نوران عاطف
“حاسس .. حابب .. مستمتع .. متشوق” يعدّهم ماجد الكدواني ليصف ما يجب أن يشعر به تجاه العمل حتى يقبله ويُبدع فيه، أصبح من الصعب الآن تصنيف “الكدواني” كفنان كوميدي فقط، نظراً لذكائه وموهبته التي أهّلته للخروج من أي قولبة والتنوع فيما يقدمه، وهو ما يمكن اعتبار “ماجد” على أساسه النسخة المعدلة والمتطورة من فنانين عدة ظلمتهم بداياتهم الناجحة في نوع معين من الأعمال الفنية على مر تاريخ السينما ولم يستطيعوا إقناع المنتجين بأنفسهم كـ”كارت ناجح” يمكن الرهان عليه أمام الجمهور في نوع آخر.
نرشح لك – الطيبون على الشاشة (3).. حسن مصطفى “بابا رمضان السكري”
ولد ماجد الكدواني في 17 ديسمبر 1967، قضى سنوات النشأة بدولة الكويت، وعاد بعد الثانوية العامة للالتحاق بكلية الفنون الجميلة قسم ديكور مسرحي، وعن تلك المرحلة يحكي “الكدواني”: “شاءت الظروف أن نشترك كطلبة في إعداد ديكور أحد الأعمال المسرحية داخل الكلية وكانت البداية، فقد تعلقت بكل ما له علاقة بالعمل المسرحي من ديكور وإضاءة، وكنت أجلس في المسرح بالساعات لكي أرى البروفات كل يوم.. ويوما بعد يوم زاد تعلقي وحبي للمسرح، والتحقت بفريق التمثيل في الكلية وواظبت على المشاركة في جميع الأعمال المسرحية التي قدمتها الكلية”.
وبناء عليه تخرج في كلية الفنون الجميلة عام 1985 ومنها إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان أول ظهور تليفزيوني له بمسلسل “أرابيسك” مع الفنان صلاح السعدني، حيث قام بدور طبيب في مشاهد بسيطة، لكنه شكّل انطلاقة لـ”الكدواني”، قدمته بعدها لدور شاب مختل نفسياً في فيلم “عفاريت الأسفلت” والذي يحكي موقف طريف مرتبط بتلك الشخصية، عندما قام بطل الفيلم الفنان محمود حميدة بضربه أثناء تصوير أحد المشاهد فظن المارة بالشارع أنه سرق منه شيء فاشتركوا في ضربه مجاملة للنجم حميدة.
تلى ذلك وحتى أول الألفية الثانية عدة أعمال مثل مسلسلات “أوان الورد”، “نحن لا نزرع الشوك”، “الفرار من الحب”، “القرموطي في مهمة رسمية”، “جسر الخطر”، وفيلم “كوكب الشرق” الذي قدمته الفنانة فردوس عبد الحميد لقصة حياة أم كلثوم، تتذكر بعضها وتحتاج لمن يُذكرك بدوره في البعض الآخر، لذلك تعد كلها تمهيدات أشار فيها “الكدواني” لوجوده فقط، حتى انتقل من كونه ممثل إلى نجم يسمى الجمهور الفيلم باسمه.
ربما يلمع ذكاء “ماجد” في تلك المرحلة، فكل أدواره المشتركة مع بطل رئيسي للفيلم مثل “حرامية في كي جي تو”، “حرامية في تايلاند”، “الرجل الأبيض المتوسط”، أدرك فيها الفرق بيني الدور الثاني أو الثالث أو حتى العاشر من حيث المساحة، وبين الأهمية، بشكل كبير لا يمكن التعامل مع “ماجد” بصفته “سنيد” البطل، لكن هو فنان استطاع الظهور وترك علامة سواء بطريقة كلام أو “ألشة” أو اسم مثل الثنائي الذي كونه مع الفنان محمود البزواي “العربي سيطرة والمر بزيادة”، ووصولاً إلى “كلاوي” في فيلم “الرهينة”، والظابط في “لا تراجع ولا استسلام”.
نرشح لك – يوسف وهبي.. الفنان الذي وجد “حب عمره” يوم إشهار إفلاسه
من جانب آخر ملامح “الكدواني” وجسمه، قدمته بقوة في الإطار الكوميدي، وهو الفخ الذي وقع فيه عدد كبير من الفنانين، سماتهم الجسدية أو نظراتهم الفطرية نجحت في خطف ضحكات الجمهور من جهة ومخاوف المنتجين والمخرجين من جهة أخرى من تقديمه في أي دور مختلف، يربك المشاهد وتوقعاته، لكن كسر “ماجد” ذلك القالب وبنفس الملامح، تحول تماماً إلى شخص آخر في أفلام مثل “كباريه”، “أسماء”، و”ساعة ونص”، ويمكن وصفهم بأنهم مرحلة “استعراض عضلات” ، أثبت فيها “ماجد” بكل جدية قدرته على التحول واستخدام كل مؤهلاته الفطرية والأكاديمية في أي اتجاه.
ظل ماجد الكدواني هو من يمكن أن يُطلق عليه “فنان آداء واختيارات”، فهناك من الفنانين من لا يملك مساحة عظيمة من الموهبة لكنه يجيد تقديم نفسه في أعمال مناسبه لقدراته وعلى مستوى جيد للنقاد والجمهور، وهناك من يمتلك موهبة شديدة الجمال لكن يسئ اختياراته سواء في المستوى أو في تكرار نفسه، جمع “ماجد” بين الموهبة والعمل الجيد، من جهة أخرى لم يهجر الكوميديا بعد نجاحه في تقديم الدراما، أو العكس، لم توقفه تجربة بطولة في فيلم “جاي في السريع” لم تلق النجاح المطلوب، عاد بكل سلاسة لأدوار أصغر في المساحة لكن أكثر تطور، حتى رحبت به البطولة المطلقة مرة أخرى في أفلام “قبل الزحمة الصيف” و “الأصليين”.
حافظ “الكدواني” على التوازن، وأحسن تحديد كثافة ظهوره، فإذا أختفى عن السباق التيلفزيوني الرمضاني، ظهر في مشهد واحد بآخر حلقات مسلسل “تحت السيطرة”، خطف الأنظار والقلوب، أو إعلان خفيف الدم مثل إعلانات شركات “موبينيل” قديماً و”اتصالات”، ومؤخراً “ماونتن فيو”.
أرجع “الكدواني” غيابه عن الدراما التلفزيونية لتفضيله فكرة “الساعة ونص” والعمل على فيلم سينمائي عن العمل على مسلسل طويل، مؤكداً أن ما يقوده هو مشاعره وليس قرار بعدم تقديم مسلسلات، فهو ما يعمل على يوفر له خطوة الاستمتاع والتشوق للذهاب للعمل حتى .يرضي شغفه وذلك ما تقدمه له السينما
مرت موهبة “الكدواني” بمراحلة عديدة، حتى وصلت إلى ما وصفه المخرج مروان حامد بأنه “مقتصد في آدائه”، وهو ما جذبه إلى عرض سيناريو “الأصليين” عليه، ويتبنى “ماجد” مؤخراً تلك المدرسة في التمثيل، وهو ما رشحه لنوعية مختلفة عما تعوده من الأدوار مثل دور الراوي في فيلم “هيبتا”، ومشهده في “تحت السيطرة”، وجعلته اسما ثابتا في تكريمات عدة مهرجانات سينمائية، آخرها تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته التاسعة والثلاثين.