أدرك أننا نعيش فى زمن تلعب فيه الدعاية والتسويق دور البطولة فى كل مناحى الحياة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وفنيا، لا يهم كثيرا نوع البضاعة التى تقدمها للناس، الأهم ورق السوليفان الذى يغلفها.
غنى عمرو دياب لبرج الحوت فى شريطه الغنائى (معدى الناس)، فى الأغنية التى صارت الأشهر (أجمل عيون) فاشتعلت (السوشيال ميديا)، لتحدد بالأدلة والقرائن أن عمرو يقصد دينا الشربينى بعد أن ارتبط معها بإشاعة زواج، وأخذها البعض باعتبارها مجرد نكتة، وكل من له برج انتظر فى الشريط القادم أن يتذكره دياب، إنها أقرب لمداعبات بين الجمهور ومطربه المفضل.على مدار التاريخ ستجد المطربين غنوا للعيون والرموش والشعر والخدود والقدود، حتى وصلنا للقفا مع محمود عبدالعزيز (وضاع معاك كل الصفا/ ضيعته بعندك يا قفا)، بينما المطرب الشعبى عبدالعزيز محمود لم يكتف بالغناء للمناديل (منديله الحلو) ولا التاكسيات (يا تاكسى الغرام)، انتقل بحركة جريئة وغير مسبوقة وغنى للشبشب (يا شبشب الهنا/ يا ريتنى كنت أنا)، ناهيك طبعا عن النجوم والسماء والأرض، بينما توجه حليم لقارئة الفنجان وردد بكلمات نزار قبانى (جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجانى المقلوب)، طبعا لا وجه للمقارنة، مع برج الحوت (والله لأحبك موت/ وأحب برج الحوت/ لأنك الدنيا/ واللى يفوت يموت).
أى كلام يا عبدالسلام، ولكن عمرو يحرص دائما على أن يظل على موجة جمهوره الروش، الذى يسخر الآن وهو يستمع لأم كلثوم فى رق الحبيب (من كتر شوقى سبقت عمرى) أو عبدالوهاب فى انسى الدنيا (يا عاشق الليل لسواده/ فايت لمين عشق نجومه)، هذا زمن كل شىء فيه على بلاطة (واعشق تفاصيلك/ شفايفك ومناخيرك).
عمرو دائما فى حالة يقظة يعرف بالضبط ما الذى ينتظره منه الجمهور، بينما تامر حسنى وفى نفس التوقيت كان قد أغرق (الميديا) بشائعة البصمة الهوليوودية فى المسرح الصينى، فهو مريض بعشق الألقاب، وهى تشبه فى الماضى البكوية والباشاوية التى كان البعض يحصل عليها مدفوعة الأجر، وحاليا توجد معاهد متخصصة أيضا فى منح الدكتوراه المزيفة مقابل مبلغ وهو بالمناسبة ليس ضخما، كل شىء من الممكن الحصول عليه بالفلوس، حتى اقتحام هوليوود، لقد فعلها عام 2005 مثلا الممثل هشام عبدالحميد عندما تمكن من عرض فيلمه (خريف آدم) تجاريا فى (لوس أنجلوس)، ومن ثم أصبح من حقه طبقا لقواعد الأوسكار المشاركة فى المسابقة الرئيسية، وملأ هشام الدنيا وقتها بهذا الإنجاز الذى وصفه بالتاريخى، والأمر فى الحقيقة لم يزد عن توفر الشروط الموضوعية وأهمها العرض هناك، ربما يستطع تامر المشاركة هذا العام بنفس الوسيلة فى الأوسكار، وطبعا سوف يصبح هذا هو حدث الموسم وكل موسم.
لا أنكر بالمناسبة أن تامر هو المطرب المصرى الوحيد فى جيله الذى استطاع تحقيق نجاح سينمائى متواصل، إلا أن هذا لا يعنى أى مردود عالمى، إنه بطل فريق (الأسد المرعب) فى الدرب الأحمر، فلا يحق له اللعب مع (ريال مدريد) بإسبانيا.
عمرو وتامر ابنان مخلصان لهذا الزمن، عمرو يسبق تامر بجيل، فهو ابن الثمانينيات، وتامر الألفية الثالثة، عمرو أهدأ وأكثر ذكاء وحنكة يلقى لجمهوره بين الحين والآخر (حوت) ولهذا يكسب، بينما تامر يغرق فى بحر الظلمات عندما يلقى لجمهوره دائما (بساريا)!!