تكلمت أمي بثقة عن العلامات الإلهية في طريقنا، وكيف تؤمن بها أشد الإيمان، بل وتتقصى طريقها أحيانًا، إلى أن تبلغ نقطة معينة، فيخبرها قلبها بصحة ما تظنه، تعجبت منها، ليس لشيء إلا لأنني لم أتطرق لهذا الحديث أبدًا معها من قبل، ومع ذلك فإنني أفعل ما تفعله هي بالضبط، لا أكثر ولا أقل.
تذكرت المثل المصري الشهير “اكفي القدرة على فمها تطلع البنت لأمها”، هل تحدد الجينات طريقة التفكير والمعتقدات؟ إلى هذا الحد أنت وأنا محاصرين؟ أم هي طريقة تربية تخلق نسخة أخرى بدون أن نعي؟ تركت الجينات لخالقها، ورجعت بعقلي للموضوع الأساسي.
لن يخلو طريقك من العلامات، هذا أكيد، لكن هل أنت على استعداد لاستقبالها؟ هل تملك من الإيمان ما يكفي ليجعلك تراها؟، وإذا رأيتها من قبل، هل تراها في كل الأوقات؟ أم عندما تصفى روحك فقط؟ راودتني أسئلة كثيرة لم أفكر فيها من قبل حديث أمي، واكتشفت أنني لم أنتبه لها في كثير من الأحيان، إلا بعد انتهاء ما أنا عليه من حال، لم أدرك غش الآخرين، لم أتبين انفعالاتهم الكاذبة، لم أفعل ما كان يجب على أن أفعله، لم أصدق تطفلهم، ولم أعي غدرهم، ولم أرى حلاوتهم، لم أدرك تضحياتهم من أجلي، لم أستشعر مساندتهم، لم أرَ النور، ببساطة لأني لم أرَ علامات طريقي كما يجب.
ولكن كيف أرى العلامات لأسترشد بها، يرى الناس أن الحكمة تستدعي ألا تحكم سريعًا، طريق صحيح فقط كُن حذرًا، عليك حجز قلبك في مكان بعيد، ليتصرف عقلك بالحكمة التي تنشدها، أما في حالة عدم السيطرة على قلبك فيجب أن تتصرف سريعًا، لا تنفق الكثير من وقتك مع من لا يستحقك، صدقني “الجواب بيبان من عنوانه”، صدق قلبك، صدق اللحظات الأولى، صدق احساسك الأول.
لا تنهك قواك في محاولات بائسة لن تجلب نفعًا، ولا تتوسم خيرًا في إنسان لم يطمئن إليه قلبك من اللحظات الأولى، حتى وإن ظن حبه، أعلم أن أقوى علامات الحب الأمان، فلا وجود لخوف، ولا شيء في الدنيا يتساوى مع ما تعيشه في قلبك، الأمان كلمة خفيفة على اللسان، لكنها مخلوقة بلا حدود، وكُل منا ينشده بطريقته، فقط عليك أن تفهم نفسك جيدًا لتعي ما نوع الأمان الذي تطلبه، فإن لم تنوله من البداية، فلن يأتيك في النهاية.
أغمض عينيك وافتح قلبك بيقين، استدعي براءة حدسك، عندها ستتجلى العلامات واضحة كوضوح شمس طريقك، فهنيئًا لك.