قبل أن يصبح استاد برج العرب بالإسكندرية هو الاستاد الرسمي في السنوات الاخيرة، وقبل أن تصدأ الذاكرة أكثر وأكثر، قررت أن أحكي للأجيال الجديدة عن أيام جيلي مع استاد القاهرة الدولي، الذي كان اسمه في يوم من الأيام استاد “ناصر”.
كانت التشجيع يبدأ من أول الرحلة إلى القاهرة وليس مع الدخول إلى الاستاد وكان ذلك قبل اكتشاف الشماريخ والصواريخ وقبل اعتبار زجاجات المياة وعلب العصير أسلحة يتم مصادرتها مع أول تفتيش. والحقيقة أنني لم أعد أتذكر إن كان هناك أول تفتيش اصلا، فقد كانت الحياة أكثر سلاسة وكان يكفي أن تشاهد بعض رجال الداخلية على خيولهم – مش باحكي من قبل اختراع السيارة مش للدرجة دي- أو ما كنا نعتقد وقتها أنها خيول ضخمة لتفكر ألف مرة قبل أن تخالف قانون المشاهدة الممتعة والتشجيع المناسب.
لا يشطح خيالك بالظن أن جيلي كان “ملايكة”؛ فما أكثر من سببنا للحكم وحامل الراية والمدرب واللاعب المتخاذل، ولكن من باب محبة الفريق (عادة المنتخب أو ممثل مصر ضد فرق عربية وإفريقية) و محبة الانتصار الصغير الذي تحققه وأنت جالس مكانك تاركا بذل المجهود البدني كله على اللاعبين وباذلا كل مجهودك الذهني والصوتي طالبا من المدرب الذي يجلس على بعد مئات الأمتار منك أن يسحب اللاعب فلان أو يستعجل التبديل القادم فالفريق يحتاج فلان الآن وحالا.
رحلات العودة من الاستاد كانت تبدأ بالوجبة التي كنا نخطط لها قبل الذهاب “النهارده بقى هنضرب ساندويتشات من مصر الجديدة بعد الماتش”، ومعاناة الكاشير في أخذ طلباتنا بعد أن بحت أصواتنا جميعا لأن احتفاظك بصوتك سليما بعد مباراة مهمة كان مجلبة للعار وربما حرمانك من رحلة التشجيع القادمة “ده بيقعد زي خالتي يتفرج من سكات مش جاي يشجع”.
فرحة ممتدة لأيام كانت كل تكلفتها جنيهات قليلة وكثير من المحبة للكرة والبلد واللاعبين بلا تعقيدات الكاميرات ال “hi definition”، واستوديوهات التحليل الممتدة بالساعات فقد كان كافيا جدا مشاهدة إعادة الأهداف التي سبق و رأيتها في الملعب في “أحداث 24 ساعة” على القناة الثانية المصرية بعد العودة وقبل النوم.
كل التمنيات الطيبة للمنتخب المصري بالتأهل لكأس العالم روسيا 2018، ولهذا البلد الطيب الجميل بعودة الجماهير لاستاد “ناصر” وأيامه.