الأحلام ليس عليها قيود، الطموحات لا نهاية لها، شهوة الجري وراء الحدث لا يردعها شئ، و الوقوف أمام الكاميرات شهوة لا تضاهيها أخرى… أما الجهد الزائد عن الحد ، فلا نتيجة له إلا إحترام الجميع و تقديرهم .. تلك الكلمات هي ملخص حديثنا اليوم.
لا توجد محطة مصرية أو عربية– على حد علمي – ليس بها هذا الشخص المهم، هذا الموظف الذي يعمل كمراسل، و تتلخص واجبات وظيفته في أن يرسل للمشاهد رسالة حية أو مسجلة من الشارع أو من موقع أي حدث من الأحداث.
هم في العادة من الشباب صغار السن، ذكورا كانوا أو إناث.. يرسلهم أصحاب القرار (من السادة العاملين بالكونترول رووم) أينما أرادوا ، مطالبين إياهم بنقل الصورة بصدق وشفافية وحرفية قدر الإمكان.
ولشرح هذه المهنة علينا أن نستحضر مثالا:
عبد السميع ، مراسل أخبروه مساء أمس أنه سيقوم في الغد بتغطية فعاليات افتتاح المعرض الزراعي الدولي بإحدى قرى محافظة الشرقية. على أن يكون في موقع الحفل في تمام الثامنة صباحا قبل وصول الجميع حيث سيتم الافتتاح في التاسعة.
ولهذا فإذا فرضنا أن المسافة بين مكتب المحطة الفضائية التي يعمل بها عبد السميع و بين محافظة الشرقية حوالي ساعتين ، إذا فعليه أن يتواجد بهذا المكتب قبل السادسة، ليقابل فريق الخارجي الذي سينزل معه إلى موقع الحدث، السائق و المصور والفنيين و مدير الانتاج.. يجهزون معداتهم … وينطلقون في تمام السادسة صباحا ليصلوا إلى المكان في الموعد.
في الطريق ، يقرأ “عبد السميع” بعض الورقات التي أرسلها له فريق الإعداد مساءا ليعلم اهم النقاط حول الموضوع فيقوم بـ ” رص ” هذه المعلومات أمام الكاميرا إن اقتضى الأمر .
وحين يصل يبدأ بمساعدة المصور ومدير الانتاج في البحث عن موقع مناسب للتصوير، فيقف فيها المراسل ليتلو المقدمة إن كان سيسجلها أو يبثها على الهواء … يختار ضيوفا من الحدث الذي يصورونه ليلتقي بهم … يقوم بتصوير أجزاء من الحدث ليتم مونتاجها في مرحلة لاحقة .
ثلاثة دقائق في المتوسط هي جل مجهود المراسل الذي يخرج للنور، وقد يظل بطلنا في الشوارع ليوم كامل يلتقي بهذا ، ويقرأ على المشاهدين هذه المعلومات، يصور و يبحث و يدقق … فقط من أجل تلكم الدقائق الثلاث.
نادراً ما أقابل شخصيا أحد زملائي من المراسلين ممن لا يحلمون باعتلاء كرسي المذيع يوماً، فمعظمهم يرى أنه وطالما استطاع الوقوف أمام الكاميرات في الشوارع ، فسيستطيع بكل تأكيد الوقوف أمامها في الاستديوهات المكيفة… وهو أمر بعيد عن الحقيقة بالفعل ، فكلا الوظيفيتين يفصل ما بينهما مسافات جبارة.
المراسل عضو بارز فعلا بفريق الخارجي، لا يستقيم الأوردر – غالباً- إلا بوجوده، يبذل جهداً بدنياً وذهنياً ضخماً للغاية، ينبغي أن يكون سريع البديهة، ملماً بالكثير من القضايا و الملفات المحلية ، يستطيع التفريق بين الغث و السمين من المعلومات.
المراسل المجتهد مكافأته الوحيدة معرفة الناس البسيطة له، و تقدير زملاؤه (الجالسون في الغرف المكيفة) لجهوده وزملاؤه بالخارجي، وبصفته العضو البارز بفريق الخارجي، ملك الشوارع وإمبراطور الصورة الحية، فإنني أهمس في آذانهم جميعا الا تحلموا بأن تكونوا آلة تقرأ الأوتوكيو بحثا عن المزيد من الشهرة ، فكله إلى زوال إلا حب الشوارع والأرصفة وتقديرهم لما تفعلونه من جهود.
لكم المودة بلا حدود.
تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا
تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (10).. و ما أدراك ما الخارجي
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (9).. والمونتيرون أصناف
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (8).. جناب المونتير
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (7).. الريجيسير V.S العلاقات
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (6).. إنسان الإيربييس
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (5).. من الإيربيس للرئيس
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم.. المقال الرابع: في أهمية الـ Q
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الثالث (البديع الفظيع)
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الثاني (التايتل)
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الأول (البروضيوصر)