على مدى تاريخ السينما المصرية تناثرت عشرات الوجوه على الشاشة فى الأدوار الثانية، السنّيد الذى لا غنى عنه إلى جوار البطل أو البطلة، البعض احترف الأدوار الثانية بجدارة فاكتسب شهرة واسعة، وآخرون نجحوا فى التحول لأدوار البطولة، خاصة حين برزت موهبتهم الكوميدية فقدموا أعمالا منفردة وتحمل أسماءهم مثل إسماعيل ياسين، لكن فريقا ثالثا ظل وجها مألوفا على الشاشة، قد تنسى اسمه، ولا تعرفه أجيال متعاقبة، لكن بقى رمزا لأشهر من لعبوا دور السنيد بجدارة، دون أن يقفزوا لأدوار البطولة أو يتوهموا نجومية الشباك، وهم غير قادرين على الوصول إليها. وبتغير الزمن ومرادفات الصناعة السينمائية، يحاول من تم تسكينهم فى الأدوار الثانية أن يقفزوا إلى البطولة المطلقة، ويصروا على تقديم أعمال تتصدرها أسماؤهم، والتى لن تجذب جمهورا يدفع ليشاهد ويستمتع بعمل داخل قاعة العرض.
ربما لو قاموا بتلك المحاولات للبطولة المطلقة على شاشة التليفزيون للقوا قليلا من النجاح، أو «الرأفة» أمام جمهور لديه الحل حين يمل منهم بتغيير القناة، لكن فى قاعة العرض التى توجه لها الجمهور ودفع ثمن تذكرة السينما لفيلم لم ينجح فى الحفاظ على متابعته له طوال ساعتين، فمثل هؤلاء الفنانين عليهم أن يحافظوا على أدوار السنيد التى يجيدونها، أو المشاركة فى عمل به مواصفات البطولة الجماعية بدلا من الانفراد ببطولة فيلم، بدعوى أنه يحمل التوابل التجارية من مشاهد رقص ومخدرات وأكشن ركيكة وتم تنفيذها بسذاجة، أو الترويج بأنه توليفة جديدة من أعمال التشويق والجريمة، لمجرد أن يخلد الأرشيف السينمائى أسماءهم بين من قدموا بطولات الأفلام، حتى لو كان العمل لا يرقى للعرض على جمهور المقاهى، وليس دور العرض السينمائية. نضال شافعى، سامح حسين، بشرى، وغيرهم من هذه النوعية من الممثلين الذين عليهم أن يعودوا إلى ما قُدر لهم من الأدوار السنيدة، والاعتراف بإمكانياتهم كممثلين محدودى الجاذبية الجماهيرية لدى رواد السينما لدخول أفلامهم، وليس بينهم وبين شباك التذاكر أى كيمياء، حتى لو مثل بعضهم «بفلوسه»، فعليهم البقاء كـ«سنيدة» إلى جوار نجوم آخرين، بدلا من المتاهة التى يصرون على دخولها وتكرار تحمل بطولة أعمال بمفردهم.
لسنا ضد التجارب والأفلام محدودة الميزانية، ودون نجوم شباك، لأن هناك تجارب سابقة قُدمت بوجوه مغمورة وحققت نجاحا فنيا وجماهيريا مثل «أوقات فراغ»، لكن أعمال مثل «عمر الأزرق» و«ليل داخلى» وغيرهما مما يقدم بوجوه ليست جماهيرية تصب نتيجتها فى عودة أفلام المقاولات ولا تضيف إلى صناعة السينما إلا مزيدا من التدهور.