رباب طلعت
عقب تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مقاليد الحكم، خلفًا لسابقه باراك أوباما، كان حديث “السوشيال ميديا”، والمواقع الإلكترونية الشاغل وقتها، ما مصير الحسابات الرئيسية للحكومة الأمريكية، على مواقع التواصل الاجتماعي، لعلها لأنها أصبحت عالميًا الطريقة الأسرع لتواصل الحكومات مع الشعوب، خاصة مع فئة الشباب، وهو ما أدركه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حرص على إطلاق صفحته الرسمية على “تويتر”، والتي حصلت على التوثيق، في مارس 2016، والذي أجاب من خلاله على أسئلة الشباب، الموجهة له عليه، لكن ما موقع ذلك الاهتمام من قبل الوزارات المصرية؟
33 وزارة مصرية، من بينهم 22 لها صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، الأكثر انتشارًا بين المصريين، أو كتعبيرًا أدق ما سَهُل الوصول له، سواءً عن طريق البحث على محرك البحث “جوجل” أو مباشرة من خلال بحث “فيس بوك”، أو موقع “البوابة الإلكترونية للحكومة المصرية”، نسرد في التقرير التالي، تحليلًا لعمل تلك الصفحات.
(1)
بالبحث ساعات طويلة، على الصفحات الرسمية للوزارات المصرية، تم العثور بسهولة على كل من الصفحة الرسمية لوزارات “الداخلية، والخارجية، والتجارة والصناعة”، و”الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة، المتحدثة باسم “وزارة الدفاع”، وتأتي بعدها وزارات “التربية والتعليم”، و”التعليم العالي”، و”الثقافة”، أما البقية، فكان البحث عنهم صعبًا، نظرًا لاختلافات في الأسماء، فبدلًا من “الصفحة الرسمية لاسم الوزارة”، كان هناك “اسم الوزارة” مباشرة، أو كتابة “ministry of” بالإنجليزية، أما الغريب فعليًا هو اختيار وزارة الصحة لاسم “صحة مصر”، ما جعل العثور عليها بـ”الصدفة”، لا بالبحث، لذا فإن الأزمة الحقيقية في عملية البحث عن الصفحات التي ظهرت، هو عدم اختيار شكل موحد ومنسق مسبقًا بين الوزارات، لتوحيد الاسم بـ”الصفحة الرسمية لوزارة كذا”، ما يسهل على الباحث الوصول مباشرة للوزارة، بدلًا من الأسماء المختلفة.
(2)
بمجرد تصفح صفحات الوزارات جميعها تجدها كلها متشابهة، فالقائمين عليها، يعتمدون في عملهم على نشر البيانات الصحفية، التي ترسل لصحفي الوزارات، على إيميلاتهم الشخصية، وتصدر من الكثيرين تحت عنوان “بيان صحفي”، بشكل واضح، كأنها موجهة للإعلاميين والصحفيين، دون الشعب، كذلك فإن الصيغة الجامدة، والطويلة، والمليئة بالتفاصيل، هي أيضًا مادة صحفية مملة، للقارئ فعند تحويلها لخبر، سيصعب عليه قراءتها خاصة إذا كانت غير مفهومة وميسرة بالنسبة له.
(3)
اختلفت من وسط تلك الصفحات في النقطة السابقة صفحة وزارة التموين، التي اعتمدت بشكل أكبر على عرض فيديوهات مقتطعة من البرامج التلفزيونية، المتعلقة بأي خبر عن ما يتعلق بالوزارة، سواء الدعم على السلع، أو استخراج البطاقات التموينية، وتحديث قواعد بياناتها في الفترة الماضية، كذلك، بوضع أخبار من سطور معدودة، أو عناوين دون تفاصيل، وهي الطريقة الأقرب لمتصفحي المواقع الإلكترونية، خاصة أنها الوزارة الأهم لأكثر فئات الشعب، إلا أن الخطأ الذي وقعت فيه هو الإسراف في الاختصار، فكثيرًا من العناوين المطروحة، كانت تحتاج إلى شرح ولو سطرين، ليفهم متابعها المقصد من الموضوع المعروض، وهو ما جعل أغلب التعليقات على المنشورات “أسئلة”.
