لا يُحسب العمر بعدد السنوات، ولا تعد الإجادة بمدى الخبرة، ولا تنفع الواسطة والشهرة مع عديمي الموهبة.
عدد من الفنانات عِشن تجربة تقديم البرامج، نجح منهن البعض وفشل البعض الآخر، ولا يعني كونك مطربًا مشهورًا أو ممثلاً محبوباً، أن تصبح مقدمًا جيدًا.
هناك أسباب كثيرة للنجاح يمكن أن تتوفر في شخص ولا تتوفر في آخر لكنها توفرت في “أنوشكا”، والتي تثبت يومًا بعد يوم وحلقة بعد حلقة أن اختيارها كمقدمة برامج كان في محله.
وربما نجاح “أنوشكا” في الفترة الأخيرة في الدراما، وحالة القبول الواسعة التي حققتها لدى المشاهد كانت السبب الرئيسي وراء اختيارها، لكنها لم تكتف بذلك وانتهزت الفرصة بذكائها المعهود، واستطاعت أن تجتهد لتنتزع إعجاب كل من يتابع البرنامج.
هدوئها وثباتها، تطويع نبرات صوتها، ضحكتها، نظرات عينيها وملامح وجهها المعبرة، استماعها الجيد إلي الضيف، الألفة، البساطة، كل هذه الأشياء جعلت الصالون ليس مجرد جلسة حِوارية، لكن جلسة أسرية كلها دفء وحميمية وجعل الضيوف يشعرون وكأنهم ضيوف في صالونها الخاص، والمشاهد كأنه جزء من هذا الصالون.
”إذا تلاقى الناس في حالة متشابهة، نقلت هذه الحالة للجميع”.. هذا ما فعلته أنوشكا، نقلت أناقتها وشياكتها ورقيها ليس إلى الضيوف فحسب، بل إلى المكان ككل، فشاهدنا ديكورًا مختلفًا، يشعرك مع أناقة الضيوف أنك عدت لفن الزمن الجميل، الزمن الذي نحّن إليه جميعاً، ظهر الديكور كأنه معرض فني تم فيه الاستعانة ببعض اللوحات والتماثيل لفنانين مصريين، حالة إشباع بصري ثقافي آخر يُضاف إلى حالة الإشباع الموسيقي والأزياء والحوار.
استعان مُصمم الديكور “محمود فرماوي”، – والذي اشكره علي هذه الفكرة المبتكرة- بلوحة الزمان والمكان للفنانة جاذبية صدقي، وتمثال كيداهم الشهير للفنان محمد الفيومي، وتمثال مايسترو للفنان جمال عبد الناصر.
تُجيد “أنوشكا” اختيار أزيائها بشكل كبير، فلديها قدرة على اختيار الألوان واختيار التصميمات التي تبرز جمالها وروحها، والبعيدة عن البهرجة والابتذال، وربما هذا يعطي درساً قيماً للمرأة بوجه عام أن هناك فرقًا كبيراً بين الأناقة والبهرجة.
لم تكن أنوشكا هي الأنيقة فقط، لكننا شاهدنا ضيوف البرنامج في قمة الأناقة أيضًا، وظهرن كأنهن ذهبن إلى نفس المصمم خصيصاً للظهور بإطلالة متناسقة، وهنا أود أن أشكر “داليا هيكل” منسقة الملابس.
لأن الفن يخاطب حواسنا ومشاعرنا سواء كان أدباً أو موسيقى أو رسم، جمع الصالون بين كل هذه الأشياء ليزيد من متعة المشاهدة، وإن كان للوهلة الأولى يعطيك البرنامج إحساساً بأن فكرته مستهلكه أو أنه شبيه لبرنامج آخر، لكن حلقة بعد حلقة يحاول فريق عمل البرنامج أن يعطيه شكل وتنوع في الصورة والموسيقى والديكور والأزياء ليصنع منه حالة خاصة به تبعده عن أي تكرار.
مقارنة بسيطة بين “صالون أنوشكا” و”شيري ستوديو” كبرنامجين غنائيين عُرضا علي نفس القناة، نجد أن أنوشكا تفوقت كمقدمة برامج وتفوق الصالون علي شيري ستوديو، رغم تكلفة الأخير العالية، وهذا يوضح أننا يمكن أن نقدم عملاً جيداً يمكن أن ينجح بكفاءة عالية وتكلفة أقل، المهم اختيار الأفراد المناسبين لتنفيذ ذلك.
”فالأفضل ليس بالضرورة الأعلى تكلفة لكن الأعلى كفاءة وقيمة”.