نقلًا عن المصري اليوم
عمرو خالد هو النجم الأول الآن على (النت)، وأتصوره بلا منازع بعد أن سحب البساط من (حوت) عمرو دياب.
خالد هو أشهر داعية (كاجوال) عرفته مصر والعالم العربى فى الألفية الثالثة، عاش بين الحين والآخر لحظات أفول، أو بتعبير أدق تراجع فى الشعبية، ولكن لم تغادره أبدا دائرة الضوء، وهو أيضا يعرف مفاتيح وشفرة مغازلة الإعلام حتى لا يجد نفسه خارج الزمن، فهو دائما حاضر فى الفضائيات، وكان هو الأقرب فى توقيت ما للنجوم الشباب، وبديهى أن يصبح هو نجم الحج هذا العام.
صرنا فى (بيزنس)، كل شىء يخضع للتسويق والإعلان حتى العلاقة مع الله عز وجل، الحقيقة مع الأسف هى كذلك، وبنسبة كبيرة، حيث تلعب الصورة (السيلفى) فى الأراضى المقدسة دور البطولة، مشاعر أغلب المسلمين فى كل بقاع المعمورة كانت فى الأيام الأخيرة هناك تتطلع للكعبة المشرفة، ولقطة تنشر لها مفعول السحر، وتحقق أعلى الأرقام فى المتابعة، نعم كل شىء من الممكن أن يخضع للبيع والشراء، طالما تملك وسيلة تحويله إلى رقم، الناس تنتظر دائما دليلا دامغا مدعما بشىء ملموس.
علينا ألا نغض الطرف عما حدث من تغير فى تقييم الناس لكل الأمور سياسيا واجتماعيا وثقافيا، نعيش فى زمن صار يعنيه بالدرجة الأولى الرقم المباشر وليس ظلاله أو دلالته، عدد المتابعين على الصفحة والأكثر قراءة والأعلى تحقيقا للإيرادات، والأغلى أجرا، هو الفيصل، عندما تقول رأيا مغايرا لما اجتمع عليه الناس سوف يفحمونك بالرقم، فإذا تحدثت عن فيلم وقلت إنه جيد الصنع ولكنه لا يحمل طموحا على مستوى اللغة ألقوا فى وجهك بتلك الحجة أرقام شباك التذاكر، هناك مسافة يجب أن نلاحظها بين من يحقق شعبية ومن يملك سحر الجمال، مؤكد لا خصومة بينهما، الجمال من الممكن أن يحظى بشعبية، ولكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت، وحتى يحين الوقت يظل للرقم قوته وسطوته وكلمته العليا.
ومن هنا جاء انتشار صور الدعاة والممثلين والمذيعين أثناء تأدية مناسك الحج، وتباهى كل منهم بعدد متابعيه، الجمهور عادة فى بلادنا يصدق الرجل التقى الورع، صفة (حاج) لها فى الضمير الجمعى قدر ما من التبجيل، برغم أن عددا لا باس به من حاملى تلك الصفة كثيرا ما ارتكبوا حماقات، ولم تردعهم زبيبة الصلاة التى تتوسط جباههم، إلا أن لقب حاج لم يفقد بعد كل ظلاله، على الجانب الآخر لدينا صورة ذهنية متردية عن الوسط الفنى والإعلامى، ونشر لمحات من طقوس الحج من الممكن أن يخفف من تلك الوطأة.
التقاط صور المشاهير من الأراضى المقدسة ليس جديدا، سنجد فى الأرشيف عددا منها لعبد الناصر والسادات وأم كلثوم وغيرهم، ولكن بلا إلحاح مثلما نرى الآن، انتشار ثقافة الصورة عبر المحمول لعب دوره على كافة الأصعدة، ثورات الربيع العربى مدينة للمحمول، فهو قد وثق كل التفاصيل، ولكن هل نتابع بالصورة أيضا علاقتنا بالله عز وجل بصور سيلفى؟، لا أحد من حقه أن يدخل فى نوايا الناس، فلا يمكن اتهام إنسان بالمتاجرة فى علاقة روحانية، إلا أن هذا الشغف بالصورة انتقل بعيدا حتى عن المشاهير إلى دائرة عدد كبير من الحجيج، فهم بيد يقذفون إبليس بحجر، ويدهم الأخرى تحرص على التقاط صورة سيلفى مع إبليس!!.