نقلاً عن المصري اليوم
في تونس بصدد إصدار قانون للمساواة بين المرأة والرجل في الميراث، بعيدا عن تطبيق الحدود الشرعية التي تجعل للرجل ضعف حق الأنثى، المجتمع التونسي أكثر مرونة في التعامل مع حقوق المساواة، وأيضا في احترام الحريات الشخصية، بينما نحن مشغولون في بلادنا لشوشتنا في متابعة ملابس النساء، الناس كثيرا ما تعلن استياءها من مجرد ذكر أخبار الفنانين، ويرددون (إيه الهيافة دي؟!) إلا أنهم- أتكلم طبعا عن القسط الوافر منهم- لا يكفون عن متابعة أخبارهم، وهكذا في دقائق وبرغم ما نعيشه من مشكلات طاحنة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، إلا أنهم تبادلوا صورة نيللي كريم بالمايوه البكيني، على اعتبار أنها ارتكبت فعلا فاضحا في (الجونة)، كانت نيللي قد نشرت صورتها على صفحتها، هل تصور أحد أن نيللي سترتدى على البحر (بوركينى)، المايوه الشرعي الإسلامي الذى يجمع ما بين البرقع والبكيني؟!.
لكل مقام مقال، أتذكر عام 2010، وأنا أدرس مادة نقد فني لطلبة كلية إعلام جامعة القاهرة، اقترحت مشاهدة فيلم (واحد صفر) لنناقشه مع المخرجة كاملة أبوذكري والكاتبة مريم ناعوم ومديرة التصوير نانسي عبد الفتاح وبطلة الفيلم نيللي كريم، من العرف السائد إخطار المسؤول لإجراء التصاريح اللازمة، وهو مجرد إجراء روتيني، أو هكذا تصورت، ووجدت من يخبرني بأنه لا توجد مشاكل مع نانسي وكاملة ومريم، ولكن طلبوا مني أن أخبر نيللي بمراعاة الحشمة، قلت لهم لن أفرض على أحد ما يرتديه، فلم يعاودوا الطلب، وجاءت نيللي بزى يليق بطالبة في الكلية. نيللي تعرف ما ترتديه في الحرم الجامعي، وما ترتديه على الشاطئ، وقررت أن تشارك أصدقاءها صورتها على (الفيسبوك)، كل نجمات الخمسينيات وحتى السبعينيات كانت تنشر صورهن في الجرائد بالمايوه، وتعامل الناس مع تلك اللقطات بدون أي حساسية، فما الذي أوقعنا في تلك السفاسف؟.
مع الأيام سيهدأ الحديث عن مايوه نيللي، ليحتل مقدمة الكادر حشيش المخرج سامح عبد العزيز، ما تردد أنه لم ينكر تعاطيه للمخدرات، وأن الكمية المضبوطة كانت للاستخدام الشخصي، والقانون طبعا يجرم التعاطي بالحبس مثلما أدينت من قبل ماجدة الخطيب أو حاتم ذو الفقار وغيرهما، ولكن ليس معنى ذلك أن يوصم الوسط الفني كله باعتبارهم مجموعة من الحشاشين، ضلوا طريقهم للفن، ولا أتصور بالمناسبة أن سامح مستهدف من جهة ما فقرروا معاقبته، لما يُقدمه من أعمال تغضب النظام، أفلام ومسلسلات سامح لا تدخل أبدا إلى مناطق شائكة، سبق أن تم استهداف مثلا سعيد صالح، قبل أكثر من 30 عاما، وألقوا القبض عليه بتهمة تعاطي المخدرات، واعتبروها قرصة ودن، لأنه سخر من رؤساء مصر قائلا في إحدى المسرحيات، «الأول أكلنا المش» يقصد عبد الناصر، «والثاني علمنا الغش» يقصد السادات، «والثالث لا بيهش ولا بينش» يقصد مبارك، فقرروا ملاحقته وألقوا القبض عليه أثناء التعاطي، وبعد عدة جولات قانونية حصل على البراءة، إلا أنه دخل بعدها السجن وأمضى عاما بتهمة خروجه على النص، أتصوره الفنان الوحيد الذي زج به إلى السجن بتلك التهمة.
تستطيع أن ترى حالة من الهجوم الضاري على الوسط الفني، وأصدروا أحكامهم بالإدانة على سامح قبل كلمة القضاء، التشفى في مصائب الآخرين مرض نفسى، فعلى قدر سعادة الناس بالفنان وحرصهم على التقاط صورة سيلفى معه، إلا أنهم يحملون شيئا من الكراهية الكامنة، هذا الصيف يبدو أنه أوكازيون إعلان الغضب!!.