نقلًا عن “المصري اليوم”
أن تشاهد حلقة من (صالون أنوشكا) بعد مشاهدة حلقة من (شيرى أستوديو)، وكأنك دخلت إلى متحف اللوفر مباشرة بعد خروجك من المركز الثقافي بكوم حمادة!!.
ما كل هذا الجمال!! ما كل تلك الأناقة! أين كنتم من البداية؟.. ولماذا دائما علينا أن ننفق الكثير من الأموال والكثير من الوقت.. حتى نصل إلى شىء يشبهنا.. ويقدم رسالة حقيقية قادرة على الوصول إلى الناس؟!.
برنامج صالون أنوشكا يعرض على نفس الشاشة التى عرض عليها برنامج موسيقى شبيه فى الفكرة ومختلف تماما فى المضمون والرسالة، فرقي أنوشكا بدون تعالٍ وهدوء الصورة وغناها بدون تكلف وجودة المحتوى وبساطته دون إسفاف وتحقق التسلية والترفيه دون ابتذال.. تجعلك تتذكر كل ما تريده من صناعة الثقافة فى هذا الوطن!!.
وقعت فى غرام هذا البرنامج بعد أن وقعت قبلا فى غرام (صولا) للرائعة أصالة.. رغم أنى لا أملك أى مواهب غنائية على الإطلاق، وكل علاقتى بالغناء هى عشقي لمنير وفيروز وذكرياتي مع صوت عمرو دياب وإعجابي بإحساس أنغام!!.
هذا البرنامج ذكرني بما ينقص هذا الوطن من تطبيق مثل غربي شهير معناه “افعلها مرة واحدة، افعلها بطريقة صحيحة!”،
نحتاج فى كثير من الأحيان إلى العديد من التجارب والكثير من الخيبات والكثير من محاولات اختراع العجلة قبل أن ندرك.. ماذا يجب أن نقدم للناس.. وكيف نقدمه!!.
فبنظرة بسيطة لهذه التجربة الإعلامية الفنية وسابقتها الشبيهة على نفس القناة.. ستدرك بسرعة أن التكلفة الإنتاجية لهذا العمل الجديد أقل كثيرا من سابقه.. حتى رغم غنى الصورة والمضمون!!، ونتأكد أن الأمور الأفضل ليست بالضرورة الأغلى سعرا!! وإنما الأعلى قيمة!!، والأكثر قربا من الناس وتلامسا مع واقعهم وذوقهم.
الناس فى بلادي أصحاب ذوق وتمييز ليسوا كما روجنا عنهم.. وفرضنا أنهم يطلبون الإسفاف أو السخف أو البذخ!!.
الناس يبحثون عمن يشبههم- وليس بالضرورة أن يشبه واقعهم تماما بالمناسبة- إنهم يبحثون عمن يشبه نفوسهم عمن يصالحهم عليها، وأحيانا عمن يأخذهم بعيدا عن قسوة الواقع ويرفعهم إلى واقع آخر يتمنون أن يكونوا أبطاله ولو للحظات.
تلك هى روعة الفن ورسالة الإعلام حتى وإن غيرتهما أحكام الإعلان وظروف الإنتاج ومتطلبات المعارف والترضيات!!.
سيظل هذا الأصل باقيا.. وسيظل الصواب مبكتا لكل المحاولات الفاشلة والفارغة لتقديم صناعة.. لا تسمن ولا تغنى من جوع..
أسجل كل خواطرى تلك وأنا أمتلك من المعلومات الكثير مما يعرفه العامة عن السوق الإعلامية الجديدة القادمة بقوة، وقليلا مما يعرفه الخاصة أيضا عن هذه السوق!!، أسجلها وكأننى أقول بقوة إنه مهما كان الوضع.. وأيا كان الشكل.. السوق الإعلامية تتغير بقوة حسنا.. فلنجعلها تتغير بوعى.. ولنعرف إلى أين نحن ذاهبون.. قبل أن نبدأ!.
فلا نجعل الشاشات كئيبة وقاسية ومزعجة حتى القبح، ولا نتطرف فى جعلها تافهة وخاوية ومسطحة حتى الجهل.
إن أردنا مجتمعا جديدا وثقافة جديدة فعلينا بشاشاته ونوافذه ومنابره.. اصنعوا إعلاما يشبهنا.. واحترموا عقولنا.. فنحن أبناء حضارة مهما دار الزمان بنا.. وأصحاب مستقبل مهما بدا حاضرنا متعثرا!!.