(4)
بالرغم من أن أقل الصفحات متابعة، هي الصفحة الرسمية لوزارة الهجرة، والتي يتعدى عدد متابعيها 6 آلاف متابع، لم يختلف عدد متابعيها والمعلقين عليها كثيرًا عن وزارة الطيران، أو التموين، على سبيل المثال الذي وصل عدد متابعيها إلى 415 وأكثر، فكافة الوزارات تقريبًا متقاربة في قلة المتابعين، وبالدخول على الصفحات الشخصية لأكثرهم، ستظهر حقيقة علاقتهم المباشرة بالوزارة، سواءً كانوا من العاملين فيها، أو ممن لهم مشكلة عالقة من سنوات لا حل لها، إلا أن صفحتي “الداخلية”، و”القوات المسلحة” يخرجون من ذلك الركود بجدارة، فهما الأكثر متابعة، مما يزيد عن 6 ملايين شخص، والأكثر تعليقًا، بما يتعدى 200 تعليق، بالإضافة لضعفه “مشاركة” للمنشورات.
(5)
اشتركت كافة الصفحات بلا استثناء، في خطأ فادح، حيث أنه لم يكن هناك اهتمامًا بتعليقات المتابعين، تمامًا، سواء كانت باستفسارات، أو شكاوى، أو اقتراحات، أو حتى إبداء بوادر مقترح لرفع تلك الشكاوي للجهة المختصة، أو الإجابة على أكثر الأسئلة الشائعة، أو غيرها من الطرق التي يلجأ لها “أدمنز” صفحات مواقع التواصل الاجتماعي غالبًا، من مقدمي الخدمات، باعتبار أن هدف إنشاء الوزارات بالأساس لتقديم خدمات الشعب، أيضًا كافة الصفحات حوائطها مغلقة، ولم تتح واحدة منهم، الفرصة للكتابة عليها، إلا أنه من الممكن التماس العذر لهم في ذلك، لمنع روابط الإعلانات والهاكرز وغيرها.
(6)
الملاحظة الأكثر غرابة، هو عدم حصول أكثر الوزارات على علامة التوثيق الزرقاء من “فيس بوك”، وهو الأمر الذي تحرص عليه عادة كافة الصفحات، الفنية والرياضية وغيرها للتمتع بالعديد من المزايا أهمها سهولة الوصول لها في البحث، ونستثني من ذلك صفحات “القوات المسلحة”، و”الداخلية” الأكثر تفاعلًا ومتابعة، و”الخارجية”، و”التجارة و”الصناعة”، اللذان لا يختلفان كثيرًا في التفاعل، وعدد المتابعين، عن باقي الوزارات، بل هم أقل من الكثيرين.
(7)
في نقطة لافتة، تميزت وزارة التعليم العالي، بمعاصرتها للوضع الراهن في مصر، حيث والت اهتمامًا كبيرًا بعرض وتحديث الأرقام الدقيقة، والمتجددة بشكل مستمر، لأعداد مصابي وضحايا، حادث اصطدام قطاري الإسكندرية، حيث تابع “أدمن” الصفحة، مع المستشفيات التابعة لها والتي استقبلت الحالات الواردة من الحادث، أخبارهم بشكل دقيق، وبالشفافية، التي وجه بها الرئيس في مؤتمر الشباب الأخير، بتعامل الحكومة مع الشعب عامة، والشباب خصيصًا بشفافية، من خلال عرض الأرقام والحقائق بشكل واضح.
(8)
تلك اللفتة الحسنة، من وزارة التعليم العالي، كان من الممكن أن تصبح عامل قوة لكافة الصفحات، التي اعتمدت على إبراز إنجازات الوزارة، دون عرض المشاكل التي تبحثها، أو العجز الذي تواجهه، أو على أقل تقرير تقديم “بريزنتيشن”، بالأرقام على غرار الذي طرحه الوزراء في مؤتمرات الشباب.
(9)
من الملاحظات اللافتة، هو غياب وزارة الشباب والوزارة، ليس بعدم تواجد صفحة لها، بل بدورها، فالوزارة المعنية بالشباب، لم يتابعها سوى 6000 متابع تقريبًا، ما لا يصل لعشر، أرقام صفحات الرياضة العادية، بسبب الفجوة في أسلوب عرض الصفحة عن اهتمامات الشباب، وهو ما يشير إلى فقدان الرؤية، في استقطاب الشباب، أو طرح ما يعنيهم عليها، وهو الأمر الذي وقعت فيه العديد من الصفحات منها وزارة الزراعة، التي باتت كأنها صفحة غير رسمية استخدمها أحدهم للإعلان عن منتجات عشبية، وهو الأمر الذي نفته منشورات القرارات الوزارية، المنشورة على استحياء في الصفحة، التي لا تعكس لمتابعيها سوى شيء واحد وهو أن الوزارة متوقفة عن العمل.