الذكرى الخامسة لرحيل أظرف شيوعي في السينما المصرية

رحلة طويلة في المسرح والسينما والتليفزيون، بدأها الفنان هناء عبد الفتاح في خمسينات القرن الماضي، حين شارك في طفولته في عدد من الأفلام منها “باب الحديد”، و”الفتوة”، ثم انقطع عن السينما ليعود ويقدم عدة أدوار شهيرة في فيلم “السفارة في العمارة”، و”الشبح”، و”حسن ومرقص” وغيرهم، وبين الانقطاع والعودة مسيرة حافلة نحاول أن نرصد بعضًا من ملامحها في السطور القادمة.

“مؤسس مسرح الفقراء”

حين رحل الفنان القدير هناء عبد الفتاح، في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات، فقدت مصر واحدًا من الذين قاموا بإثراء المسرح المصري، حيث كان للراحل “مشروعًا ثقافيًا وطنيًا” للمسرح، فكتب عددًا من المقالات والدراسات المتخصصة حول المسرح، فضلًا عن ترجماته المتعددة من وإلى اللغة البولندية، وإعداده لعدد كبير من الورش المسرحية بمركز الهناجر، كما كان ممثلًا ومخرجًا، قدم أعمالًا مسرحية كثيرة.

ولد “عبد الفتاح” يوم 1 ديسمبر عام 1941، وتخرج من معهد الفنون المسرحية بالقاهرة في عام 1967، وتمرد على الوظيفة الحكومية ورفض التعيين بأكاديمية الفنون، واتجه إلى دمنهور ليؤسس فرقة “فلاحو دنشواي”، التي قدمت أكثر من 50 عملًا مسرحيًا من التراث المسرحي لمحمود دياب وسعد الله ونوس وعلي سالم وغيرهم؛ وقدم عروضًا ارتجالية أبطالها هم عمال التراحيل، محاولًا إلقاء الضوء على هذه الطائفة، وفئات المهمشين والبسطاء، لذلك يعتبره كثيرون مؤسس مسرح الفقراء في مصر، ويصفونه بـ”الفلاح الفصيح”.

انتقل بعد ذلك إلى جامعة “وارسو” البولندية في بعثة لدراسة الإخراج، وحصل منها على الدكتوراه وأقام هناك لمدة 18 عامًا، وحين عاد إلى مصر قدم عروضًا مسرحية كثيرة لشباب المؤلفين المصريين، كما قدم عدة اقتراحات لاستضافة أهم فرق المسرح التجريبي البولندي، وحصلت هذه الفرق على جوائز عديدة بمشاركتها في المهرجان الدولي للمسرح التجريبي بالقاهرة.

رفيق الزعيم عادل إمام

اشتهر الراحل القدير جماهيريًا بعدما ظهر في عدة أعمال تليفزيونية وسينمائية شهيرة، وفي كثير من أعماله رافق الزعيم عادل إمام، آخرها كان مسلسل “فرقة ناجي عطا الله”، وأفلام “مرجان أحمد مرجان، زهايمر، حسن ومرقص، السفارة في العمارة، بوبوس”، كما ظهر في أفلام “ابن القنصل”، و”الشبح”، و”زي النهاردة”، فضلًا عن كثير من الأعمال الدرامية من ضمنها: “أهل كايرو، عايزة أتجوز، الصفعة، الإمام العزالي، رجل الأقدار” وغيرهم.

“تبادل ثقافي” بين مصر وبولندا

أخذ الفنان هناء عبد الفتاح على عاتقه تقديم الثقافة البولندية في مصر والعالم العربي، عبر استضافة أهم فرق المسرح التجريبي البولندية، للمشاركة في ورش ومهرجانات دولية للمسرح بالقاهرة، وترجم أكثر من 32 عملًا بولنديًا لكثير من الأدباء البولنديين وكثير منهم حصلوا على جائزة “نوبل”، كما ترجم مسرحيات مصرية إلى اللغة البولندية للأدباء ألفريد فرج، يوسف إدريس، يحيى حقي، يوسف الشاروني، وغيرهم.

حصل الفنان هناء عبد الفتاح على عدة جوائز، أهمها جائزة الدولة التقديرية لللفنون، كما حصل في عام 2010 على جائزة الدولة البولندية لمساهمته في إثراء مجال المسرح والثقافة البولندية، وقامت بولندا بتكريمه في وقت سابق حيث حصل على جائزة اتحاد الأدباء البولنديين لإنجازاته في مجال الترجمة، والتبادل الثقافي بين مصر وبولندا.

وأخرج “عبد الفتاح” عددًا كبيرًا من المسرحيات منها “حلاق بغداد” و”شمس الشموس” و”ليلة صاخبة جدًا”؛ ورحل عن عالمنا في 19 أكتوبر 2012، بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة.