"تربيعة" من قهوة "المُلُخ" إلى قصر الأمير طاز

نوران عاطف

الأربعاء 25 أكتوبر 2017
السابعة مساءً
المركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية

(1)

يظهر أعضاء الفريق على خشبة المسرح ويتخذ كل منهم مكانه، يرحب بهم الجمهور فترد الفرقة بعزف مقطوعة موسيقية شرقية تتجه خلالها أنظار العازفين لشادي عازف العود الذي يتوج المقطوعة بعزف طويل منفرد ثم يعود الأداء الجماعي وتنتهي الموسيقى، ويظهر محمد صقر المغني الرئيسي للفرقة يرحب بالجمهور “لـ اللي ما يعرفناش احنا فرقة تربيعة واللي اتعزفت مقطوعة اسمها تربيعة تلحين شادي ابراهيم”.

تُعرّف تربيعة نفسها كفرقة تهدف لتقديم موسيقى شرقية ومصرية الهوية بصوت معاصر مستفيد من الموسيقى الغربية واللاتينية، أول ظهور لهم كان في أبريل2016، التقى إعلام دوت أورج أعضاء الفرقة السكندرية السبعة خلال أيام الإعداد للحفلة للحديث عن مشروع تربيعة الموسيقي ونظرة كل منهم له.

تحدث صقر وهو أحد مؤسسين الفريق “أنا اعرف سراج وشادي من فترة، كنا بنلعب موسيقى مع بعض وأفكارنا متشابهة، لحد ما في مرة سمعتهم لحن وعجبهم وكانت البداية”، كما أوضح صقر أن صاحب اسم “تربيعة” هو سراج عصام عازف القانون والجيتار وهي ترمز لدرجة الربع في الموسيقى الشرقية، بالإضافة إلى أن “التربيعة” هو مكان كان يقصده الناس قديماً لسماع الموسيقى.

في نفس السياق، حكى عمرو منير عازف البيركاشن عن أول حفلة للفريق: “كانت في تياترو اسكندرية، المكان هناك صغير يكفي تقريباً 60 فرد واتفاجئنا إن التذاكر خلصت ولسة فيه ناس عايزة تحضر فعملنا حفلتين في نفس اليوم”، وأرجع عمرو السبب في ذلك لأن بعض أعضاء الفريق معروفين نسبياً مثل شادي وصقر وسراج مما شجع الجمهور على حضور ظهورهم الأول كفريق واحد.

(2)

بعد عدة أغاني ومقطوعة موسيقية أخرى تنتقل الحفلة لمستوى مختلف من اندماج الجمهور ونشاطه عند أداء الفرقة لأغنية “تلات وخميس”، ثم تصل لقمة الاندماج والتفاعل بغناء “والنبي يا غزال” من الفلكور البورسعيدي، ومونولوج “ياللي ما شفتش خيبة”.

بسؤال الفريق خلال اللقاء عن إمكانية التنبؤ برد فعل الجمهور تجاه كل أغنية قبل عرضها؛ جاءت الإجابة جماعية وسريعة “إطلاقاً !!” ، أوضح فادي فرج عازف “الكيبورد” وأحد المنضمين حديثاً للفرقة أن على سبيل المثال أغنية تلات وخميس كانت مجازفة في طرح صوت جديد ومختلف سواء في الغناء أو الموسيقى “كنا بنقعد مع صقر كلنا نتمرن فوكال عشان نغني معاه، أنا كمان طول عمري بلعب كلاسيك بيانو والمصري كان جديد عليا فأما رجعنا للكلاسيك حسيت أن الكورة في ملعبي”.

https://www.youtube.com/watch?v=awSUywf60cw

يضيف سراج “قبل الحفلة بأسبوع كان كليب مرة كمان نازل وعامل نسبة مشاهدة كويسة، فتوقعنا أن دي الأغنية اللي الناس هتطلبها تاني، لكن اتفاجئنا أنهم مصرين على تلات وخميس رغم أنها كانت أول مرة نلعبها في الحفلة دي”.

يوضح صقر أن أغنية “تلات وخميس” من كلمات الشاعر أحمد شبكة وهو أحد المؤثرين والمشاركين في نهضة الفريق، كما يؤكد سامح عازف الباص جيتار أن “بيرم وسيد” لصاحبه “شبكة” من أحب الأماكن لقلبه سواء لاجتماعات الفريق أو للحفلات.

