يا داهية دُقى، المؤكد كان هذا هو حال مؤسسة الأزهر العريقة، عندما تبادل الناس هذا الشريط على (النت) فقرروا إنزال العقاب بالجميع.
(احذر منه أنه لا يحب الموسيقى) هكذا حدد وليم شكسبير فى إحدى مسرحياته (ترمومتر) يقيس به البشر، من يحبون الموسيقى هم من يحرصون على الحياة، بينما أزهرنا الشريف يعاقب بالفصل الطلبة الصعايدة الذين رقصوا على أنغام المزمار وعلى إيقاع عصا التحطيب، هل العيب أنهم يرقصون أم فى ارتداء الزى الدينى؟، ألم تر، مثلا، طلاب المدرسة الابتدائية وهم يلعبون بزى المدرسة التقليدى، هل يعتبر ذلك اعتداء على قيمة التعليم والتربية؟ الزى هو الزى، مهما تعددت أنماطه المريلة أو القفطان.
لماذا يظل أزهرنا أسير الشكليات، يترك الأفكار المتخلفة تمرح وترقص (عشرة بلدى) بكل حرية فى عقول طلبة المعاهد الأزهرية، الذين يحلمون تارة بنكاح الوداع وتارة بثدى امرأة يلتهمونه (إرضاع الكبير) أو حيوان يمارسون معه الجنس، بعد أن قال لهم الأستاذ المعمم إن الأمر ممكن عند الضرورة، وإن الضرورات يبحن المحظورات.
ضرب هذه الأفكار المتخلفة هو معركة الأزهر التى يتحاشى أن يخوضها، فى ظل تلك العقول التى تتوعد شيخا غنى فى أحد البرامج رائعة أم كلثوم (لسه فاكر قلبى يديلك أمان) بحجة أنه كان يرتدى الزى الشرعى، أغلب أساطين النغم كانوا شيوخا يمارسون المهنة، لقد غنت الست نعيمة المصرية عددا من أغانيها التى نصفها بالخلاعة، وهى من تلحين العديد ممن حملوا لقب شيخ مثل سلامة حجازى وزكريا أحمد وأبوالعلا محمد وغيرهم، وأغلب تلك الأغنيات من تأليف الشيخ يونس القاضى (هات الإزازة واقعد لاعبنى/ دى المزة طازة والحال عاجبنى)، الشيخ سيد درويش لحن مثلا (شفتى بتاكلنى أنا فى عرضك/ خليها تسلم على خدك) الاعتراض ليس بسبب أنه يرتدى زى الشيخ ولكن على تردى مستوى الكلمات المغناة.
هل هم غاضبون حقا من ارتداء الزى أم من الرقص باعتباره خروجا على الصرامة؟ الزى ليس مقدسا، نحن الذين أطلقنا تعبيرات زى إسلامى وشورت شرعى وفن شرعى وسينما نظيفة، بينما الشرعية من عدمها لا صلة لها بالفن.
السينما المصرية رصيدها ضخم جدا فى السخرية من هذا الشيخ المعمم (المأذون)، الذى يعقد القران ولم يستشعر أحد أن هذا الزى يمثل الإسلام، فهو مجرد رجل يرتدى جبة وكاكولا وقفطاناً، إلا أن الشيوخ قبل نحو 7 سنوات تمكنوا من إرهاب حنان ترك عندما قدمت مسلسل (نونة المأذونة) فحذفت كل مشاهدها التى ترتدى فيها زى مأذونة.
هل تعلمون كيف تخلص الشيخ زكريا أحمد من الجبة والقفطان والعمة وغيرها؟ كان الشيخ فى الإذاعة لتسجيل أحد الألحان، وهناك التقى صدفة الفنانة زوزو حمدى الحكيم ورحب بها، وأثناء تناوله القهوة معها ضرب الفنجان بكم القفطان وغمر المشروب الساخن فستان زوزو حمدى الحكيم، فما كان من الشيخ زكريا سوى أن أقسم أمامها، بأنه لن يرتدى أبدا هذا الزى. هل اعتبر الازهر أن زكريا أحمد قد تجاوز فى حق ملابس لها جلالها، أم أن الأمر يدخل مباشرة فى إطار الحرية؟!.
عباس شومان، وكيل الأزهر، هو الوجه المتشدد، يبدو على السطح كلما كان المطلوب هو إظهار العين المتزمتة الحمراء، وهو الذى أصدر قرارات الفصل للطلاب والأساتذة، ولكن أليس هذا هو بالضبط رأى شيخنا الجليل أحمد الطيب؟ فى الحقيقة نعم، شيخنا الأكبر فى أعماقه يمنح أيضا الزى الأزهرى قدسية وإجلالا.. وتلك هى (أُم المشاكل)!.