف أنه حدد موعدًا معهم وأجاب عن كل الأسئلة التى تدور فى أذهانهم خاصة فيما يخص بعضًا من قرارته وعلاقته بالدولة.

لقاء البابا مع الشباب لم يكن الوحيد، بل تكرر مرة أخرى وكذلك قابل بعض الأشخاص بمفردهم وهم كتبوا كل تفاصيل المقابلة والحوار الذى دار فى المقر البابوى، واللافت فى الموضوع أن هذه اللقاءات – مقتطفات منها – يضعها البابا على صفحته على الفيس بوك ويعلق عليها فى تواصل مباشر بينه وبينهم.

وإذا دخلت على صفحة البابا ستجد الكثير من الـtag  من هؤلاء الذين لم يصدقوا أنهم كانوا فى حضرة بابا الإسكندرية، الأمر الذى كان يبدو دربًا من دروب المستحيلات فى العصور السابقة.

منذ أن اعتلى البابا الكرسى المرقسى فى 2012 اهتم كثيرا بطرق التواصل مع الجميع وأنشأ فى 27 نوفمبر 2012 حسابا خاصا به على تويتر، وكان هو الذى يتابعه بشخصه وكانت أول تغريدة له فى 2 ديسمبر 2012 كانت من أجل مصر حيث كتب: «الأبناء الأحباء أرجو الصلاة بقلوبنا من أجل بلادنا مصر المحبوبة، وكل مسئول فيها، وليعطيهم الله الحكمة والاستنارة فى كل خطوة. مع محبتى».

ومنذ ذلك التاريخ ظل البابا فعالا على تويتر بشكل شبه يومى والذى وصل متابعوه لـ126 ألف متابع  يكتب تغريدات ما بين دينية أو اجتماعية أو وطنية حتى أحداث ثورة يونيو فأصبحت كل تغريدة يكتبها البابا تكتب عليها كثير من السباب والشتائم إلا أنه ظل يغرد  حتى 21 أغسطس 2013 والذى كتب فيه: «نصلى من أجل سلام مصرنا الغالية»، ولكن زيادة الإهانات والشتائم الموجهة له مع عدم وجود إمكانية لحذفها على تويتر جعلت البابا يتوقف عن استخدامه إلا أنه عاد مرة أخرى فى مارس 2016، ثم توقف نهائيا بعد هذا التاريخ بشهر لاستمرار الإهانات، وترك تويتر.

البابا المحب لوسائل التواصل أنشأ فى نوفمبر 2013 المركز الإعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ليكون أول مركز للتواصل المباشر بين الكنيسة والمجتمع بعد عقود أغلقت الكنيسة أبوابها على نفسها.

وتوسم الجميع خيرا فى المركز الذى بدأ بشكل رائع إلا أنه مع مرور الوقت سقط سريعا فتحول المركز لأداة إعلامية موسمية لا ينشر إلا الأخبار التى لا تهم أحدًا مثل وفاة كاهن أو رسامة آخرين، أما الأخبار الحقيقية فإن نشرت تجدها بعد الحدث بأيام وإذا كان أحد منتبهًا تجدها على الصفحة بعدها بساعات.

إذا ساقك القدر واحتجت إلى أى تعليق من المتحدث على شىء فستكون «أنت وحظك»، إما يجيبك فورا أو لا يرد عليك لساعات وأيام لأنه قد يكون فى مؤتمر أو مشغولاً بشىء ما أو لا يملك حق الرد من الأساس.

كل هذا جعل متابعى الصفحة الذين يصل عددهم لأكثر من 200 ألف متابع يعلقون بأنها أصبحت صفحة «إعلانات اجتماعية»، وبالتالى أصبح التفاعل معها ضعيفًا جدًا ويكاد لا يذكر، وبالتالى فقدت صفحة المتحدث هدفها الأساسى وتحولت لصفحة بلا روح!

فى أكتوبر 2009 أنشأ الأنبا تواضروس الأسقف العام «أكونت» خاصًا به كنوع من أنواع التواصل مع أبنائه وخدام مرحلة الطفولة بصفته المسئول عن لجنة الطفولة بالمجمع المقدس وهو «أكونت» وليس صفحة خاصة به.

وفى 2012 وعقب اختياره بطريركا للكنيسة توقف عن استخدام هذا «الأكونت» تماما إلا أنه فى 28 مايو 2017 أعاد البابا تواضروس استخدامه مرة أخرى بصفته الشخصية وأخذ يتواصل مع الجميع بنفسه وأصبح التواصل عليه أفضل بكثير.

ارتفع عدد متابعى الحساب الخاص به فى أيام معدودة من 9000 إلى ما يزيد على 14 ألف متابع، بالإضافة إلى الوصول إلى الحد المسموح به من الأصدقاء وهو 5000 شخص.

أصبح التفاعل عليه أقوى بكثير من صفحة المتحدث التى أصبحت بلا جدوى.

وبمقارنة التفاعل بين الاثنين لم يعد يتجاوز عدد المتفاعلين مع أخبار المتحدث أصابع اليد، بينما تجد على سبيل المثال ما كتبه البابا تواضروس على حسابه الشخصى تعليقا على قرار تعليق المؤتمرات والرحلات بعنوان «استغل الوقت وكن إيجابيًا» إلى أكثر من ألف إعجاب  ونحو 500 مشاركة، وأغلب من هم على هذا الحساب هم أبناء وأحباء البابا تواضروس، لذلك ستجد أن أغلب التعليقات إيجابية ومشجعة.

على هذا الحساب الذى يديره البابا تواضروس بنفسه ستجد أشياء غير متواجدة فى أى مكان رغم أنه من المفترض أن تجدها فى صفحة المتحدث مثل الخطاب الذى أرسله البابا لأقباط أمريكا يعتذر فيه عن إلغاء زيارته والتى كان من المقرر لها أكتوبر المقبل، هذا الخطاب الذى أعلن فيه البابا عن إجرائه عمليه جراحية مرتقبه فى إنجلترا.

ومن هذا الحساب يتواصل البابا بشكل مباشر مع الجميع، حيث أرسل بخطاب تهنئة لعروسين قررا دعوته لعرسهما، كذلك يضع عظة الأربعاء ومقتطفات من لقاءاته مع الشباب والأطفال التى تتجاوز مشاهدتها 7 آلاف مشاهدة.

المتابع لحساب البابا يلاحظ أنه يتواجد عليه بشكل شبه يومى فى نفس التوقيت الذى يكون غالبا قبل منتصف الليل أو بعده بقليل.

فى النهاية لن نستطيع إنكار دور البابا تواضروس فى تغيير طرق التواصل بينه وبين شعبه واستخدام كل وسائل التواصل المتاحة وتطوير ما ينجح منها والسعى الدائم للتواصل مع الشباب بداية من التقاط صور السيلفى حتى صفحات الفيس بوك.

البابا كسر الحاجز النفسى بينه وبين الشباب وأصبح لدى العديد منهم قناة تواصل معه بشكل مباشر، مما ساعد كثيرا فى إزالة العديد من سوء الفهم.

ليس المهم الفشل، ولكن الإصرار فى فتح قنوات واضحة ومباشرة مثل إلقاء العظة من أماكن كثيرة ومتعددة على مستوى الجمهورية جعلته البطريرك الأكثر تفاعلا مع شعبه رغم الهجوم العنيف الذى جعله يكره تويتر.