منتخبنا الوطني لم يرض عن قرار حكومة بوتين بمنع مواطنيها من السفر إلي مصر , فأعلنها صريحة مدوية:(مستعد أن أذهب حتي أخر هذا العالم , و ستدهش روسيا عندما تسمعني الأن و أنا أقول أنني علي أستعداد للذهاب إلي بيتهم , إلي الكرملين ذاته و مناقشتهم). نعم تأهل فريقنا لنهائيات المونديال القادم سيضع حدا لفرمان القطيعة السياحية الذي فرضته علينا السلطات الروسية …نعم كرة القدم تؤكد يوما بعد يوم أنها الوسيلة السحرية لمعالجة بعض أزماتنا السياسية …نعم الإنتصارات الرياضية تصدر الفرحة الحقيقية و ترفع الروح المعنوية لأمتنا الأبية…نعم كنا نحتاج لمثل هذه اللحظة التاريخية التي ستساعدنا علي مواصلة تحمل المصاعب الإقتصادية.
مشوار التصفيات كان سهلا و ميسرا لكننا كالعادة صعبنا المهمة علي أنفسنا رغم تواضع مستوي المنافسين الذين لعبوا جميعا لصالحنا و تباروا في إهدار النقاط و كأنهم يتعمدون إهدائنا بطاقة الصعود رأفة بحالنا و أحوالنا…الواقع و الوقائع يشيران إلي أننا لم نكن الأفضل في معظم المباريات التي كانت شاهدة علي إرتباكنا المكرر و تراجعنا غير المبرر , الناتج عن عدم الثقة في النفس و الأعتماد علي خطط دفاعية عقيمة قد تحقق الفوز أحيانا علي فرق القارة السمراء لكنها بالتأكيد لن تنفع أمام الأوربيين أو اللاتينيين . جمهورنا هو النجم الأول الذي عاني الأمرين للحصول علي تذاكر اللقاء الحاسم , و مع ذلك لم يتقاعس عن الدعم و المساندة في منظر حضاري رائع كان أشبه بملحمة أسطورية لم تخلو من لمحات درامية و لقطات إستثنائية كان أبرزها ترديد كلمة (يارب) التي هزت السماء و زلزت الأرض…لاعبونا يذلوا أقصي جهودهم و تفانوا في القيام بدورهم طبقا للتعليمات الصادرة و التكليفات الصارمة التي كبلتهم و أجبرتهم علي الأداء بشكل قلل كثيرا من قدراتهم و إمكاناتهم…المدرب هيكتور كوبر نجح في تنفيذ بنود العقد و زيادة , حيث وصل بنا إلي نهائيات أمم أفريقيا التي حصد فيها المركز الثاني خلافا لكل التوقعات , ثم حقق لنا حلم التأهل لكأس العالم الذي راودنا طوال 28 عاما , لذا فهو يستحق أن نقيم له حفل تكريم كبير يتضمن تسليمه كل مستحقاته الماليه و معها شهادة تقدير تكون بمثابة مكافأة نهاية الخدمة!!.
أعتقد أنني صدمتك عزيزي القاريء برأيي الذي ربما تراه متناقضا , لكن قبل أن تبدأ في مهاجمتي سأطرح عليك بعض الأسئلة التي أرجو أن تجيب عليها بنفسك و لنفسك:
أولا : هل تضمن أن تستمر سلسلة أنتصاراته في ظل تبنيه لطريقة واحدة تقوم علي التكتل الدائم أمام مرمانا مع شن هجمات متقطعة تعتمد علي سرعة و مهارة عنصر واحد هو محمد صلاح الذي لو غاب سنلاقي العذاب؟
ثانيا : هل تعتقد أن هذا الأسلوب العتيق المحفوظ سيكون مناسبا للتعامل مع المنتخبات القوية التي تجيد أستغلال الكرات العرضية و تتميز بالتسديدات المدوية من خارج المناطق الجزائية؟
ثالثا : هل تأمل أو تحلم أنه سيغير فكره بين عشية و ضحاها ليفاجئك بعروض كروية مبهرة مصحوبة بنتائج جيدة مثلما فعل القدير حسن شحاتة خلال فعاليات كأس القارات أمام ايطاليا و البرازيل؟.
رابعا : لو أفترضنا جدلا أنه تلقي اليوم عرضا من الأرجنتين لقيادة كتيبة التانجو , هل تظن أنه سيرفض أحتراما للعيش و الفتة التي أكلها عندنا أم سيقبل فورا بأعتباره مدرب محترف يسعي فقط لمصلحته؟.
أطمئن أيها المؤيد لنظريات : (اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش) و (حرام ناخده لحم و نرميه عضم) .. هاني أبو ريدة و رفاقه سيتمسكوا بالرجل حتي يقرر هو نفسه الرحيل أو يرحلوا هم تنفيذا لقرار المحكمة الذي قضي بحل مجلسهم الموقر!.
سيكون هناك مجالا للحديث مستقبلا عن هذا الأمر بأستفاضة , أما الأن فلا صوت يعلو فوق صوت الأحتفال بأبطالنا الذين سنهتف لهم من أعماق قلوبنا : عاش منتخبنا اللي قال هنروح المونديال!.