وليد رشاد
تعد هزيمة مصر الأخيرة من أوغندا حلقة في مسلسل طويل من الفشل أمام الفرق الصغيرة في تصفيات المونديال بعد كأس العالم 1990، لأنه كان علامة فارقة في مشوار مصر في تصفيات كأس العالم، فقبل 1990 وبعيداً عن الانسحابات خرجنا من تصفيات المونديال خمس مرات، ولكننا كنا نخسر من الكبار.. والكبار فقط، لأن نظام التصفيات كان غالباً بنظام مباريات الذهاب والإياب، وخرجنا فى تصفيات مونديال 1954 أمام إيطاليا الرهيبة، وفى 1974 و1978 أمام تونس في عصرها الذهبي، وفي 1982 و1986 أمام فريق المغرب العالمي والذي أبهر العالم في مونديال المكسيك.
نرشح لك: بعد صور حمام السباحة.. “عز” يرد على ارتباطه بأمينة خليل
ولكن بعد كأس العالم 1990 (والذي كانت تصفياته النهائية تقام بنظام المجموعات) خرجنا من تصفيات المونديال بسبب نتائج غريبة أمام فرق مجهولة، ففي تصفيات 1994 خرجنا أمام زيمبابوي والتي كان يقودها حارس ليفربول العملاق “جروبيلار” والمدرب الألماني المهرج “فابيتش” مع مجموعة مغمورة من اللاعبين، وفي تصفيات مونديال 1998 خرجنا بسبب هدف ساذج سجله في مرمانا “جورج ويا” في مباراة ليبيريا في أكرا، بسبب الحرب الأهلية في ليبيريا، وخرجنا من تصفيات 2002 بسبب تعادل طائش في ناميبيا (1-1)، ومن تصفيات 2006 بسبب تعادل عجيب في بنين (3-3)، ومن تصفيات 2010 بسبب تعادل هزيل مع زامبيا (1-1) في القاهرة في افتتاحية مباريات المجموعة، وكانت تلك الهزائم والتعادلات غير المتوقعة كفيلة بتعقيد أمورنا في المجموعات ودخولنا في الحسبة الشهيرة (التي صاحبت كل مشوارنا مع التصفيات في كأس العالم منذ الاستقرار على نظام المجموعات وبعد تصفيات 1990) وهي “حسبة برما” أو بمعنى أوضح أن لا يكون مصيرنا بين أقدام لاعبينا بل أننا نلعب وعيوننا على نتائج الأخرين مما يشتت أذهان لاعبينا ويعقد الأمور.
نرشح لك: انتقادات حادة لـ عمرو خالد بسبب هذا الدعاء
وكانت المرة الوحيدة التي نجونا فيها من فخ المجموعات هي تصفيات 2014 بقيادة الأمريكي “برادلي” والذي نجح في حصد النقاط الكاملة لمباريات المجموعة للمرة الأولى والأخيرة، ولكن كانت الكارثة بالانهيار الكامل أمام غانا في مباراة الذهاب في المعركة الفاصلة على تذكرة المونديال في كوماسي وخسرنا (1-6)، مما جعل المهمة في مباراة العودة مستحيلة، وبالمناسبة الخسارة أيضاً كانت في أول أيام عيد الأضحى !!
وبعيداً عن التاريخ وعودة إلى التحليل الفنى نكتشف أن الهزيمة كانت غير متوقعة على الإطلاق، لأن الفوارق الفنية بين الفريقين كبيرة بل وكبيرة جداً، ولكن قراءات “كوبر” الخاطئة وتواضع مستوى معظم لاعبي مصر منح فريق أوغندا الهزيل التفوق الظاهري، أخطأ “كوبر” في التشكيل حينما اعتمد فقط على أهل الثقة، لأن المتابع للدوري المصري ومستوى المحترفين والمنتخب المصري في الفترة الأخيرة يعرف جيداً تلك الحقائق:
1- “عبد الله السعيد” يعاني من حالة توهان غير طبيعية، ولولا حضور “صالح جمعة” القوي في الأهلي في الفترة الأخيرة كان يمكن أن تواجه الأهلي مشاكل عديدة.
2- “محمد عبد الشافي” تشعر أن علاقته بالمنتخب ليست على ما يرام، حتى من قبل إصابته فى بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة في الجابون.
3- “محمد النني” أدائه مع المنتخب عليه أكثر من علامة استفهام منذ فترة طويلة.
4- أخطأ “كوبر” حينما أدرك أن الثلاثي في حالة سيئة جداً وتركهم فى الملعب لنهاية المباراة، ولم يتم تغيير واحد من الثلاثي بينما تم تغيير المجتهد “طارق حامد” والمشاكس “كهربا”، ورغم سوء أداء الثنائي الأخير الا أنهما على كل حال كانا أفضل من الثلاثي الهزيل.
5- كان واضحاً أن أوغندا تعتمد على المساحات خلف “عبد الشافي” ولم يفطن “كوبر” إلى ضرورة غلق تلك المساحات الشاسعة، إما باستبدال “عبد الشافي” نفسه أو توجيه الدعم الداخلي له من الملعب، بل فعل العكس فقد أخرج “تريزجيه” ودفع باللاعب ذو النزعات الهجومية تماماً “رمضان صبحي”، الذي لا يؤدى الواجبات الدفاعية على الإطلاق.
6- حينما دفع بالمهاجم “عمرو جمال” فوجئنا به يخرج للاستلام خارج الصندوق، وكأن مشكلة المنتخب في تلك المباراة كانت في صناعة اللعب وليس في وجود مهاجم صريح !!
وبعيداً عن الأخطاء الفنية والتي يمكن أن تحدث في أي مباراة كانت الأخطاء الإدارية كارثية، فالمتابع لتاريخ المنتخب المصري يجد أن كل المباريات التي ركز عليها الإعلام في الفترة الاخيرة بطريقة مريبة ومبالغ فيها خسرتها مصر بشكل غريب، ولا يعقل أن تسمح دولة محترمة بتواجد المراسلين مع اللاعبين في كل لحظة قبل مباراة مصيرية، مما يشتت اللاعبين ويشعرهم بأنهم فازوا قبل بداية المباراة.
والتاريخ القريب يقول إننا خسرنا من أمريكا (0-3) في المباراة الحاسمة في كأس القارات 2009 بسبب الفرحة المبالغ فيها بعد الفوز التاريخي فى مباراة إيطاليا، وأيضاً خرجنا في تصفيات 2010 بعد الهزيمة في المباراة الحاسمة أمام الجزائر (0-1) في السودان بسبب الفرحة المبالغ فيها بعد الفوز (2-0) في المبارة الختامية للمجموعة بالقاهرة، ونفس الحال في مباراة غانا في كوماسي في تصفيات 2014 التي خسرناها (1-6)، وقبلها بالغَ الإعلام فى تقدير إمكانيات منتخبنا ولاعبينا بعد أن فزنا في كل مبارياتنا الخارجية والداخلية في المجموعة، والغريب أنه في كل تلك الحالات كان المراسل “مهيب عبد الهادي” حاضراً وبقوة بتألقاته وانفراداته !! وبعيداً عن اجتهاداته ندعوه لأن يستريح قليلاً ويعيد حساباته مع نفسه (حتى نصل الى كأس العالم) ويعود بعدها لنجاحاته المدوية !!!!