انتقل إلى رحمة الله الزميل العزيز والصديق الكبير البروفيسور محمود شريف بسيوني الأستاذ الفخري بجامعة دي بول بشيكاغو (الولايات المتحدة) والتي درس في رحابها منذ سنة 1964 إلى سنة 2012 وأنشأ وأدار معهدها لحقوق الإنسان من 1990 إلى 1997 .
وهو أستاذ ذائع الصيت في جميع أنحاء العالم وخبير ذو تجربة قل مثيلها. وقد شغل العديد من المناصب الحكومية والدولية كمستشار بوزارتي الخارجية والعدل بالولايات المتحدة وبمنظمة الأمم المتحدة وعرف خاصة بأنه “جد القانون الجنائي الدولي”. فقد عمل باللجنة الخاصة بالجرائم ضد الإنسانية التي بادرت بدراسة إشكالية صياغة اتفاقية شاملة لمنع مثل هذه الجرائم البشعة والمعاقبة عليها وأشرف على اللجنة المكلفة بصياغة هذه الاتفاقية سنة 2014′ صلب لجنة القانون الدولي للأمم المتحدة.
كما تولى رحمه الله عمادة المعهد الأعلى للعلوم الجنائية بسيراكوزا يإيطاليا من 1972 إلى 1989 ثم تولى رئاسة المعهد منذ ذلك التاريخ إلى وفاته. وقد نظم في هذا المعهد العديد من الدورات التدريبية و الموتمرات الدولية حول حقوق الإنسان وغير ذلك من المواضيع ذات الصلة بالقانون الجنائي والعلوم الإجرامية.
وقد حصل لي الشرف بالمشاركة في العديد من هذه الموتمرات من سنة 1989 إلى سنة 1991 صحبة ثلة من الزملاء من تونس ومن الدول العربية الأخرى. وقد تولى الفقيد جمع ما دار في تلك الدورات التدريبية من محاضرات في أربعة مجلدات نشرتهم دار العلم للملايين، وقد شاركت شخصياً ببحث حول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
وقد ألف البروفيسور شريف بسيوني ما لا يقل عن 32 كتابا وأشرف على إصدار 47 كتابا في القانون الجنائي الدولي والقانون الجنائي المقارن وحقوق الإنسان وله أكثر من 200 مقالة منشورة في أشهر المجلات والدوريات العالمية وله مؤلفات بالعربية وبالانجليزية وبالفرنسية وبالايطالية وبالإسبانية.
كما كان للمرحوم شريف بسيوني الفضل في تحرير، مع مجموعة من القانونيين العرب، مشروع ميثاق لحقوق الإنسان والشعوب في الوطن العربي وذلك سنة 1997 بمعهد سيراكوزا.
وقد ألف البروفيسور شريف بسيوني ما لا يقل عن 32 كتابا وأشرف على إصدار 47 كتابا في القانون الجنائي الدولي والقانون الجنائي المقارن وحقوق الإنسان وله أكثر من 200 مقالة منشورة في أشهر المجلات والدوريات العالمية وله مؤلفات بالعربية وبالانجليزية وبالفرنسية وبالايطالية وبالإسبانية.
اما اسهاماته على صعيد الأمم المتحدة فهي أيضاً متنوعة منها على سبيل الذكر لا الحصر:
– رئيس لجنة خبراء الأمم المتحدة لسنة 1992 للتحقيق في انتهاك القانون الإنساني الدولي في يوغوسلافيا السابقة (1993-1994) والمقرر الخاص للجنة جمع الحقائق وتحليلها (1992-1993).
– نائب رئيس اللجنة المخصصة لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية (1995).
– نائب رئيس اللجنة التحضيرية التي شكلتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لإنشاء محكمة جنائية دولية (1996-1998).
– رئيس لجنة صياغة الاتفاقية في المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدة لإنشاء محكمة جنائية دولية (1998) وهو بهذه الصفة يعتبر أب ميثاق روما المحدث للمحكمة الجنائية الدولية.
وقد حصل فقيدنا على جوائز وأوسمة عدة من بينها جائزة المدافع عن الديمقراطية من منظمة “برلمانيون من أجل العمل العالمي (1998).
لقد كان الفقيد معتزا بعروبته وباسلامه وبمصريته مع تفتح كامل على الآخر وتقبل الاختلاف، يؤمن بقداسة الذات الإنسانية وعمل على حمايتها بلا هوادة.
وقد زار الراحل تونس مرات عديدة بوصفه أمينا عاما ثم رئيساً للجمعية الدولية للقانون الجنائي، وربط علاقات متميزة مع الجمعية التونسية للقانون الجنائي.
التقيت بالفقيد آخر مرة في القاهرة بمناسبة المؤتمر الذي نظمه بمقر جامعة الدول العربية في شهر جانفي 2009 حول “العدالة الجنائية ما بعد النزاعات المسلحة والمحكمة الجنائية الدولية” وكان يتقد نشاطاً وفكراً ثاقباً وعناية بكافة المشاركين.
هذا فيض من غيص، ومهما اطلت الكتابة وحاولت الإلمام بشخصية البروفيسور محمود شريف بسيوني لن أوفيه حقه كاملاً.
اسأل الله أن يتغمده برحمته الواسعة ويلهم اهله وذويه وطلبته وزملاءه وأحباءه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.