مي فودة تكتب: المتغطي بالسوشيال ميديا "عريان"

أتذكر خِطْبَة صديقة لي حينما كنَّا ندرس بالجامعة، فلبيت وصديقات أخريات دعوة عروسنا، وارتدت كل منا أجمل ما لديها من ثياب ونحن في غاية الحماسة لنرى كيف تبدو في فستانها؟، وما لونه؟، وغيرها من تساؤلات سنحصل على إجابات عليها فور وصولنا إلى مكان الحفل، إلا أن الصدفة كان لها رأي آخر، وإذ بإحدانا تتصفح حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وتقول: “العروسة أهي يا بنات!”، وهنا انطفأت حماستنا وانشغلت كل منَّا بهاتفها وكأننا لسنا سويًا.

ربما يبدو هذا موقفًا عابرًا أو عاديًا، إلا أنه يصف الواقع الافتراضي الذي نعيشه اليوم بسبب “السوشيال ميديا” التي شغلتنا حتى عن أقرب الناس إلينا، فلم نعد نهتم بمعرفة أخبار “جارتنا” أو حتى أي من أقاربنا، وباتت وسيلة التواصل بيننا إما بإعجاب وإما بتعليق وإما بنشر لمحتوى ما مؤيد أو معارض لتوجهاتنا.

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للبذاءات بأشكالها المختلفة، فترى هذا يَسُبُّ ذلك، وهذه تسيء إلى أخرى، غير أنه بات في كثير من الأحيان منبرًا للشائعات التي يصعب حتى الآن ترويضها والحد منها، إلا أن وجهها الآخر يعكس غير ذلك، فهي أزالت الحدود والمسافات بين الناس، فيمكنك أن تتحدث إلى أي أحد في أي وقت ومن أي بقعة على وجه الأرض بالصوت والصورة، وبطرق شتى.

“السوشيال ميديا” مفيدة ومهمة في أشياء كثيرة، ولكنها أيضًا مضرة، لذا فإن التوازن والتعقل مطلوبان في التعامل معها حتى لا نقع في خطاياها، فليبدأ كل منّا بنفسه، فالمولى –سبحانه وتعالى- يقول في محكم التنزيل: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

لن أحب السوشيال ميديا إذا شغلتني عن موعد “العزومة” لأي من أقاربي، أو حينما تشغلني عن أصدقائي حتى وإن اجتمعنا في مكان واحد.. لا أحبها حينما تسرق مني الوقت أو تُضَيِّع عليّ لحظات جميلة، أو حينما تكون مثبطة لعزيمتي، لا أطيقها لأنها تخدع الناس كثيرًا، فلن أنسى عندما مرضت صديقتي وتهكم عليها بعض أقاربها بعد أن نشرت صورة لها وهي تبدو في غاية التأنق والجمال متهمين إياها بأنها تدَّعي المرض.

لا أملك إلا أن أقول.. استمتعوا بكل لحظة في حياتكم، لا تنشغلوا عن من يحبونكم وتحبونهم، فأنتم لا تدرون من يبقى ومن يرحل، ولا تنسوا أن الحياة ما هي إلا فرصة واحدة “لا تُعوَّض” فلا تضيعوها على أنفسكم.