فكرت كثيرًا أن أكتب عن شيء يشغل البال وخاصة فئة الشباب هذه الفترة، ولكن لكارثية الأمر.. وجدت أننا ننشغل كل يوم بموضوع جديد أو يمكن أن أقوله بلغة السوشيال ميديا “ترند” جديد”.
فإذا كتبت مثلًا في هذا المقال عما يشغلنا اليوم، وأجّل أحد القراء قراءته لغدٍ.. فإنه سيجد أن المقال يتكلم عن شيء لم يشغلنا الآن! سيكذبني بالتأكيد، سيعدني من العصر الحجري، ولكني ببساطة كتبت المقال أمس عما كان يشغلنا بالأمس.. فلا ذنب لي أننا أصبحنا ننشغل بأشياء كثيرة ولكن لفترة قصيرة
سننشغل بحادثة إحدى الحفلات الموسيقية وسنثير الضجة حتى تشعر كما لو أننا سنعيد ثورة يناير مرة أخرى، ولكنك بكل صدمة ستنام وتستيقظ غدًا لتجدنا انشغلنا بصورة الفنانة فلانة أو مباراة فريق ما، سنثير نفس الضجة بنفس الحماس وستشعر نفس الشعور – أننا سنعيد ثورة يناير- وغدًا سيشغلنا أمر آخر وبعد غد أمر مختلف وهكذا، حتى أنك لو بقيت منتبهًا معنا.. أعدك بأنك ستفقد أعصابك في نهاية الأسبوع.
لا أعرف هذا التشتت من مصدره، هل نحن!!، نحن لم نتبنَ القضايا بيقين كامل، وبشكل حقيقي، لم نتأثر بصورة صادقة، أم أن عجائب هذه البلد أصبحت أكثر من اللازم، على كل لا يهم.. كل هذا “النمل” الصغير الذي لا يأخذ مننا أكثر من يوم واحد، سيتراكم فوق بعضه ويصبح فيلًأ.. وعندها لا أظن أبدًا أن سيكفيه يومًا واحدًا.. سيحتم الأمر علينا وعيًا أكبر وانتباهًا أكبر، وسيحتاج حينها أكثر من يوم.
وبناء عليه عزيزي القارئ.. هذا مقالي الأول وقد أخذت نصيبي من تصنيف المقالات فاخترت أن أكتب عن “النمل” أقصد عما يشغل البال هذا اليوم، ولذلك.. ولأننا ننشغل كل يوم بأمر جديد، فللأسف مقالي لابد أن يُقرأ طازجًا في نفس اليوم حتى تجده واقعيًا ويتكلم فعلًا عما يشغلك اليوم، ولكن لو أجلته.. أخاف كثيرًا ألا تتذكر شيئًا حتى عن الحادثة التي أكتب عنها.