باعتراف أحد أبطال العمل إنه فوجيء بوجود أسماء مشاركة في فيلم “18 يوم” ليس لهم علاقة ولا نستطيع أن نقول إنهم من “رواد الثورة” هكذا قال، وبالفعل أمر يستطيع المتابع اكتشافه بعد مشاهدة مجموعة الأفلام التي يتكون منها عمل “18 يوم” بل وهناك من ظهر وتبدل بأكثر من وجه خلال الست سنوات الماضية! وكأن فيلم “18 يوم” كان وقتها مولد سينمائي ذهب البعض للمجاملة فيه! ومن المؤكد أنه كانت هناك حماسة “وقتية” موجودة لدى الكثيرين للمشاركة خاصة وأن العمل كان أخذ الضوء الأخضر للعرض في “كان” لأسباب سياسية وليست “فنية” وهو ما يغري أي فنان لتبديل موقفه الفكري من الأحداث حتى يسير على “الريد كاربت” العالمي! وبالفعل ذهب وشارك مجموعة من “أمهر” صناع السينما المصرية الحالية في تلك الأعمال ولكنها للأسف لم تكن أغلبها على نفس مستوى هذه الأسماء!
الفيلم أغلب مشاهده ضعيفة فنيا واعتمدت على مشاهد من المظاهرات الحقيقية ومشاهد تليفزيونية لقنوات الأخبار تم الاستعانة بها ولذلك فالأفلام العشرة المكونة لعمل “18 يوم” هي مشاهد تسجيلية لما حدث في مصر دون رؤية أو وجهة نظر واضحة لأصحاب هذه الأعمال! فهي تسجيل لحكايات عن فترة الـ18 يوم لأحداث يناير وحتى تخلي “مبارك” عن الحكم قرأناها في الصحف وشاهدناها على شاشات الفضائيات تم صنعها في “عجلة من أمرها” بتسليط الضوء على أنماط إجتماعية مختلفة من المصريين ومن يشاهد الفيلم الأن يذكره ببعض ما حدث ويثير لديه مشاعر تلك الفترة واللافت أنه طوال السنوات الست الماضية لم نسمع عن أي محاولة “جادة” من صناعه لعرضه داخل مصر ويبدو أنهم “آثروا السلامة” كعادة أهل الفن وهو شيء متوقع لما يحتويه الفيلم من أحداث ممكن أن تثير النقاش السياسي حول تلك الفترة من جديد ولذلك لا نعرف لماذا تم تسريبه الأن ليكون متاحا للمشاهدة عبر شبكة الانترنت!؟ بالطبع ستسمع إجابات متعددة على هذه التساؤلات أسرعها كان رسميا عن طريق رئيس الرقابة والذي قال “لم يعرض علينا حتى نرفضه”! بينما رحب عدد قليل من صناعه بذلك التسريب! عموما هو “سلو بلدنا” في كل ما له علاقة بالشأن السياسي دائما أن تتوه الإجابات الواضحة! والتاريخ السينمائي به حالات كثيرة لمنع أفلاما من العرض الجماهيري لأسباب سياسية ولكن العجيب أن أحداث يناير ظهرت في أكثر من عمل درامي خلال السنوات الماضية وشاهدها الجميع!
بالطبع المتعة والإحساس الفني وكل شيء مختلف الآن عندما تشاهد هذا العمل ولذلك سيفقد المشاهد لفيلم ١٨ يوم جزءا كبيرا من متعة المشاهدة السينمائية فأنت تشاهد مجرد ذكريات مع مجموعة أفلام تسجيلية ارتبطت بحدث هام في التاريخ الحديث للشعب المصري، حيث تم صناعته عقب “تخلي”مبارك عن الحكم وإسناد إدارة الدولة للمؤسسة العسكرية وكان هو الحل الوحيد بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية في مصر ضد نظام حكمه “العجوز”.
مشاعر صادقة
في أثناء مشاهدتك لمجموعة الأفلام القصيرة التي شكلت العمل السينمائي “18 يوم” ستنتابك مشاعر كثيرة متداخلة بسبب ما تحتويه هذه الأعمال من إثارة للمشاعر والذكريات بأكثر من وجهة نظر بسبب طبيعة فكر وقناعات كل مخرج وكاتب شارك في العمل، فممكن أن تسقط دموعك تأثرا وممكن أن تشطاط غيظا من مشهد هنا أو هناك! ولكنك لا يمكن أن تغفل وجود مشاعر من أصدق ما تشاهد في السينما المصرية الحالية، بالتأكيد ساهم بها ظرف الزمن الذي نفذت فيه حيث كان الجميع متأثرا بشكل أو بأخر بالأحداث فتجد المشاعر لازالت “دافئة” لدى عدد من الممثلين الذين شاركوا في الأعمال ،حتى لو كان بينهم من لا يؤيد تلك الأحداث وجد نفسه وسطها وتأثر بشكل أو بأخر حيث اقتربت السينما المصرية بشدة خلال مجموعة أفلام “18 يوم” من الدراما الإنسانية وستجدها في عدد من الأعمال المشاركة مثل “كحك الثورة”،”حظر تجول”،”1919″،” تحرير2-2″ ولفت نظري أداء أحمد حلمي ومحمد فراج وهند صبري.
اللغة الجريئة المستخدمة والتي صدمت المشاهدين ما هي إلا واقع موجود ونسمعه كل يوم بدون مواربة وأصبحت تدخل بين مصطلحات مستخدمي السوشيال ميديا على الملأ وجاءت على لسان الممثلين في سياقها الدرامي الطبيعي، والمشكلة ان عرض الفيلم في هذا التوقيت ضده بشكل كبير لاكتشاف حقائق كثيرة خلال الفترة التالية لصناعة الفيلم سواء أحداث سياسية أو تغير وعدم وضوح مواقف لعدد من صناعه الكثيرين أصحاب الأفكار والمواقف المتناقضة.
في النهاية سألت نفسي ماذا سيقدم الآن نفس صناع هذه الأعمال “مؤلفين ومخرجين” لو أتيحت لهم الفرصة لصناعة أعمال عن تلك الفترة من جديد وهل سيوافقون؟