حين تبحث عن الاختلاف والتجديد يكون الإبداع والتفكير خارج الصندوق هما المفتاح.. في عام 2004/2003 كنت مذيعة في قناة Nile TV” International”، ولدي ٣ برامج أسبوعية ناجحة منهم اثنان علي الهواء بخلاف قراءة النشرة والتغطيات الخاصة. كنت أقدم برنامج “Nile Hits” بالتبادل مع زملاء آخرين منهم شادي شاش، وكنت بدأت تقديمه بعد اعتذار الصديقة ريهام السهلي عنه، و”Shoot” مع صديقي شادي شاش، و”Melodies” الذي كنت أحبه جدا ولكن تبادل عليه أيضا مذيعون آخرون. كنت أرغب في تقديم برنامج يخصني لم أورثه من أحد بفريق عمل جديد وبأفكار جديدة. وسألت المخرج ياسر نبيل الملقب بأبو العربي نظراً لانتمائه لبورسعيد قلباً وقالباً عن استعداده لذلك فقال لي متحمسا “يلا بينا”.
وبدأنا جلسات عمل ثنائية مكثفة نناقش ونطرح أفكاراً ونختلف ونضحك كثيراً وقررنا تسمية البرنامج الجديد “Our Hour”، وهو ترجمة حرفية ركيكة ومقصودة بمعني “الساعة ساعتنا نعمل فيها اللي يعجبنا”، كنا نريد تقديم محتوي مختلف وجديد ومتطور ونناقش مواضيع مختلفة. كانت ميزة البرنامج في ذلك الوقت أنه يجمع بين التقارير والتصوير الخارجي مع الضيوف وأيضا ضيف في الاستوديو علي الهواء مع تلقي اتصالات هاتفية وكنا نصور “promo” خارجي لكل حلقة. وهذا ال “format” لم يكن موجوداً في أي برنامج في التلفزيون المصري في ذلك الوقت. وحتى الديكور كان عبارة عن “plexiglass podium”، ولم يكن الضيوف معتادين علي هذا الارتفاع في جلستهم، ولكن كان “أبو العربي” حريصاً علي تقديم صورة مختلفة تماماً.
نرشح لك – رشا سري تتذكر: مذيعة ماسبيرو بـ”الملاية اللف”
وبدأنا في إذاعة البرنامج ونجحنا في طرح مواضيع مختلفة منها التنافس بين شركات المحمول، وكانا شركتان فقط في هذا الوقت، واستطعنا لأول مرة علي شاشة التلفزيون المصري استضافة مديري التسويق بالشركتين، واحد مسجل والثاني في الاستوديو وكانت تعتبر هذه أول مواجهة في القناة ولكنها غير مباشرة.
التواصل مع الجمهور كان مشكلة.. لا يوجد قنوات اتصال بين القائمين علي المحتوى التليفزيوني والجمهور. كانت جوابات الإعجاب أو تفاعل الناس في الأماكن العامة هي مقياس النجاح هذا بخلاف البرامج المفتوحة للاتصال الهاتفي علي الهواء.
ففكرنا بعد أول شهر من الإذاعة في عمل موقع إلكتروني خاص بالبرنامج، نطرح فيه المواضيع للمناقشة ونستطلع رأي المشاهدين عن ما يجب أن نناقشه في الحلقات القادمة، ولم يكن هذا الطرح مفهوماً بين الموظفين الإداريين في التلفزيون واستأذنا الأستاذ حسن حامد رئيس القناة الذي رحب ولكن إمكانيات التلفزيون لم تتح هذه الخدمة بل لم تكن مفهومة أصلاً. وكدنا نفقد الأمل في تنفيذ الفكرة ولكن ياسر بادر بفكرة أخري وهي الاستعانة بالجمهور. وبالفعل طرحنا الموضوع على الهواء وطلبنا من مشاهدي البرنامج التطوع لمن لديه الخبرة في “web designing”، لإن هذا التخصص لم يكن منتشراً مثل هذه الأيام. وتطوع بالفعل أحد الشباب وقابلته أنا وياسر نبيل وصمم لنا أول موقع إلكتروني لبرنامج تلفزيوني بدون أي مقابل غير شكره علي الهواء ووضع اسمه علي “titre” البرنامج. وكان ثمن حجز ال domain آنذاك ١٠٠ دولار عكس هذه الأيام حيث يمكنك تأجيره بأقل من ١٠ دولارات سنوياً وطبعاً دفعناه من مالنا الخاص.
نرشح لك – رشا سري تتذكر: أول بث حي للحرب على الهواء مباشرة
وبالفعل بدأ التواصل الإلكتروني مع الجمهور وكنا نطرح عدة مواضيع للمناقشة ونختار ما يختاره المتابعون للموقع ونقرأ الرسائل والمقترحات في فقرة مدتها ٣ دقائق من زمن الحلقة، ونجحنا نجاحا جميلاً. اليوم كل برنامج لديه صفحته الخاصة على ال Facebook وInstagram والتواصل والتفاعل مستمر بدون أي صعوبة.
ورحلت بعدها بعام إلى قناة النيل للأخبار ورحل ياسر نبيل وانضم إلى طيور ماسبيرو المهاجرة إلى الخارج ولم يكن غريباً أن تخرج طاقة مبدعة أخري من هذا المخرج حيث صدر له كتابان في السنوات الأخيرة “صاحب المقام” و”ابن بلد”.