هنا يتدخل سراج ليوضح أن قهوة “بورصة المُلُخ” بمحطة الرمل بالاسكندرية هي أهم الأماكن لتاريخ الفريق، حيث أنها شهدت كل النقاشات والقرارات والخلافات “اللي لسة منضم جديد ما يبقاش انضم إلا لو قعد على المُلُخ، قبل كدة ما نعرفهوش”، وعن الأماكن أيضاً استأنف صقر أن تقديمهم لعرض بقصر الأمير طاز يعتبر من أهم خطواتهم حيث كانت الحفلة ضمن مؤتمر عالمي حضره وفود أكثر من 40 دولة كلاً منهم يقدم فلكور دولته، فشاهدهم وتفاعل معاهم أشخاص من كل مكان في العالم.

علق شادي إبراهيم على اهتمامهم بأغاني التراث أنها محاولة لإلقاء الضوء على ألوان مختلفة من الموسيقى المصرية تم إهمالها مثل اللون البورسعيدي، كما أنهم يقوموا على إعادة تقديمها بأسلوب الفريق لكن دون المساس بهويتها الأصلية، بالإضافة إلى أن هدف الفرقة الأصلي هو تقديم الصوت المصري الذي لم يعد موجود، لذلك فموسيقاهم تحاكي التراث المصري دائماً وتتأثر به.

https://www.youtube.com/watch?v=oa25iRroM-M

يضيف سراج “يعني نقدر نقول إننا بنفكر في الصوت باعتبار الفترة اللي بنحب نرجعلها دي اللي هي التلاتينات والاربعينات لو كانت استمرت لدلوقتي بدون تغيير المسار اللي حصل كانت هتبقى عاملة ازاي لكن مش تقليد لهم”.

(3)

يختم تربيعة الحفل بأغنية “صحاب السوء” من كلمات الشاعر عمرو حسن، بعد انتهاء الأغنية يقف أحمد صقر ليخبر الجمهور أنها ربما تكون المرة الأخيرة له على المسرح مع تربيعة لفترة غير معلومة، لكن لا شيء يمكن أن يوقفه عن حب الموسيقى، ثم يعيد الأغنية مرة أخرى بناء على طلب الحاضرين، يتألق فيها العربي لاعب الطبلة وأخر المنضمين للفريق بصولو شرقي طويل يشتعل معه المسرح.

https://www.youtube.com/watch?v=GMiOUncD8k8

بالحديث عن المصاعب التي تواجه الفريق أكد سراج عصام أن أهم العقبات هو عدم التفرغ للعزف، فالجميع لهم التزامات ووظائف أخرى تجعل تجمع مثل اليوم من أجل التجهيز للحفلة أحياناً شبه مستحيل، ويوضح أنه ما زال طالب في كلية صيدلة وعمرو طالب في كلية السياحة والفنادق، والعربي خريج إدارة أعمال، أما فادي وسامح كلاهما مدرس موسيقى وشادي طبيب أسنان، مما يصعب تخصيص المجهود الأكبر ذهنياً أو من ناحية الوقت للموسيقى.

واستأنف سامح أنه برغم كل الضغوط أهم ما يميز الفريق هو أنه أسرة واحدة والجميع يتقبل بعضه ويتقبل الرأي الآخر، وأي أغنية أو مقطوعة تصل للناس في النهاية هي نتاج رأي كل شخص فيهم “انا اشتغلت في فرق كتير بس دول أنضج ناس انا اشتغلت معاهم”.

ولأن الخبرة تأتي بالسمع وكل موسيقي هو نتاج ما يسمعه، سألنا أعضاء الفريق عن مصدر خبرتهم السماعية، أكد الجميع على الاطلاع الدائم على الجديد والقديم ومختلف الألوان والثقافات، كما أن لكل مرحلة المفضل فيها، لكن كلاً منهم اختص نوع أو اسم، حيث صرح سراج أن مفضّله حالياً هو محمد أبو ذكري، بينما ذكر سامح الموسيقار إبراهيم معلوف، وعمرو منير أوضح تفضيله للموسيقى اللاتيني، وتحدث العربي عن الموسيقى الشرقي والتركي، وفادي عن الجاز الفرنسي، واختص شادي المرحلة بالاستماع للمشايخ تحديداً الشيخ مصطفى اسماعيل، في حين عبر صقر عن حبه لعبد الوهاب وأم كلثوم وفي نفس الوقت محمد منير وعمرو دياب مما يعني استعداده الدائم لسماع الجميع.