حصلت الباحثة عزيزة السيد السيد الخولي على درجة الماجستير في الآداب من قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الأسكندرية عن دراستها التي جاءت بعنوان “المثاقفة بين الأدبين العربي والإسباني خورخي لويس بورخيس نموذجًا- دراسة مقارنة”.
اتخذت الدراسة الأديب الأرجنتيني (خورخي لويس بورخيس Jorge Luis Boges) نموذجًا، وقد ولد في الأرجنتين عام 1899 وتوفي عام 1986م، وتعتمد الدراسة على المنهجين التاريخي والمقارن، وتأتي في مقدمة وتمهيد نظري حول مصطلح المثاقفة، وثلاثة فصول، وخاتمة، وملحق ببلوغرافي بأعمال بورخيس، الطبعات الأولى الإسبانية والمترجمة إلى العربية.
تناول الفصل الأول في ثلاثة مباحث، حياة بورخيس بين أوروبا وبوينوس أيرس، وثقافته الموسوعية والأنواع الأدبية التي كتب فيها.
كما استعرض الواقعية السحرية بين الأصالة، والتجديد، ويعرض بإيجاز جذور الواقعية السحرية، وكيف وصلت إلى أمريكا اللاتينية، ثم واقعية بورخيس السحرية وسماتها.
وجاء الفصل الثاني في أربعة مباحث نماذج من المؤثرات العربية والإسلامية في أدب بورخيس، حيث تناول المبحث الأول، أثر القرآن الكريم، وعرض القصص التي ظهر فيها أثر لبعض آيات القرآن، وعلاقة القصة بمعنى الآيات، وقصة ظهر فيها معنى لحديث شريف، أظهر فيها بورخيس موقفًا من الإسلام في موقفه من الرسم والتصوير والفنون.
– تناول المبحث الثاني أثر ألف ليلة وليلة، وقد ظهر هذا الأثر في اقتباس بورخيس قصتين كاملتين، إلى جانب حضور ألف ليلة في أكثر من قصة ومحاضرة ومقالة أدبية وقصائد شعرية.
– المبحث الثالث يعرض نماذج من المؤثرات الفلسفية، والمذهبية، والمؤثرات التاريخية، وقد ظهرت في قصة بحث ابن رشد، كما ظهر تأثره بالتصوف الإسلامي وأعلامه مثل ابن عربي، وفريد الدين العطار في الألف، وتمثل تأثره بالتاريخ في قصة المقنع الخراساني، وفي تعرضه لثورة الزط في قصة الاقتراب من المعتصم.
وتحدث المبحث الرابع عن ملامح الشخصية العربية في أدب بورخيس وقد تبين أنه قدم صورة غير صحيحة في كثير من جوانبها للشخصية العربية، وذلك تبعًا لما كان يختاره من أحداث تاريخية، أو فيما يختلقه من قصص تتضمن شخصيات عربية.
الفصل الثالث يعرض نماذج من أثر بورخيس في الأدب العربي في ثلاثة فصول: فالمبحث الأول رصد أثر بورخيس في المجموعة القصصية (في مرايا حانة) لـ(حسن ناصر)، ويمثل هذا النموذج التأثر المباشر ببورخيس؛ ولقد ظهر هذا التأثر جليًا في أغلب نصوص المجموعة، سواء بالفكرة، أم بالألفاظ، وبالاقتباس المباشر من نص لبورخيس، واستطاع الكاتب أن يوظف هذا التأثر لصالح نصوصه التي ناقشت موضوعات وثيقة الصلة بالكاتب وحياته وتاريخ بلده العراق.
أما المبحث الثاني فتناول الصراع العربي الإسرائيلي كما ظهر عند كل من بورخيس ومحمود درويش، حيث قارن بين الحالين تجاه القضية، فكان التأثر بينهما من نوع التأثر المضاد؛ فقد كان الطرح الأدبي لأبعاد القضية مختلفًا؛ لأن محمود درويش عاش في مكان الصراع، وعاشر اليهود وخالطهم، بينما لم يذهب بورخيس إلى هناك إلا زائرًا، ولكن الأديبين اشتركا في التعبير عن حالة الشتات، والبحث عن الوطن خارج الكلمات.
المبحث الثالث يخص استلهام ألف ليلة وليلة بين بورخيس وواسيني الأعرج، من خلال رواية (رمل الماية)، حيث اتخذ البحث من ألف ليلة وليلة رابطًا بين واسيني الأعرج وبورخيس، وبين كيف استخدم الأعرج ألف ليلة في سرد صفحات من التاريخ من وجهة نظره، وذلك عن طريق سرد قصة أحد الذي جاء من فترة ما بعد تسليم غرناطة يحكي فواجع السقوط على مر التاريخ الإسلامي، في الوقت الذي استلهم فيه بورخيس من ألف ليلة الأسطورة والطرفة في الأسطورة التي وردت في فتح الأندلس من ألف ليلة وليلة، واستخدمها في عرض أفكاره عن المرآة والعالم.
وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج المهمة منها:
– إن أكبر المؤثرات العربية في أدب بورخيس هو كتاب ألف ليلة وليلة، فقلما خلا منه نص، ذكرًا وتأثرًا في الأسلوب والطريقة، وتأتي كتب التصوف الإسلامي في المرتبة الثانية، ثم كتب التاريخ الإسلامي، ثم بعض آيات القرآن الكريم.
– عرض بورخيس صورة مهزوزة للعربي في أدبه، قدمها في ضوء فهمه للتاريخ العربي والإسلامي، وحكايات ألف ليلة وليلة، إلى جانب أنه كان يعرض ما يحقق أهدافه الأيديولوجية.
– كان بورخيس يختار من التاريخ الإسلامي والعربي جوانب ضعف وثورات، ويلمز الفكر الإسلامي والعربي، وذلك صدى للصراع العربي الإسرائيلي الذي كان يشغله دون أي ظروف سياسية أخرى، فكان اعتزازه وفخره بانتمائه لإسرائيل أكبر من أي انتماء آخر.
– لقد ظهرت أصداء بورخيسية في بعض الروايات والقصص العربية، سواء عن طريق التأثر المباشر به، أم عن طريق غير مباشر، كما ظهر التأثر المضاد.
جدير بالذكر أن دراسة الباحثة عزيزة السيد أشرف عليها أ.د/ مراد حسن عباس أستاذ الأدب العربي والأدب المقارن ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وناقشها كل أ.د/ محمد زكريا عناني أستاذ الأدب العربي والمقارن بكلية الآداب جامعة الإسكندرية و أ.د/ سلوى محمد محمود أستاذ الأدب الإسباني ورئيس قسم اللغة الإسبانية بكلية الآداب جامعة حلون، وبمقتضاها حصلت الباحثة على درجة الماجستير بتقدير ممتاز مع التوصية بطبع وتبادل الرسالة بين الجامعات العربية.