أولا أعتذر لروح العالم المصري الكبير دكتور أحمد زويل؛ أن يقترن اسمه بعبث لا فائدة منه، وثانيا ليس لدي أي اعتراض أن يكون الدكتور زويل -اسما ومعنى- قدوة ونموذج لكل شاب مصري طموح، يسعي أن يجد فرصة ليساهم بقدر ولو بسيط في مسيرة التقدم الإنساني، ولكن تعقيبي عن محاولة أن تفرض نفسك على مؤتمر دولي لتلفت الانتباه إليك برفع الصوت وحٍدّة الحديث، وهو الأمر الذي دعى الرئيس مشكورا لاحتواء الموقف ودعوة الشاب للحديث، فتحدث في مشكلة شخصية عن معاناة والده -رحمة الله عليه- مع مرض الفشل الكلوي واختراعه جهازا لمحاربة المرض، وأتمني أن تكون أبحاثه الطبية دقيقة، بالرغم من قناعتي بحكم دراستي الطبية العقبات والصعوبات التي تحول -في الوقت الراهن- دون اختراع مثل هذا، أو علي الأقل المجهود المضني والعقود الطويلة التي تتطلبه أبحاث طبية لكي يُكتب لها النجاح.
فالفشل الكلوي باختصار شديد هو قصور الكلى عن إخراج السموم الناتجة كمخلفات لطاقة الاحتراق، هذه السموم المترأكمة قد تؤدي للموت المفاجئ للمريض بسبب ما يعرف ب “Toxaemia”، ومن هنا جاء اختراع الطبيب الهولندي ويليم كولف عام ١٩٥٠، لتقنية “hemodialysis” المتعارف عليها باسم الغسيل الكلوي؛ لسحب دم المريض من إحدي ذراعيه للفلترة بالخارج على جهاز الغسيل ومن ثم إعادة دمه نقيا مرة أخرى إلى ذراعه الآخر، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل طبية من الأنسب أن يتحدث عنها متخصصون، وأعود هنا للحديث عن الشاب الذي تكلم بتيه وزهو غريب عن دراسة أو اختراع -علي حد وصفه- لم يتثنى لأحد التأكد من دقتها، وأتعجب هنا أيضا من بعض ممن انتقدوا المذيعة الرائعة والمجتهدة دينا عبد الكريم، في محاولتها للسيطرة علي موقف مفاجئ سبب بعض الهرج وفي تعقيبها علي الشاب بقولها “يعني أنت زويل التاني؟!”، وأتفهم جيداً أن جملتها لم تحمل أي سخرية، بل جاءت تأنيبا ضمنيا للشاب بأنه ما ينبغي أن يتحدث العلماء هكذا.
أما عن السوشيال ميديا والمواقع وبعض الصحف التي سرعان ما تهافتت علي الشاب لأخذ تصريحات صحفية منه وسرعان ما لقبوه بالعالم الدكتور فلان الفلاني، فهنا يبدو تعامل المجتمع -المصاب مؤخرا بهستيريا الاختراعات- مندفعا بشكل ما، حتي بدت أحلامه أشبهه بأحلام الغريق الباحث عن القشة، فذهب يحتفل ويحتفي بأصغر طالب مثلا اكتشف أخطاء في نظرية اينشتين، وهو لم يتجاوز بعد المرحلة الإعدادية، ولم تتثنى له فرصة دراسة نظريات اينشتين مثلا، كي تتاح له فرصة اكتشاف أخطائه، وأخرى اخترعت علاجا للسرطان وغيرهم الكثيرين ممن يهينوا بظهورهم هكذا مئات الشباب الذين يسلكون طريق البحث العلمي الحقيقي بعد أن آمنوا بقيمة البحث العلمي وتحملوا صعابه ومشاقه، وقد آثرت في حديثي هذا ألا أذكر اسم الشاب -مع احترامي الكبير لشخصه- حتى لا أساهم بقدر ولو ضئيل في تشجيع سلوكه، ولكن جاء مقالي هذا علي طريقة “شايف عمو اللي هناك ده.. اتصرف غلط.. متبقاش تعمل زيه”.
وأخيراً السبهللة لمن لا يعرفها هي مصطلح بالعربية فصحى، فالسبهلل هو الشيء الفارغ، فيُقال جاء سبهللا أي فارغا لا شيء فيه، أو أنه غير محمود المجيء، أو يُقال هذا الشيء سبهلل أي لا ثمرة فيه ولا فائدة مرجوة منه.