أحسنت المذيعة مروج إبراهيم، بسرعة الاعتذار للمؤرخ الكبير الأستاذ الدكتور عاصم الدسوقي، عن تجاوزها معه على الهواء في حلقة الثلاثاء الماضي من برنامجها “ما وراء الأحداث”، على شاشة قناة “extra news”، وهو الاعتذار الذي أقرت فيه مروج بتجاوزها مهنياً وأدبياً في حق الرجل، وأكدت تقديرها واحترامها له، قبل أن تُذكر نفسها قبل الآخرين، بالاحترام الكامل لكل الضيوف، والسعي، بل والحرص دائماً على الالتزام بقواعد السلوك المهني، وما زاد من قيمة الاعتذار، أنها أقرت بتحملها وحدها مسئولية الواقعة، ودون أدنى مسئولية على فريق عمل البرنامج أو المحطة، وكانت إدارة القناة قد سبقت مروج في الاعتذار للرجل، مؤكدة إيقافها عن العمل، وإحالتها للتحقيق، وذلك تقديراً واحتراماً من إكسترا نيوز للضيف الكبير، وجمهور مشاهديها، ومجموعة القنوات التي تمثلها.
نرشح لك: كيف أدارت إكسترا نيوز أزمة المؤرخ عاصم الدسوقي؟
المشهد بكامله، وإن بدا صادماً إلى حدٍ كبيرٍ، وهو ما تؤكده عدة هوامش، تتلخص ليس فقط في خطأ خروج مروج إبراهيم عن إطاري الاحترام والاحتراف في التعامل مع ضيفها الكبير قيمة وقامة، وإنما في إصرارها على الاستمرار في الخطأ المتواصل مع الرجل لعدة دقائق، ساهمت في سوءة إنهاء الحلقة بما يمثل إهانة لقيمة وأدب الحوار مع الكبار، قبل أن يكون إهانة لمن هو بقيمة الدكتور عاصم الدسوقي العلمية والفكرية، كما أكدت إصرار المذيعة الشابة على ما بدا منها من قصور معرفي، حين حاول الرجل احتواءها بالحوار حول التاريخ وأصول وقواعد التعامل معه، فما كان منها إلا التأكيد في انفعال أهوج وتكرار مستفز، أنها إعلامية لديها أسئلة، وضعها فريق الإعداد، وعليه الرد والإجابة فقط لا غير!
هكذا هبطت مروج إبراهيم بقيمة الإعلامي أو المذيع التليفزيوني مرة واحدة، فجعلته مجرد آلة يحركها آخرون من خلال الإيربيس أو سماعة الأذن، وهبطت معه بقيمة الحوار مع الكبار مهنياً وإنسانياً، فلا تراه إلا أسئلة وأجوبة على طريقة كلمة ورد غطاها، وهو ما زاد من صدمة متابعي قناة إكسترا نيوز، وأنا منهم، باعتبارها واحدة من أفضل المحطات التلفزيونية الفضائية وأعلاها مهنية، فلم أجد نفسي إلا في حالة غضب، عاد بذاكرتي إلى زمن المحاورين الكبار على شاشة ماسبيرو، حين كانت الثقافة أحد أهم مقومات نجاح المحاور، ناهيك عن المهنية، والتحضير الجيد في كل مرة، ومع كل ضيف على اختلاف التخصص، بنفس القدر من الاهتمام والاتقان، وكما لو كان يحاور في كل مرة على الشاشة لأول مرة.
أعود فأقول، أن الواقعة وإن بدأت صادمة، إلا أنها سرعان ما جاءت بتوابع إيجابية للمشهد، وفي ظرف ساعات قليلة، وهو ما يجب أن نتوقف عنده بالاهتمام الكافي، والتقدير المستحق، خاصة ونحن نعيش مناخاً مجتمعياً مستمراً لما يقرب من سبع سنوات الآن، جعل من فكرة الانقسام هي الحاكمة لأي خلاف أو اختلاف، خطأ مروج إبراهيم بكل قسوته وارد إنسانياً، واعتذار إدارة المحطة في أسرع وقت بعده، وإقرارها بالإساءة، وتأكيدها على قيم السلوك والمهنية، كل هذا يؤكد وعي واحترافية القائمين عليها، ومعه إيقاف المذيعة الشابة عن العمل وإحالتها للتحقيق، وبما يوحي به القرار من رغبة في تقويم السلوك، ومعاقبة المخطئ، ثم كان اعتذار مروج، وأخيراً دعوة القناة للمؤرخ الكبير للظهور من جديد في حلقة الخميس من البرنامج.
وهي الدعوة التي أكد الدكتور عاصم الدسوقي رفضها في تصريحاته لجريدة الوطن أمس، ومشدداً على قراره بعدم الظهور على شاشة إكسترا نيوز مرة أخرى، بل ومتهماً مروج إبراهيم بأنها مذيعة مأجورة!!.. وهو ما لم نكن نتمناه جميعا في الحقيقة من الرجل حتى يكتمل المشهد إيجابياً، سواء اعتذاره عن عدم الظهور في حلقة أمس الخميس من برنامج “ما وراء الأحداث” مع المذيع المتميز شادي شاش، خاصة وأن القناة قد نوهت بهذا، أو قراره المطلق بعدم الظهور على شاشة إكسترا نيوز، أو اتهامه المرسل الانفعالي للمذيعة الشابة بأنها مأجورة، الدكتور عاصم الدسوقي له الحق فيما يراه ويرضيه، ولكنها قسوة في الخصومة لم تكن متوقعة منه، وباعتباره أستاذاً جامعياً ومربياً للأجيال، قبل أن يكون مؤرخاً ومرجعية علمية كبرى.