فاجأتنا بالأمس الصديقة العزيزة أماني غانم، سيناريست ومترجمة، على صفحتها على “فيس بوك” بخبر مفاده أن شركة محسن جابر المالكة لحقوق أغاني عبدالحليم حافظ، حذفت كوبليه يقول “ومفيش مكان للأمريكان بين الديار”، من أغنية “ابنك يقولك”، من القناة الرسمية للعندليب، وألحقت في التعليقات روابط للأغنية بالحذف وبدون حذف كالتالي :-
رابط الأغنية من القناة الرسمية
https://www.youtube.com/watch?v=Lrl2t6oaCmw
رابط للأغنية بدون حذف
وفي الحقيقة لم تكن تلك الوقعة الأولى التي تتعامل فيها الشركات المالكة للتراث الفني المصري بالتلاعب، سواءً بالحذف، أو البيع، لشركات وقنوات أخرى، فقد سبق وأقام المخرج مدحت السباعي دعوى قضائية على علاء الخواجة زوج الفنانة إسعاد يونس، يتهمه بسرقة التراث الفني المصري لصالح الموساد، عندما باعت حوالي ٨٠٠ فيلم باسم شركة فنون التي يملكها علاء الخواجة زوجها وزوج شريهان السابق للوليد بن طلال صاحب قنوات روتانا، وهذا يمثل ٣٣٪ من إنتاج السينما المصرية في ١٠٠ عام، كذلك وبعد إنشاء الشركة العربية للإنتاج والتوزيع، فرطت في تاريخ مصر السينمائي وقوتها الناعمة لشركات خليجية تعرض ما تشاء وتمنع ما تشاء وتقطع ما لا يروق لها.
وهو الاتهام التي ردت عليه الفنانة في حوار لها مع الشاعر محمود رضوان قائلة: “شوف يا محمود، مشروع فنون ده كان مشروع عملاق اشترك فيه مجموعة كبيرة من رجال الأعمال والهيئات والمؤسسات عشان يعملوا حاجة اسمها مالتي ميديا كومباني أسوة بالشركات العملاقة في العالم، واللى الدول الكبيرة قايمة عليها في مجال المالتي ميديا، وكانت عايزة تعمل كل الشغل اللى تخلت الدولة عن عمله في مجال الثقافة، وكانت الفنون السينمائية والثقافية وقتها في حالة انهيار تام، وقتها حبينا نشتري أفلام سينمائية عشان نرممها و نعيد نشرها على العالم العربي والدولي، فقعدت أدور على الأفلام اللي ماحدش واخد باله منها، واللى كانت حاتضيع تمامًا، ومتهالكة، ووجدت مجموعة كبيرة من الأفلام عند ورثة مايعرفوش العلب اللى عندهم دى فيها ايه، واسترجعنا أفلام كانت متهربة بره فى فنزويلا وفرنسا والمغرب و خلافه، وجبت أفلام من السندرة والبلكونة و فوق السطوح، المهم ابتدينا نرمم في الأفلام دى عشان نعيد نشرها على الناس و القنوات، وايوه كانت هيرمس واحدة من المساهمين فى الكيان الكبير ده، المهم قامت علينا القومة بأننا بنهرب التراث المصري وبنبيعه لإسرائيل، وكان السؤال ساعتها و التراث المصري ده كان بيعمل أيه فى السندرة والبلكونات وتحت السرير، ليه الدولة ماقامتش بالدور ده، و لما بحثنا في اللي الدولة عملته لقيناها حاطة الأفلام في مخازن من تلاتين سنة وأكتر لحد ما تحللت، ورممنا عدد كبير من دور العرض المهترئة و قمنا بطبع وتحميض الأفلام بأعلى كواليتي على حسابنا في الخارج ولو تفتكر سنة الفين ابتدت السينما تنتعش، رممنا 850 فيلم وانتجنا ميت فيلم جديد.. لكن فضل الإعلام يهاجمنا لحد ما المستثمرين كلهم خافوا وهربوا وقرروا يبيعوا نصيبهم في الشركة دي بخسارة فادحة، وكان المشتري الوحيد هو الوليد بن طلال، الوحيد اللى رفض يبيع وقرر يكمل في المشوار لإيمانه بأهمية الصناعة دي هو وجوزي، وساعتها استقلينا بالشركة العربية للسينما وفضلنا في الميدان وكملنا المشوار بمنتهى الصعوبة لكن عندنا إيمان إن الدنيا حاتتظببط انشاء لله، أما الوليد فلازم تعرف أنه ما يملكش كل حاجة، شروط البيع كانت بتضمن أن مصر تحتفظ بالتراث وبكتير من الحقوق وأنه لا يفعل أكثر من استغلال بعض الحقوق ونشرها على القنوات المختلفة”.
وسواء كان ما فعلته السيدة إسعاد وزوجها متعمد أو لا، وسواء كان بغرض حفظ التراث أو بغرض البيع والمتاجرة في التراث تبقى النتيجة واحدة، التراث الفني متلاعب به من قبل الشركات المالكة سواء شركات صاحبة حق أصيل بها لأنها المنتج المنفذ أو شركات اشترت حق الاستغلال.
وبعد تلك التجارب ألم تفكر مصر في حفظ تراثها الفني في هيئة يصب بها في النهاية صور أو أصول من تلك الأعمال بعيد عن شركات الإنتاج، هيئة حفظ فقط وليس استغلال حتى لا تدعي شركات الإنتاج أن الدولة تستولي على حقها الأصيل في ملكية منتجها، هيئة أو دار للوثائق الفنية، تحتفظ بها كمادة خام بعيد عن الأهواء الشخصية والتقلبات السياسية، هيئة كدار الوثائق القومية التي تحتفظ فيها مصر بالأرشيف المصري لكل أجهزة الدولة.