محمد صلاح الدين
إذا أتيحت لك الفرصة للسفر خارج مصر وسألت من حولك من الأجانب حول أول ما يتبادر إلى ذهنهم عند ذكر مصر، فإن الغالب ستكون إجاباته الأهرامات، الفراعنة أو غيرها من الصور التي نقلها الإعلام والفن عن بلادنا، وهو ما يعرف بالصورة الذهنية للدولة.
هنا يبرز مصطلح تصنيف الأمم أو الدول أو ما يعرف باللغة الإنجليزية بـNation branding _وهو أمربعيد كل البعد عن تصنيف الأنظمة السياسية_ والذي يعني كيفية جذب الانتباه واكتساب الاحترام والثقة تجاه تلك الدولة من جانب المستثمرين والمستهلكين لمنتجات الدولة والإعلام الدولي، بمعنى آخر هناك أهمية كبرى لمعرفة كيف ينظر الآخر للدولة “نجاحاتها، إخفاقاتها، شعبها، منتجاتها”، وفي هذه الحالة تتحول الدولة ذاتها إلى علامة تجارية brand يجب العناية بكل الجوانب المتعلقة به.
ووفقًا لتصنيف الدولة الجيدة “good country index” الذي وضعه سيمون آنهولت الذي يعد رائد تلك الفكرة والذي عمل على تحسين الصورة الذهنية لعدد من الدول حول العالم فإن مصر في الترتيب 53 وسط 163.
ويقوم التصنيف على عدة معايير رئيسية ترتبط بالإسهام الدولي في 7 مجالات هي” العلوم والتكنولوجيا، الثقافة، السلام والأمن العالمي، النظام العالمي، الكوكب والمناخ، الرخاء والمساواة، الصحة والرفاهية”.
وتأتي مصر في معيار السلام والأمن العالمي في المركز الثاني وفقًا لتصنيف آنهولت نتيجة لإسهاماتها في قوات حفظ السلام والوفاء بالتزامتها داخل الأمم المتحدة وأمن الإنترنت، إلا أن أسوا تصنيفات مصر يأتي في مجال الكوكب والمناخ حيث تأتي مصر في المركز رقم 118 بين 163 دولة، وأنها تحتل المركز رقم 98 في الإسهام في النظام العالمي.
اللافت للنظر أن مصر بكل حضارتها وثقافتها تأتي في المركز رقم 100 بين 163 دولة، وهو ما ينبغي علينا إعادة النظر فيه.
فمصر المصدر الأول للدراما العربية، والأغنية العربية “هوليوود الشرق”، إضافة إلى تاريخها السينمائي الطويل، وحضارتها الفرعونية والقبطية والإسلامية تستطيع إعادة تسويق ذاتها وزيادة إسهامها دوليا في المجال الثقافي عن طريق إعادة الترويج للدولة كعلامة تجارية والاهتمام بصناعة الثقافة، خاصة إذا عرفنا أن إسرائيل تحتل المركز 44 في تصنيف الأمم رغم، وتحتل المركز 74 في الإسهام الدولي بمجال الثقافة رغم عدم اعتراف عدد من الدول بها ككيان.
ولنا في كوريا الجنوبية عبرة، فخلال الفترة من 2005 و2008 شهدت كوريا الجنوبية تراجعًا في تصنيف Anholt-GfK Nation Brands Index – التصنيف الأهم فيما يتعلق بالصورة الذهنية للدول- من المركز 25إلى المركز 33 مما دفع الرئيس الراحل رو مو هيون لتطوير صناعة الثقافة، ومن بعده الرئيس الأسبق لي ميونج باك _كان ينتمي لحزب آخر_ والذي سعى بقوة لإعادة الموجة الكورية “الهاليو” والصورة الذهنية إلى ما كانت عليه عبر إنشاء المجلس الرئاسي الأعلى لتسويق الدولة في محاولة للقفز للمركز 15 على مستوى العالم خلال فترة رئاسته، ونجحت في القفز إلى المركز 27 عام 2011، ولا تزال تسعى من أجل مزيد من الصورة الذهنية الجيدة للدولة.