كثيرًا ما يُفضِل المشاهير من أهل الفن والأدب عدم تسليط الضوء على حياتهم الخاصة أو الحديث لوسائل الإعلام عن عاداتهم اليومية، وكواليس إبداعاتهم وعلاقاتهم الشخصية ، لكن لم يكن من المعقول أن نتجاهل الجوانب الإنسانية لشخصية كبيرة مثل الروائي خيري شلبي، خلال تقديم موقع إعلام دوت أورج، لملف خاص عن “شيخ الحكائين“، قمنا بعددٍ من الحوارات الصحفية مع بعض أفراد أسرته، والذي كان من بينهم:
ريم خيري
• كان والدي يكتب دائمًا من داخل مكتبه أو على أحد المقاهي ولم يكن له طقس بعينه للكتابة، وعند شعوره بالملل من مكتبه كان يقوم ببعض الأعمال اليدوية لتجديد نشاطه الذهني، وخلال سنواته الأخيرة كان يكتب في مكتبه بالمنزل، فكل أعماله الأخيرة مدونًا عليها بجانب التاريخ “المعادي” فهو كان حريصا على تدوين المكان الذي كُتب فيه كل أعماله سواء وسط البلد أو منشية ناصر أو المعادي مؤخرًا.
• الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي كان الوحيد الذي يواظب على السؤال عنا يوم الجمعة من كل أسبوع ولم يسأل عنا بعد وفاة والدي سواه، فقد استمر يطمئن علينا حتى قبل وفاته بيومين، وآخر مكالمة هاتفية كانت من المستشفى، ذلك الاتصال الذي شعرت معه أنه يودعنا قبل أن يغادر الحياة.
• فرقة “هيصة” تم إنشاؤها بعد وفاة والدي وأطلقت عليها هذا الاسم لسببين: أولهم اسم “صالح هيصه” الشخصية التي رسمها والدي والسبب التاني يرجع إلى ما تعلمته منه أن على هذه الأرض شعوبا تتميز بـ “الهيصة”، ومنها الشعب المصري سواء في الفرح أو الحزن أو البكاء أو الحديث، والتي ظل طوال حياته يكتب ليعبر عنها. “لمزيد من التفاصيل اضغط هنا”
زين خيري
• كان والدي يحصل على الكتب من سور الأزبكية ومحلات بيع الكتب القديمة كمناطق درب الجماميز، وسط البلد، الحسين والأزهر، وكان على علاقة جيدة بكل بائعي الكتب، وكان حريصا على تجميع الكتب النادرة وقراءة النسخ الأصلية التي اشتراها لأمهات الكتب العربية وكتب التراث.
• رفض والدي كتابة العديد من البورتريهات لأنه كان يرفض الكتابة بالطلب، فإذا لم تكن الشخصية التي يكتب عنها يشعر بها لم يكتب عنها، وهناك بورتريهات كتبها وهو سعيد رغم أن بعض شخصياتها كانت مثيرة للجدل، لأن فلسفته ووجهة نظره في كتابة البورتريه تتلخص في إظهار الجانب المضيء للشخصية، لأنه كان يعتقد أنه لا يوجد شخص أسود تماما أو أبيض تماما، خاصة لو كان له تأثير في مجال من المجالات المختلفة، فكان والدي كصياد اللؤلؤ، عنده المقدرة على وضع يديه على الجانب الجيد من الشخصية.
• أكثر ما كان يفرح والدي، اللعب مع أحفاده بطفولة شديدة؛ وباعتباره زملكاويا شديدًا جدًا، كان يفرح بفوز الزمالك في مبارياته وبطولاته، وأكثر ما كان يغضبه هو الغباء، وكان يعشق الموسيقى ويفهم فيها بدرجة كبيرة وألّف كتبا عن مرسي جميل عزيز، والأبنودي، وكان يتمتع بمواهب يدوية كالخياطة، كما اهتم بأدوات النجارة لأنه عمل في صغره كمساعد ترزي ونجار.
• قضى “شلبي” سنواته الأخيرة دون سيارة بعد أن تهالكت سيارته “الفولكس” العزيزة عليه والتي قد اشتراها في السبعينات من الممثلة ليلى يسري، فلجأ لركوب التاكسي ليتجنب أخلاقيات السواقة التي تغيرت للأسوأ. “لمزيد من التفاصيل اضغط هنا”
إيمان خيري
• كان والدي يعتبرني “الصبي بتاعه” وكان يناديني دائماً بـ “عم جاد الله”، فبعد خروجه على المعاش وزواج أختي ريم وعمل إخوتي زين وإسلام، كنت دائماً ما أقوم بطلباته، وكثيراً ما كنا نسهر ونتحدث سوياً، وأُعد له القهوة والشيشة ويأخذ رأيي فيما يكتب. وكنت أساعده أحياناً خلال توليه رئاسة تحرير مجلة الشعر، في قراءة الجوابات وتفريغها وتوزيعها حسب العناوين.
• رأيت خيري شلبي باكياً مرات قليلة جداً آخرها قبل وفاته بأيام قليلة حينما تعب صديق عمره الفنان سعيد صالح ودخل المستشفى وأبلغه بذلك الفنان لطفي لبيب، حيث أصابته حالة انهيار شديدة واهتز كل جسده ولم يستطع أن يتمالك نفسه من البكاء، رأيته كذلك متأثراً بالدموع عند وفاة محمد مستجاب، وإبراهيم منصور.
• اللحظات الأخيرة في حياة والدي، بدأت ليلة الجمعة الموافق ٩سبتمبر٢٠١١، عندما كان يكتب مقاله الأسبوعي لجريدة الوفد فجرًا -وبالمناسبة مازال المقال موجوداً ومُدبسا على مكتبه كما هو- وكانت والدتي معتادة على الاستيقاظ في ذلك الوقت لتحضير كوب اللبن بالعسل له لينام بعدها ، ولكنه طلب منها أن تجلس بجواره ليتحدثا سويا، بعد أن أغلق سمّاعة التليفون لتوّه مع صديقه إبراهيم أصلان، وكانا يضحكان على موقف ما وأخذ يحكي لأمي ويضحك وعندما قامت لتحضر اللبن قال لها “استني شوية أكملك الحكاية”، وفي وسط الحكاية -وكان جالسًا على سريره- سكت فجأة ولم يرد عليها، واعتقدت أنه يمازحها ولكنها اكتشفت أنه قد رحل عن عالمنا. “لمزيد من التفاصيل اضغط هنا”
حاتم حافظ
• عندما تقدمت لخِطبة إيمان، لم نتكلم في أي شيء عن سبب حضوري بل استغرقنا اللقاء كله في الحديث عن الأدب، وعن المسرح الذي كان يكن له حبًا كبيرًا. كان ودودًا أكثر مما يتخيل أي شخص ولهذا مر اللقاء بحميمية. وفي نهاية اللقاء اضطرت ريم أخت إيمان الكبرى للتدخل. فطلبت يدها في عبارة، فأشار عم خيري بالموافقة بإشارة من يده ثم استكملنا الحديث عن الأدب كأن أمر الخِطبة شيئًا عابرًا.
• قبل وفاته كان قد شَرَع في كتابة رواية جديدة لكنه -كما لو كان يعرف موعد موته- قرر فجأة التوقف عنها، لدرجة أنه قام بتدبيس الأوراق التي كتبها معا. وقتها شعرت بالخوف الشديد فقد وصلتني رسالته وفهمت أنه سوف يغادر قريبا. كان عم خيري “واصل” بالمعنى الشعبي وكان قريبًا من الله القرب الوجداني الذي يؤهله لمعرفة اقتراب ساعته.
• أكثر الإهداءات التي كان يعتز بها ويحتفظ بها كانت بالطبع إهداءات نجيب محفوظ له، فـ “محفوظ” بالنسبة له أكثر الأشخاص إلهاما، وكان مثله شديد الدأب حتى نهاية حياته. أما الصورة التي كان يحتفظ بها في صدارة مكتبه فكانت صورة ليحيى حقي الذي كان يعتبره أستاذه المباشر، حتى إن الأخير أهدى له عصاه الشهيرة، وكان عم خيري يحتفظ بالعصا قرب سريره ويفتخر بها وبمحبة صاحبها. “لمزيد من التفاصيل اضغط هنا”