حسام حسين
أحسب أن الحديث عن “عماد متعب” ذلك الهداف الاستثنائي بعد هذه السنوات من العطاء قد يكون حديثا عبثيا. ففي رابعة النهار لسنا في حاجة لدليل حاسم أن ما تتحرك فوقنا هي الشمس، لكن وأنا أراقب من بعيد هذا الجدل، وجدت مجموعة من الحقائق أوجزها فيما يلي:
الأولى: إننا لما يقرب من العام قد حولنا اللاعب المُلهم إلى لقمة عيش. يستغلها “سبوبجية” الإعلام بصورة تفتقر للحد الأدنى من الشرف والمهنية.
الثانية: إن محاولة الربط بين “حسام غالي” و”عماد متعب” لا تعني عدالة الأزمة. بل إن”غالي” يزج به في الأمر استنادا للتقدم في السن لكليهما، لكن الأهلي ومعه الآلة الإعلامية تستهدف”متعب” بالضرورة.
الثالثة: إن هناك ثمة ضمير جمعي يتحرك بلاوعي مدروس {جماهير/ إعلاميون} يحقدون ضمنياً على “عماد متعب” فمن يكون هذا الفلاح ابن الشرقية، والذي لا يملك من المواهب والمقدرات غير أنه لاعب وهداف متميز؛ كي يتزوج من واحدة كانت ملكة من ملكات جمال بلده. وأزعم أن اليوم التالي لزواجه، كان بداية للتوتر بين “عماد” وبعض جمهوره، وبعض الإعلاميين الذين تورطوا في إشارات رخيصة لتراجع مستواه إثر هذه الزيجة.
الرابعة: أصبح في حكم العُرف أن لا يستفيد الأهلي من اللاعبين القادمين إليه من الزمالك، لكن حين يحدث العكس، فلاعب الأهلي المنتقل للزمالك، يُشكل طفرة ونقلة نوعية. وليس جمال عبد الحميد، والأخوان حسن منا ببعيد. وهذا الهاجس لم يمت على الغالب. وأحسب أن إدارة الأهلي تخشى هذا المصير. ومدى أثره على اللعبة الانتخابية من جهة، وسخط الجماهير من جهة أخرى.
وذلك ربما يفسر عندي أسلوب الضغط الساعي لإجباره على الاعتزال، أو على الأقل أن يبدو “متعب” كمن تخلى عن الأهلي. مع التلويح ببعض المكاسب إن أنهى حياته بالأهلي، وعودته ككادر إداري. الغريب ولست أدري هنا الحقيقة أشعر أن بعض الإعلاميين يمارسون هذا الدور لصالح الإدارة. إما بإلقاء الضوء على الأزمة وتضخيمها. أو توريط “متعب” لأن يكون متهما ومدفوعاً دائما للدفاع عن نفسه.
الخامسة: يشترك “حسام البدري” و”متعب” في سمت لا دخل لهما فيه. فالاثنان يحملان ملامح منغلقة، قد تغري البعض بسوء فهمهما. لكن أحسب أن انتماء “متعب” للجيل الذهبي منطقة ضغط تؤرق “البدري”. فهناك من المدربين من يشعر أن زخم النجوم داخل الفريق يغتال نجاحه وجهده. بل إن كاريزما هؤلاء النجوم تضع من كبريائه الشخصي على المحك. ناسيا أن النجم لا ينافسه، وإنما هو جزء من أدوات نجاحه. لذا، فرغم حضور “متعب” المؤثر- رغم قلة المشاركات- لم يشفع له. بل إن غياب الجماهير أفقد “متعب” آليات الضغط. ورفع عن البدري الشعور بالحرج. هنالك كان من الضروري أن نراقب الوجوه و”متعب” يذهب لتحية الجماهير- حال حضورها- لنستبين الورطة.
السادسة: إن النادي الأهلي شخصية اعتبارية، يتميز العمل فيها بالطابع المؤسسي، المتسم دائما بالنظام والمنهج ودقة اللوائح. ووفق هذا المعنى فليس لدي أي تحفظات على شعار(الأهلي فوق الجميع) إذا كان مضمون الشعار أن الأهلي أكبر من إرادة أبنائه وهذا حق. لكن من الجوانب السلبية للاعتماد على هذا الشعار. أنه يخاطب فئة من مراهقي أولتراس، قد يذهبون في حدود التخيل(على ضوء أزمة كأزمة متعب) أن الأهلي سُلطة بلا قلب.
السابعة: للآن وعلى المدى المنظور لا نجد حلا لمشكلة الحضور الجماهيري، لذا فلن نرى المشهد مكررا ونجد بعض الجماهير تهتف لـ “متعب” كفى، مثلما حدث مع حازم إمام. لكن ما لا يُتصور أن يقول الجهاز الفني: كفى. وهو يخفيها في ثوب من إذلال للاعب. هو واحد من جملة هدافين كبار صنعوا جزءا من تاريخ الأهلي. لذا فلنقل كفى، ونرى كيف سيتعامل معها “متعب” وبغض النظر عن القرار الذي سيتخذه ونتائجه.
الثامنة: يفوت الكثيرين حين التماس مع شخصية شهيرة ما كنت أسميه شهوة الضوء. وغواية الشهرة. ولا ندري كيف يفكر “متعب” في هذه الإشكالية. ولا أريد هنا أن نستبطن يقينه في مرحلة ما بعد الغياب. ولا أملك بأي حال تصورا مقبولا لمتعب بعد الكرة. فـ “متعب” شخصية خجولة وصموتة، مؤكد لن تتكالب على منصب يوازي العطاء السابق. وحتى استوديوهات التحليل أو برنامج من بابه يقدمه لن تكون من وجهة نظري على قياس طموحه الشخصي.
في العامية التونسية مقولة مهمة (أفرط الرمانة) أي هات من الآخر في التخريج المصري. فعلى الأهلي أن يقولها صريحة: يا “متعب” لا نريدك. و”متعب” يقولها: مازال عندي ما أقدمه. أو ينهزم أمام سلطة الزمن والأهلي، ويباغتنا بقرار اعتزاله، ويصبح”متعب” ذاك الهداف الاستثنائي تاريخاً وذكرى من الزمن الجميل.