في أحد اللقاءات التيلفزيونية التي جمعت بين الفنانة هند رستم والفنانين كمال الشناوي وشكري سرحان، وجهت الإعلامية نجوى ابراهيم سؤالا لكلٍ منهما عن الدور الذي يرشح له نفسه والضيفين الآخرين، تحدث “كمال” عن “هند” قائلاً: “هند تحير .. كل دور ممكن تلعبه”، وتلاه الفنان شكري سرحان “هند تمثل المرأة العصرية اللي فيها كل شيء”.
تظلم أحياناً مِن الفنانات مَن تمتلك أنوثة طاغية، أو من يمكن تصنيفها كنجمة “إغراء”، ويتم اختصار مشوارها الفني في كونها المرأة الجميلة، ربما لذلك لم تحب هند رستم لقب “ملكة الإغراء” الذي أطلقه عليها الإعلامي مفيد فوزي، ومع ذلك فهي لم تنكر تلك الصفة وأكدت أنه “مش هيجي زيها”، لكنها شددت أيضاَ عما تملكه من صفات الجدية وتوظيف الموهبة من أجل الفن الهادف.
تمتلك هند رستم “كاريزما” النجمة، من حيث أناقة الحديث عن نفسها وثراء شخصيتها بوجهات نظر محددة وواضحة في كل الأمور، ترى نفسها بسلاسة ودقة وفخر، تمنحك الثقة في آراء رفاق جيلها من الوسط الفني كـ”امرأة كل شئ”، ولا تجعلك تُكذب الفكرة البديهية التي تطرأ لذهن الجمهور عند ذكر اسمها وهي أنها أيقونة الجمال والإغراء، تجد أيضاً جانب المرأة المصرية البسيطة التي تعبر عن مشاعرها تجاه زوجها وطاعتها له بكل اعتزاز.
لذلك في ذكرى يوم ميلادها في 12 نوفمبر 1931 يستعرض إعلام دوت أورج أهم ما قالته الفنانة الراحلة هند رستم عن نفسها تعبيراً عن شخصيتها في عدد من اللقاءات المختلفة خلال حياتها، إلى أن توفت في 8 أغسطس 2011.
1- أتمنى أداء دور “ست تافهة”، لأني لم أستطع أداءها من قبل، نظراً لأن المنتجين والمخرجين يروني دائماً غير ملائمة له “بيقولوا هند شخصيتها قوية ما تنفعش في الدور ده”.
2- ابتعدت عن الفن لعدم وجود أدوار ملائمة لي بعد تقدم سني، كما أن أبناء جيلي تعودوا الأداء الصادق والجاد ولا يمكن لأي فنان أصيل أن يقدم شيء في ظل “التهريج” الحالي.
3- استسهال واستهتار المنتجين بمراحل تصوير الفيلم وإنتاجه، أصابني بالـ”القرف”، فمثلاً استبدالهم لإستوديوهات التصوير المتخصصة بالشقق المفروشة ووسط الجمهور، تجعل الفنان يرغب سريعاً في الانتهاء بالمشهد بأي شكل وتخرجه من حالة الشخصية “بحس إني قرد في جبلاية والناس بتحدفله سوداني”.
4- في السابق كان حتى عامل الكهرباء يعرفني جيداً ويستطيع استنتاج حالتي النفسية إن كانت جيدة أو سيئة، من شدة الالتصاق بين فريق العمل، والتلاحم كأسرة واحدة.
5- أرى أن السينما “تهذيب” مثل السجن، لذلك استنكر بشدة انتشار التعري غير المبرر والألفاظ البذيئة في الأعمال الفنية، ولا أعلم أين الرقابة من ذلك الانحدار، عند تصوير فيلم “لا أنام” جاء مندوب مخصوص من الرقابة طوال مدة التصوير ليتأكد من عدم وجود أي شئ خارج عن السياق المسموح به.
6- لم أعد أشعر بحنين عند العودة لتصوير فيلم، فلم تعد هناك حدود في التعامل أو تقدير للمكانة الفنية والأدبية للفنان، “عادةً أول يوم تصوير ببقى متوترة ومشدودة جداً جداً، وآخر يوم كنت بعيط من كتر ما بقينا أسرة، انهاردة ببقى عايزة الفيلم يخلص”.
7- أكن الحب والاحترام لكل زميلاتي في الوسط الفني وتجمعنا صداقات خلال تصوير أي عمل فني “لكن انا طول عمري بعيدة”، فعلى الرغم من تلك الروابط إلا أنني لا أعرف عنوان أو تيلفون منزل ماجدة أو شادية.
8- نور الشريف ومحمود ياسين متميزان على المستوى الأخلاقي والفني، فـ “نور” قارئ قوي ويهتم بجميع التفاصيل يذكرني في ذلك بشكري سرحان، ومحمود ياسين صوته جميل واستثنائي يشبه بدايات عماد حمدي.
9- قدمت أكثر من 120 فيلما، لكني سعيدة فقط بحوالي 10 أو 15 منهم، فخورة جداً بأفلام البدايات مثل “الجسد” و”رحمة من السماء”، حيث أن إثبات الجدية والموهبة في بداية الطريق شئ لا يُنسى، وأعتز أيضاً بالأفلام الهامة مثل “امرأة على الهامش”، “شفيقة القبطية”، و”الخروج من الجنة”.
10- قدمت أدوار الإغراء لكن جميعها كانت لمعالجة مشاكل لا لإثارة المشاعر، وأؤكد بكل فخر أنه “ولا هيجي زيي”، كما يقول مثل روسي “الفنان أما بيموت ما بيجيش مكانه”.
11- استطاع المخرج حسن الإمام استغلال طاقتي الفنية، كما أتخيل أن “البرنس” كمال الشيخ كما أُطلق عليه، و”الفنان” حسين كمال يمكنهم فعل ذلك أيضاَ لكني لم أعمل معهم.
12- عملت بالمسرح في بداياتي الفنية، لكني تمنيت بشدة أن أعمل به وأنا “هند رستم”، لكن بكل صراحة “فياض” يمنعني من العمل به.
13- لم أعد أشاهد أفلام عربية، لكني أتابع المسرح باستمرار واستمتع به، بالأخص تحية كاريوكا، احترم جداً ذكاءها في تغيير القالب الذي تقدمه بما يناسب الوقت الحالي، وأحب اختياراتها، تذكرني دائماً بـ”مسرح الريحاني” الذي كان يقدم “تورتة حلوة” لكن “مليانة مسامير”.
14- أقرأ لإحسان عبد القدوس لأنه يقدم ما تخشى الأم أن تقوله لأبنائها، وأتمنى دائماً تقديم عملا لنجيب محفوظ.
*معظم التصريحات من حوار لها مع الإذاعي وجدي الحكيم خلال لقائه بها في برنامج “نجوم زمان” عام 1979.
* قدمت هند رستم مع حسن الامام ما تعتبرهم هي أهم أفلامها مثل “الجسد”، “امرأة على الهامش”،”شفيقة القبطية”,”الراهبة”، و”الحلوة عزيزة”.
* محمد فياض هو طبيب نساء شهير، وهو زوج هند رستم الثاني بعد المخرج حسن رضا، تزوجها عام 1961 بعد طلاقه من الراقصة هاجر حمدي، استمر زواجهما حتى وفاته في 5 يناير 2009.