النجومية والحظ لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض فالنجومية يلزمها كثير من الحظ حتى تتحقق وبدونه الأمر يبدو مستحيلا حتى لو كنت تملك موهبة مثل “وزنك” فالحظ هو أمر يحدث مع الشخص ويكون خارجاً عن سيطرته أو نيّته أو الأمر الذي كان يعمل عليه أو كما يقولون المهم أن تكون موجودا عندما يدق الحظ بابك!
ومن ناحية أخرى يكون فقدان الحظ مقدمة لأفول النجومية للفنان بشكل كبير ويقال حينها “فلان تخلى الحظ عنه” والذي يأتي عادة مرات نادرة في حياة الإنسان وإن لم يحسن الفنان إستغلاله لن تفيده موهبته أو أي شيئا أخر، وسنجد في التاريخ عبر وحكايات كثيرة عن أفول النجومية وتخلي الحظ ثم عودتهما مرة أخرى!وبعض النجوم يبدأ في البحث عن حلول بديلة مثل تقديم البرامج أو القبول بلعب أي أدوار في أفلام ومسلسلات من أجل التواجد.
يأتي متأخرا..أفضل من ألا يأتي!
تجد في التاريخ “عِبْرَ” كثيرة لمن يريد أن يتعلم هناك موهبين كثيرين ظلوا لسنوات ينتظرون فرص وبعد أن يأسوا أرتضوا بالأمر الواقع وبعضهم ظل يحاول ويحاول حتى صادفه الحظ في موعد جديد أحدث هؤلاء الفنانين كان ياسر جلال ومن قبله كان طارق لطفي وقبلهما شريف منير الثلاثة من فصيلة الموهوبين ومخلصين جدا لفنهم ولذلك لم يتسرب اليأس لنفوسهم ويجعلهم يتحولون لإمتهان التمثيل من أجل لقمة العيش فقط ويصبحون أسما تكتمل به لوحة التترات ورغم أن طول فترة الإنتظار تجعل حدوث ذلك الأمر هو الأقرب! لكن تجد أنهم ظلوا بداخلهم ايمانا عميقا بموهبتهم وبأنهم سينالون ما يستحقون من نجومية يوما ما.
رغم إختلاف ظروف الظهور لكل منهم فمثلا ظهور طارق لطفي كان من خلال الفيلم الحدث والأشهر في مسيرة الجيل الحالي “صعيدي في الجامعة الأمريكية” وجميع من شارك بالفيلم صعد سريعا للصفوف الأولى ولكنه تأخر سنوات عنهم ظل خلالها ينتظر فرصة كاملة ليقول انا هنا حتى جاءته بعد سنوات ولكن مع الدراما التليفزيونية ويعود للصفوف الأولى من جديد.
احدث الفنانين الذين جاءهم الحظ “متأخرا” كان ياسر جلال في رمضان الماضي حيث كان الحظ على موعد معه ليتألق من جديد مع مسلسل “ظل الرئيس” وكأنه وضع كل خبرته في هذا العمل وبالفعل كان الأفضل في الأداء التمثيلي بشهادة الجمهور ويتحول بعد نحو 15 سنة لصفوف البطولة الأولى.
ومعه كان أيضا من المحظوظين هذا العام أمير كرارة والذي يقدم البطولة الدرامية المطلقة منذ عدة سنوات ولكن الجمهور كان يستقبلها بفتور وكان يصر على تقديم بطولة جديدة كل عام رغم المشاكل الإنتاجية التي كانت تواجه مشروعاته لم يفقد الأمل في موهبته حتى حقق النجاح الجماهيري الذي يريده مع مسلسل “كلابش” ويكون من مفاجأت الموسم الدرامي.
اما شريف منير فيعتبر الأكثر حظا بين هؤلاء وأيضا الأكثر فقدانا له! فمنذ ظهوره مع مجموعة من شباب الممثلين الموهوبين امام أحمد زكي ومديحة كامل وفيلم “الإحتياط واجب” كان شريف أكثرهم تألقا وصعد سريعا للنجومية وهو شاب صغير وجاءته الفرص الكبيرة والكثيرة امام أهم نجوم ذلك العصر ولكنه ربما لصغر سنه وقتها تعامل باستهتار مع تلك النجومية السريعة فتراجع لفترة ومعه أبناء جيله وكاد أن يختفي مثلهم ويتوارى للظل، لكنه كان أكثرهم ذكاء حينما قرر الإلتحاق بجيل “هنيدي ورفاقه” واثقا من موهبته بشدة وبأنه يجيد التأقلم مع هؤلاء وبالفعل نجح وجاءته النجومية “مجددا” مع شورت وفانلة وكاب وسهر الليالي وعريس من جهة أمنية، ليقدم البطولات ويستمر مع الجيل الحالي وهو أمر نادر الحدوث فالتاريخ يقول من يأفل نجمه صعب أن يعود مرة أخرى للتألق!
ومع حضور الحظ والنجاح الكبير يكون هناك صعوبة كبيرة دائما تواجه الفنان وهي ماذا بعد وكيف له أن يغتنم الفرصة وهو ما يترتب عليه الخطوة التالية بعد النجاح الكبير والغير معتاد الذي تحقق وهو ما يعيشه بالتأكيد الآن وبقلق كبير ياسر جلال وأمير كرارة، فكثير من النجوم يحدث لهم “صدمة” عقب النجاح ولا يعرفون بعدها كيف يرسمون خريطة الطريق للاستمرار فيقعون في خطأ الإختيار وهو خطأ منتشر بين معظم الفنانين “يكون” هناك عشوائية مقصودة أو غير مقصودة.
مقصودة بمعنى أنه يعرف أن العمل ليس جيدا ولكنه وافق عليه لأسباب “مادية” في الغالب أو غير مقصودة بأن يترك الأمر لمخرج أو مؤلف أو صديق له غير أمين ويورطه في عملا ما ولذلك من يستطيع الإستمرار بنفس القدر من النجومية والنجاح لسنوات طويلة لا يتعدوا أصابع اليد الواحدة!
فالحظ من الأمور الغامضة في هذه الدنيا التي لا نعرف سببا لها ومن أشهر ما قيل عن الحظ كان لأمير الشعراء أحمد شوقي:
خَلق الحظَّ جُمانا وحصى .. خالقُ الإنسان من ماء وطين
ولأمر ما وسر غامض .. تسعد النطفة أو يشقى الجنين
فوليد تسعد الدنيا به .. ووليد في زوايا المهملين .