أودعت محكمة القضاء الإداري “الدائرة الثانية”، حيثيات حكمها بقبول دعوى شيخ الأزهر بمنع بث حلقات وإذاعة برنامج “إسلام بحيري” على فضائية “القاهرة والناس”.
ورفضت المحكمة طلب وقف قناة “القاهرة والناس”، كما قضت برفض طلب منع ظهور إسلام البحيري على القنوات الفضائية، استنادًا إلى حق المشاهد في انتقال الأفكار والمعلومات إليه واستقبال رسالة اتصالية تعددية، من خلال برامج متنوعة وإفساح المجال للتعبير عن الآراء وانتصارا لحرية الفكر والتعبير.
صدر الحكم برئاسة المستشار سامي عبد الحميد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية كل من المستشارين شريف أبو الخير وأحمد عِوَض حسن ومصطفى حبيشي وبهجت عزوز نوح حسين ويماني عبد النبي وأحمد جلال ومحمد غيث ومحمد إبراهيم نواب رئيس مجلس الدولة وبسكرتارية محمد عايد.
أكدت المحكمة في حيثيات حكمها، أن لكل ذي حق إذا ما رأى أن ما يعرض عليه يمثل مخالفة أن يلجأ إلى الجهة الإدارية المختصة بطلب وقف ما يراه مخالفا للنظام العام والآداب.
كما قضت المحكمة بإلزام المجلس الأعلى للإعلام وهيئة الاستثمار ووزارة الاتصالات بعدم بث أو نشر برنامج “مع إسلام” الذي كان يذاع على قناة القاهرة والناس، تأسيسًا على أن محتوى حلقات البرنامج كانت محلًا لحكم جنائي بات تناول منهج مقدم البرنامج في نقد التراث والعبارات التي تدعو لهدمه باعتباره “عفن حقيقي” إلى آخر العبارات التي أشار إليها الحكم الجنائي، والذي انتهى بثبوت تهمة ازدراء الأديان في حق “بحيري” ومن ثم أصبح ما أثبته الحكم الجنائي حقيقة ثابتة بما لا يدع مجالا لإعادة بحثه.
وأضافت المحكمة: أن “بحيري” خلط نقده للتراث والكتب التاريخية بعبارات تثير العامة وتؤذي مشاعرهم وتستفز وجدانهم، حيث سلط الضوء على الغث والثمين من التراث بدلا من نقده بالمنهج العلمي، وهو ما يخالف منهج المصلحين والمفكرين، لما حواه البرنامج من سب وقذف وطلب هدم التراث الإسلامي ووصف بعض المجتهدين في زمانهم بالقتلة إلى آخر المخالفات التي حفلت بها حلقات البرنامج الذي لفظته قناة “القاهرة والناس” وكان محلا لحكم جنائي ثبت فيه أن ما احتواه البرنامج يعد ازدراء للأديان، مما لا مفر معه من حجبه عن المشاهدين وعرضه على المهتمين به أو الدارسين لصنوفه أو المعنيين بإصلاحه دون غيرهم؛ وأنه درءا للفتنة وعدم تدني لغة الخطاب الإعلامي، فإنه يتعين حظر إعادة بث هذه الحلقات.
وتابعت المحكمة أنها إذ تقضي بحظر نشر الحلقات فإنها تنتصر لحرية الفكر والتعبير، ذلك الفكر الذي يهذب النفوس ولا يثير الفتن، والتعبير الذي يرتقي بالأفهام ولا يعادي الناس فيما يقدسونه؛ ينقد الخطأ ليقيم الصواب، لا يسب المخطئ، يعالج المشكلات التاريخية بالرأفة والعقل والتروي لا بالتقريع والتوبيخ والاستقطاب، يعالجها بالتنوير لا بالتعميم والازدراء، فإن لم تعالج الأمور وتعرض على عامة الناس بذلك كان الضرر أكثر من النفع، وأضحت ذريعة للمتطرفين في الجانب الآخر للتوتر والاضطراب.
وفي الأخير أكدت المحكمة أنه لا مساس بحرية الفكر والتعبير الذي تواترت عليه دساتير العالم المتحضر اليوم، مشددة على أنه ليس من حق السلطات التدخل في وسائل الإعلام المقروءة أو المشاهدة أو الرقمية، إلا في الحالات التي تمس كيان المجتمع بأثره وحسب كل حالة على حدة وفقًا لظروفها وملابساتها وتأثيرها على سكينة المجتمع وأمنه.