هشام عشماوي، اسم بات مألوفًا على أذن المصريين في السنوات الأربع الأخيرة، حيث يتردد اسمه بالتزامن مع وقوع عمليات إرهابية في مصر، كان آخرها حادث الواحات، يوم الجمعة الماضي، والمُرجح تورطه في تنفيذ هذه العملية، الذي استشهد فيها 16 ضابطًا وإصابة 13.
برنامج “صناعة الموت” لـ محمد الطميحي، عبر قناة “العربية”، كان له حظ في إنتاج مادة تليفزيونية عن الإرهابي الهارب هشام عشماوي، والذي وصفه بـ”أخطر مطلوب أمني في مصر”، حيث استهل مُقدّم البرنامج حديثه، برصد محطات “عشماوي” بداية من التحاقه بالقوات المسلحة حتى انضمامه إلى الجماعات الإرهابية، حتى يكون المُشاهد العربي مُدركًا بالتفاصيل كافة.
اصطحبت راندا أبو العزم، مديرة مكتب القناة بالقاهرة، جمهور “صناعة الموت” في رحلة إلى عالم التطرف، والتي انطلقت من حي مدينة نصر، حيث يعيش بالمنطقة العاشرة هناك، ولديه أسماء حركية كثيرة، منها “أبو مهند” و”أبو عمر المهاجر”، فصار من أخطر المطلوبين على قوائم الإرهاب منذ سبتمبر 2013، وذلك بعدما كان ضابطًا مُتميزًا داخل وحدة “الصاعقة” ولم يتطرق في حديثه للسياسة طول فترة خدمته.
المعلومات المتاحة عن “عشماوي” قليلة ومتضاربة في كثير من الأحيان، لذلك تحاورت “أبو العزم” مع بعض الشخصيات القادرين على توضيح شخصية هذا الإرهابي، منهم أحمد صقر مساعد رئيس جهاز تنمية سيناء سابقًا، والمحرر العسكري خالد محمد، والخبير الأمني خالد عكاشة.
هشام عشماوي عمل في سيناء عشر أعوام، حين وقعت تفجيرات طابا ودهب وشرم الشيخ، وكان يعيش حياة طبيعية مع زوجته نسرين سيد علي، المُدرس المساعد في جامعة عين شمس، وولديه، لكن حياته بدأت تشهد تغييرًا تدريجيًا في 2005، عقب وفاة والده “علي” الذي كان يعمل مُدرسًا للغة الفرنسية.
يقول “خالد محمد” إن “عشماوي” تأثر نفسيًا بوفاة والده والعمليات الإرهابية التي وقعت في سيناء، لذلك كان يتردد كثيرًا على المساجد في الإجازات، ويقترب من الجماعات التكفيرية التي كانت تعمل على استقطاب الشباب، حتى تم التحقيق معه لأول مرة في 2006، وأكد الالتزام بالعقيدة العسكرية، لكنه لم يعتدل عن مساره، لذلك تم إقصاءه عن المهام القتالية والفرق التدريبية وتحويله إلى سلاح الدفاع الشعبي.
بعد فصل “عشماوي” بشكلٍ نهائي في 2009، لسوء حالته النفسية، قضى ثلاثة أشهر في مصحة نفسية للعلاج لكنه فشل في اجتياز التأهيل النفسي، وبات يتردد على مسجد “الأنوار المحمدية” في منطقة القائد بحي المطرية، لمدة عامين تقريبًا بداية من 2010، حيث كان يلتقي العناصر المتطرفة هناك.
راندا أبو العزم، واجهت صعوبات خلال صناعة هذه المادة التليفزيونية، حيث رفض البعض التصوير معها لاسيما رواد مسجد “الأنوار المحمدية” وجيرانه في مدينة نصر، وذلك بعدما توجهت إلى منزله ووجدته مُغلقًا بـ”قفل” حديدي، واتضح فيما بعد أن أسرته كانت تعيش في المنطقة دون الاختلاط بالمواطنين، وزوجته تركت المكان بعد هروبه.
“صناعة الموت” استعان بخرائط جوجل، لإبراز المسافة القصيرة بين منزل “عشماوي” والنقطة التي شهدت محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، إذ أن الإرهابي كان يستعد لهذه الجريمة منذ فترة ويرصد تحركات موكب الوزير، ليخبر زوجته ليلة التنفيذ بالسفر إلى الإسكندرية.
والد “عشماوي” أنشأ “مصلى” في الدور الأرضى بمنزله، وحمل اسم “المغفرة”، وكان يُعقد فيه جلسات دينية باستمرار، لذلك رفض رواده السماح لـ”العربية” التصوير بداخله، واعتقدت “أبو العزم” أن سبب ذلك يرجع إلى الحرية التي يتمتع بها هشام حاليًا خارج السجن ولا زال له “مُخبرين” في كل مكان.
في شكل “فيديوجراف” بسيط، رصد “صناعة الموت” أبرز الأعمال الإرهابية التي ارتكبها “عشماوي”، منها استهداف مقر المخابرات الحربية في الإسماعيلية عام 2013، تفجير مديرية أمن الدقهلية في العام نفسه، تفجير مديرية أمن القاهرة عام 2014، والهجوم على وحدة عسكرية في عملية الفرافرة، والهجوم على قوات الجيش في كرم القواديس بسيناء.