التباين بين الأعمال الفنية الهادفة ذات المضمون والقيمة العالية، والفن لأجل الربح أو ما يُعرف بـ”الفن التجاري”، من الموضوعات القديمة المتجددة باستمرار على الساحة الفنية، لا سيما وأن هناك أعمالًا جيدة استطاعت النجاح والجمع بين الصفتين، ووازنت كفة المقارنات المستمرة بين هدفي الربح والمضمون.
المخرج سامح عبد العزيز من أبرز العاملين بالمجال الفني، الذين استطاعوا النجاح في هذه الموازنة في السينما، مع تكرار ذلك في الدراما التليفزيونية أيضًا، حيث قدَّم أعمالًا تناولت قضايا هامة تم طرحها بشكل موضوعي وفني جيد، وكذلك أعمال أخرى وصفت بـ”التجارية” وحققت إيرادات مرتفعة.
“سامح” ابن العاصمة الذي ولد عام 1976، وحصل على درجة البكالوريوس من قسم المونتاج بالمعهد العالي للسينما عام 1996، بدأ حياته المهنية كمخرج برامج في التليفزيون المصري، ومنه إلى قناة “دريم”، حيث أخرج برنامجيّ “جانا الهوا” و”الهوا هوانا” خلال فترة رئاسة اﻹعلامية هالة سرحان للقناة، ثم انتقل معها للعمل في شبكة قنوات “روتانا”.
في الفترة ما بين عامي 1995 و2000 أخرج ما يقرب من 20 فيلمًا وثائقيًا بفرنسا، كما أخرج العديد من الأغاني المصورة بعد انتقاله لـ”روتانا”، وهو ما أهَّله للإخراج السينمائي، فكان أول فيلم من إخراجه هو “درس خصوصي” في عام 2005، مع نجم برنامج ستار أكاديمي محمد عطية، لكن الفيلم لم يحقق الإيرادات المتوقعة، رغم مستواه الفني الجيد.
استمر “عبد العزيز” في البداية مع الأفلام التجارية، حيث قدَّم بعد ذلك فيلم “أحلام الفتى الطائش” أولى تجارب الفنان رامز جلال مع البطولات المطلقة وشاركه بطولته نيللي كريم وحسن حسني، والذي تدور أحداثه حول شاب يعشق الفنانات حتى أن جدران غرفته مغطاة بصورهن، وتتطور أحلامه حين يلتقي بنيلي كريم التي تلعب دور ممثلة معروفة، يطاردها رامز ويحاصرها في أي مكان تذهب إليه، ويساعده في ذلك صديقه الكومبارس.
تلاه فيلم “أسد وأربع قطط” للفنان هاني رمزي، والذي على الرغم من تحقيقه لأعلى إيرادات في سباق عيد الفطر لعام 2007، وتفوقه على ستة أفلام منافسة، إلا أنه أثار جدلًا كبيرًا حيث وُجهت انتقادات لفريق “الفور كاتس” بأنهن اعتمدن على الإغراء في الفيلم أكثر من الموهبة.
أما فيلم “كباريه” الذي قدمه عبد العزيز بعد ذلك، يُمثل نقلة كبيرة في مسيرته الفنية، حيث حصد الفيلم إشادات كثيرة من النقاد وحقق إيرادات مرتفعة كذلك، فقد تناول حالة “الازدواجية” بين الديني والدنيوي، التي تتصف بها الشخصية المصرية، والتي تدفع البعض للقيام بأعمال منافية للدين، وأحياناً للأخلاق، بهدف تحقيق غاية ذات بُعد ديني.
فيعتبر الناقد السينمائي طارق الشناوي أن هذا الفيلم أفضل ما قام كاتب السيناريو أحمد عبد الله بتقديمه للسينما المصرية، مشيرًا إلى أن الفيلم كان فرصة لتقديم شيء له قيمة، ولكن الأفكار التقليدية عن التعارض بين الدين بالدنيا أفقدته الكثير، وكان يمكن أن يصل إلى ذروة إبداعية، لو لم يدع الدين والله في مواجهة الدنيا وحياتها المليئة بمختلف الإيقاعات بما في ذلك اللذة.
توالت أعمال سامح عبد العزيز السينمائية بعدها في عدة أفلام، من بينها “تيتة رهيبة” من بطولة محمد هنيدي وإيمي سمير غانم وسميحة أيوب وباسم سمره، أما في فيلم “الفرح” فقد فاجأ “عبد العزيز” الجمهور بتقديم نهايتين متتاليتين للفيلمين لا يفصل بينهما إلا لحظة سكون واحدة، اعتمادا على أسلوب محدود التكرار في السينما المصرية والعالمية، لكن جدل النقاد والصحفيين حول وجود نهايتين، لم ينف تأكيد أغلبهم على جودته ومهارة صناعه في تقديم عمل متميز.
وقدَّم كذلك عدة أفلام متنوعة بينها “أبو شنب”، “حملة فريزر”، “صرخة نملة”، “حسن طيارة”، “تتح”. أما الفيلم المثير للجدل “حلاوة روح” الذي أخرجه “عبد العزيز”، فقد أثيرت ضده عاصفة من الجدل فاقت نقد الفيلم، حيث انتقد البعض أثناء عرضه بالسينما بعض المشاهد الموجودة بالفيلم، مما أدى إلى صدور قرار بمنعه لحين عرضه على هيئة الرقابة على المصنفات الفنية لاتخاذ قرار نهائي بشأنه، لكنها وافقت على عرضه.
وفيما يخص العمل الدرامي، نجح سامح عبد العزيز في تقديم أعمال درامية ناجحة جماهيريًا وفنيًا، فأخرج عددًا من المسلسلات الشهيرة، من بينها “مسيو رمضان مبروك”، “فيفا أطاطا”، “بين السرايات”، وكان آخر المسلسلات التي أخرجها مسلسل “رمضان كريم” الذي عرض في الموسم الرمضاني الماضي، وحصد إشادات قوية من النقَّاد، وكان من بطولة روبي، سيد رجب، نجلاء بدر، محمود الجندي، ريهام عبد الغفور، صبري فواز، وتأليف أحمد عبد الله، وإنتاج أحمد السبكي.
https://www.youtube.com/watch?v=u-jJFtXAmps