عدة دورس مستفادة من الصور “السيلفي” التي التقطها الشباب المنظمين لمؤتمر شرم الشيخ مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بحفل الختام.
الدرس الأول كان من الرئيس نفسه الذي أراد أن ينسب الفضل لأصحابه ورفض أن يلقي كلمته الختامية قبل أن يقف بجواره الجنود المجهولين الذين لهم الفضل في خروج المؤتمر بهذا التنظيم المشرف.
الرئيس هنا عن قصد أو دون قصد كسر قاعدة مقيتة انتهجها من قبله سواء على المستوى الرئاسي أو مستوى الحكومة، قاعدة كانت تقوم على عدم الاهتمام بالجنود المجهولين وراء أي حدث، بل وكثيرا ما كان كل مسئول ينسب الحدث لنفسه ، وهذا أمر كان في غاية الخطورة حيث يجعل هؤلاء الجنود المجهولين لا يهتمون بما يعملون أو بالمهمة الموكلة لهم، لعلمهم أنهم في النهاية لن يراهم أحد ولن يعرف أي شخص أن هذا العمل سواء كان جيدا أو سيئا منسوب لهم، فكانت النتائج دائمة مذرية وكان كل حدث يخرج بشكل فاضح.
ولكن ما فعله السيسي فقبل أن يكون تكريما لهؤلاء الشباب أو الجنود المجهولين فهو يضعهم وغيرهم أمام مسئولياتهم، ومن ثم فإن أي شخص سيتم تكليفه بعمل ما سيجتهد بشدة لجعله متقنا ومشرفا كي يستطيع أن يقف بفخر بعد انتهاء الحدث ويقول أنا من فعل هذا، بل وتكون له الجرأة في التقاط صور السيلفي مع الرئيس دون تحرج.
الدرس الثاني من الرئيس أيضا ومفاده أنني شعرت أن الرئيس يعيش الرئاسة بصدق ولا يمثل علينا أنه رئيس متواضع أو متباسط، فهو في كل حدث يترك نفسه لما يفرضه هذا الحدث وظروفه ولا يتكلف أو يتزمت، ففي افتتاح تجديدات مطار الغردقة قبل عدة أشهر حينما تجول بين السائحين أراد السواح أن يلتقطوا معه صور سيلفي فاستسلم لرغبتهم والتقطوا معه صورا انتشرت بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي وتم الاحتفاء بها، وهو نفسه ما فعله السيسي مع شباب مؤتمر شرم الشيخ حيث استجاب الرئيس لطلبهم بالتقاط صور السيلفي رغم رفض الحرس الرئاسي، فهو كان على قدر مسئولية ما فعله، وطالما أنه طلب من الشباب أن يقفوا بجواره فالبتالي لابد أن يشعرهم بأنه فعلا واحد منهم لا يخافونه أو يهابونه بل يقتربون منه ويلتقطون صور السيلفي، حتى يكون الفعل صادق وواقعي وليس تمثيلا.
وأتذكر هنا ما حكاه لي الكاتب الصحفي الكبير يحيى قلاش، حيث قال إنه حينما كان مندوبا لجريدة “الجمهورية” بمؤسسة الرئاسة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، فقد كان هناك افتتاح لأحد المشروعات التنموية، وكان مبارك يقف مع أحد المواطنين البسطاء- سنصدق أنه كان مواطنا فعلا- وكان مبارك يتحدث بتلقائية وبساطة ويطلق النكات ويقوم بحركات تشعرك بأنه ابن بلد بجد، وقد أعجب الحضور بهذا المشهد، ولكن سرعان ما تحول الإعجاب إلى سخرية مما فعله مبارك، حيث اكتشف مبارك أن مصور التليفزيون كان لا يزال يعد الكاميرا ولم يسجل المشهد، فما كان من مبارك إلا أن “شخط” فيه وحينما تأكد من أنه بدا التسجيل كرر المشهد بحذافيره مرة أخرى وكأنه يمثل مشهدا في فيلم سينمائي.
أما الدرس الثالث كان من الشباب أنفسهم حيث ضربوا مثالا على أن الشباب يستطيع تحمل المسئولية ويمكن الاعتماد عليه، بدليل هذا التنظيم الرائع للمؤتمر، وحينما التقطوا الصور بتلقائية مع الرئيس فإنهم أيضا أعطوا درسا بأن هناك تغيير حقيقي قد حدث، تغيير للصورة النمطية التي صدرها لنا الكبار طيلة هذه السنين، حيث دائما ما كانوا يقفون أمام الرئيس-أي رئيس- مرتعدين مرعوبين منفذين فقط لما يطلبه وما لا يطلبه ولكن يرضيه، أما هؤلاء الشباب فغامروا والتقطوا الصور مع الرئيس ولم يرتعدوا منه وأثبتوا أن كل شيء ممكن طالما آمنت به وفعلته باحترام ودون ابتذال أو تطاول أو خوف.
نقلا عن جريدة “المقال”
اقرأ أيضًا:
هشام الميانى : دفاعك عن نفسك لا يكفي يا ريس
هشام المياني: من غير ما تغمز يا سيسي !!
هشام المياني: جثة الصحفي أهم من شغله !!
هشام المياني: صحافة برأس نعامة!!
هشام المياني: كيف تصبح مقربًا من أصحاب السلطة؟
هشام المياني: علشان رئيس تحريرك يحبك