“ملك الكآبة اتجوز.. أومال فين ذكريات كدابة.. بقى منكد علينا طول الوقت وجاي تتجوز في الآخر” عبارات ساخرة استخدمها رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعليقا على خبر زواج الفنان تامر عاشور، الذي يتخذ من الأغاني ذات الطابع الحزين لونا فنيا له، حيث تعجب البعض قائلا: “كيف من يتحدث في أغانيه عن الألم والعذاب أن يتزوج ويسعد بحياته!”.
لم يكن “عاشور” الأول ولن يكون الأخير، فقبل أيام من إعلان زواجه، لم يسلم الداعية الإسلامي الشاب معز مسعود من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أعلن زواجه من بسنت نور الدين تلك الفتاة التي اشتهرت من خلال فيديوهات لها عن السياحة في مصر، ولها آلاف المتابعين، إلا أن صورتها إلى جوار زوجها والتي بدت فيها سعيدة في ذلك الفستان الأبيض الذي طلت به وابتسامتها البريئة وسط عرس كبير انتشرت صوره على السوشيال ميديا، هذه الصور التي نجدها في كل عرس.. العريس المتأنق السعيد، والعروس الفاتنة السعيدة أيضا.. لكن هل تستمر هذا السعادة طويلا؟ وهل هي حقيقية يا ترى، أم أنها ستكون خداعة؟
حار آلاف المتابعين على السوشيال ميديا ما بين ساخط ومبارك ومدافع ومعارض فقال البعض: “هل انفصل معز مسعود عن زوجته الأولى من أجل بسنت؟ وكيف ومتى تعرف إليها؟.. وهناك من قال أيضا: “معز اتجوز فتاة أحلامي.. بسنت اتجوزت يا جماعة”، وغيرها من تعليقات تشير ولو من بعيد إلى أنه علينا ألا نقرب الزواج حتى نسلم من ألسنة الناس، وبلا شك فعل ذلك لن يمنعها عنا!
أتذكر تلك القصة التي كانوا يقصونها علينا في السيرة النبوية أن الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم- كان يسابق زوجته السيدة عائشة – رضي الله عنها- أتذكر قدر الحب والاحتواء اللذان كنت أشعر بهما فور سماعي للقصة، أتذكرها بمرارة لأنني أعيش في عصر السوشيال ميديا السريع بطبيعته والحاد والصاخب بأفكارة وقصصه.
أذكر صديقة لي تزوجت عن طريق السوشيال ميديا وتأكدت من طلاقها عبره أيضا، أتذكر ذلك التعارف الجاد في بدايته والمحزن في نهايته؛ لأنه كان على أسس هشة عبر حياة افتراضية خداعة، كما أتذكر صديقة تنشر صورا “فوتو سيشن” لها هي وخطيبها على موقع فيسبوك، فتغتاظ أخرى فتنشر صورا من فوتو سيشن لها وهي سعيدة مع خطيبها، فتشعر ثالثة بالغيرة فتنشر خبر حملها مع فوتوسيشن لها هي وزوجها وهم سعداء في الصور، لكنهما في حقيقة الأمر متخاصمين.
سمي الزواج بالميثاق الغليظ أي – العظيم والقوي والشديد- لكنني أسمع قصصا عن زوج لا يهدأ له بال إلا إذا تهكم على زوجته وأهانها، أو زوجة خاصمت زوجها لسبب تافه وهجرته، أنا على يقين بأنه الميثاق الغليظ لكنني أرى نسب الطلاق تزيد يوما بعد يوم!
أرى أهل السوشيال ميديا سعداء، ينشرون أحلى الصور وأجمل الأخبار وأسعد اللحظات وأغرب “الفوتوسيشنز” التي تأكدت أنهم يتنافسون بها؛ ليظهروا “فوتوسيشن من أحلى؟” لكنني أرى أغرب الخلافات وأكبر المشكلات وندرة المودة والرحمة في علاقات ارتباط وحيوات زوجية كثيرة، ربما لو تذكروا أن الزواج لا يبنى إلا بالمودة والرحمة والتفاهم وأنه ميثاق غليظ لكانوا تعقلوا قليلا.
أرى شابا يتحكم في مواعيد دخول وخروج زوجته من المنزل، وهناك آخر يتحكم في زوجته ويهمش دورها حتى أنه لا يأخذ رأيها في شيء، فقط ينصت لنفسه، كما أرى من يهدد ويتوعد بالطلاق، وكل هذا لإثبات رجولتهم،
لكنني سأعرض عليهم صورا توضح لهم معاني الرجولة الحقيقية، مشاهد حقيقية ليست لأصحاب علاقات عاطفية مثالية، لكنها لو اجتمعت في شخص ربما تكون كذلك.
– رأيت رجلا في القطار يتفحص زوجته ثم وضع غطاء عليها لحمايتها من البرد القارس، لم ينطق ولو بشطر كلمة، لكن نظراته المتفحصة كانت مليئة بالدفء والحنان.
– أحد أقربائي كلما دعانا لتناول الغداء في بيته، وحينما تكون زوجته مشغولة أو متعبة يحمل طفلهما من زوجته حتى أنه يغير له الحفاضات، وكل هذا للتخفيف عنها.
– رجل آخر يسافر ويقتطع من وقته وجهده الساعات كل فترة؛ فقط ليرى السعادة والرضا على وجه خطيبته حين يصل إلى بيتها.
– وهذا رجل غيره يفتح كيس “المشبك” وقبل أن يأكل منه، إذ به يأخذ منه قطعة ليطعم زوجته في فمها كأنها طفلته التي يقوم بملاطفتها.
– رجل آخر -بسيط في مستواه الاجتماعي- لكنه كثير السعي والذكاء يود أن يأتي بكل تجهيزات الزفاف وبيت الزوجية دون أن يكلف أهل العروس شيئا لأنه يشعر بأن سعادة خطيبته مسؤولية على عاتقه ويجب عليه بذل قصارى جهده وشتى الطرق لتفيذها.
إذا قارنا بين الصور الجيدة والسيئة للارتباط والزواج -هنا- نجد أن المودة والرحمة أساس كل جميل، وانعدامهما أساس كل قبيح.. الزواج ميثاق غليظ وليس بالشيء الهين، إلا أنه أيضا ليس بالشيء المستحيل تحقيقه مع الدراسة والإعداد الجيد له، مع التخطيط والتدبر في معانيه.
ولمن يسأل، لماذا كل هذه اللقطات الجميلة بطلها الرجل؟ فسأرد بكل بساطة: لأنني امرأة يلفتني كل ما هو راقي من الرجال.. لذا نحتاج على وجه السرعة “رجلا” يكتب لقطات حب بطلتها امرأة !