طارق الشناوي
نقلًا عن المصري اليوم
هل تعلم عزيزى القارئ أن أنغام تم إدراج صوتها منذ نحو عام فى قائمة الممنوع تداول أغانيهم عبر الإذاعة الرسمية ولا يزال القرار سارى المفعول؟ وهو نفس المصير الذى لحقت به مؤخرا شيرين، وربما زادت أيضا شيرين أن تليفزيون (ماسبيرو) وتوابعه وضعوها فى القائمة السوداء.
نرشح لك.. القرموطي عن أزمة شيرين: “تشويه متعمد لها”
سلاح المنع هو الطبلة، التى يجب على من يُمسكها أن يجيد ضبط إيقاعها، وإلا صارت تُصدر لنا دقات نشاز، أنه عقاب (فشنك) لأنك مع تواجد 1500 فضائية لن تلحظ أن الإذاعة المصرية قررت منع صوت. سلاح المصادرة يشعرنا وكأن المسؤول، الذى أصدره لحق بمدحت صالح ويعيش معه فى (كوكب تانى).
أنتم طبعا تتذكرون سبب منع أغانى شيرين، أما السر وراء عقاب أنغام، وذلك لأنها اعتذرت فى اللحظات الأخيرة عن إحياء حفل (أضواء المدينة) لأن المسؤول عن الحفل لم يصرف للعازفين أجورهم، ولم يقطع تذاكر الطيران لشرم الشيخ، وبدون تحقيق جاء العقاب.
نرشح لك.. أسباب انسحاب أنغام من حفل أضواء المدينة
فى الماضى كان منع الصوت من الإذاعة المصرية يساوى الموت (إكلينيكيا)، وهكذا مثلا تدخل جمال عبدالناصر كما هو معروف لعودة صوتى أم كلثوم وعبدالوهاب للإذاعة بعد القرار الذى اتخذه بغشومية أحد الضباط بعد ثورة 23 يوليو، معتبرا أن أم كلثوم وعبدالوهاب غنيا للملك وهما من العهد البائد فينبغى القضاء عليهما، ولو تصورنا أن القرار تم تنفيذه، المؤكد أن أم كلثوم وعبدالوهاب كانا حتما سيصبحان فقط مجرد سطرين عابرين فى التاريخ الغنائى.
سلاح المنع كان يستخدم فى الماضى بجهل أو بحقد، شاعر مصرى كان يؤلمه حضور الشاعر السورى نزار قبانى فى القاهرة الذى صار طاغيا، فأوعز للمسؤولين بعد هزيمة 67 بأن نزار كتب ديوان (هوامش على دفتر النكسة)، مهاجما عبدالناصر، وكان هذا قطعا سببا كافيا لمنع قصائده من الإذاعة وأيضا منعه من دخول البلاد، وبعد أن علم عبدالناصر بالمكيدة ووصلته رسالة من نزار جاء القرار بالسماح له ولقصائده بالتداول.
الإذاعة كانت تشكل قوة ضاربة ووحيدة فى ذلك الزمن حتى جاء الكاسيت ليصبح إحدى أهم أدوات التواصل بعد الإذاعة، تعرض الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم للحصار الرسمى، واستطاعا بشريط الكاسيت أن يعبرا رغم المعوقات الأمنية الحدود للعالم العربى، وهو نفس ما حدث مع أحمد عدوية، مع اختلاف السبب، حيث إن أغانيه وصوته كانت عنوانا للتردى وأحد توابع الهزيمة العسكرية التى أدت إلى هزيمة ثقافية وغنائية، فلم توافق اللجان الرسمية على تداول أغانيه، رغم ثناء ملحنين كبار على صوته بقامة عبدالوهاب والطويل وبليغ وسيد مكاوى، فكان رغم الحصار هو المطرب الأول فى الشارع، الآن أصبح ما قدمه عدوية نموذج الفن الشعبى المحترم والمعتبر.
نرشح لك.. محامي “شيرين”: عدم قبول اعتذارها يُعد إساءة للمصريين
سلاح المنع كثيرا ما يُغرى باستخدامه، لأن السلطة تمنح البعض الرغبة فى استعراضها، وهكذا مثلا عندما غضب الكاتب الصحفى إبراهيم سعدة من نور الشريف بسبب فيلم (ناجى العلى)، على اعتبار أن ناجى كان كثيرا ما يرسم (كاريكاتير) ضد أنور السادات، منع نشر أخباره وامتد المنع إلى زوجته الفنانة بوسى، كما أنه بعدها بسنوات أصدر قرارا مماثلا بعدم ذكر اسم عادل إمام فى كل مطبوعات مؤسسة أخبار اليوم لأنه لم يرحب بفكرة بطولة فيلم (القنبلة) المأخوذ عن مقال نشره سعدة فى «أخبار اليوم»، وردة بعد معركة مصر والجزائر فى كرة القدم تعرضت أغانيها للمصادرة فى الإذاعة الرسمية.
قرارات الإقصاء صارت فى خبر كان، ولكن لايزال البعض منا يعيش فى (كان ياما كان)!!.