كريم فرغلي
البهجة هي سر هذا الفيلم الرائع الذي أعاد للقاهرة في مهرجانها السينمائي التاسع و الثلاثين أحد أهم مخرجي سوريا وأكثرهم انتصارا للأمل والابتهاج والكوميديا الرشيقة عبد اللطيف عبد الحميد ذلك المبدع الذي غيبه المرض في اللحظات الأخيرة عن حضور عرض فيلمه مع الجمهور والاحتفاء به معهم مستعيضا بإرسال كلمات مؤثرة بلغية حملت مدى تقديره لمصر وشعبها ومهرجانها تلاها على الجمهور قبل عرض الفيلم نيابة عنه الناقد أحمد شوقي رئيس مسابقة آفاق عربية التي يتسابق الفيلم على جوائزها.
يدور الفيلم حول ليلى طالبة الطب الفاتنة التي تصراع مشاعرها الحائرة بين ثلاثة رجال سليم نجم السينما الشهير، وعادل حبيبها السابق المختفي منذ 5 سنوات قبل ظهوره المفاجئ ومعادوته الاتصال بها عبر سكايب من ألمانيا، ورمزي أكثر من أحبته ليلى بصدق حقيقي وعاطفة جياشة، ذلك الممرض الشهم صاحب موهبة تقليد الأصوات الغريبة، الذي تختاره ليلى في النهاية و تقرر أن تبقى إلى جواره في سوريا رغم الظروف الصعبة عائدة إليه في اللحظات الأخيرة بعد دخولها إلى ساحة انتظار المطار استعدادا للسفر إلى عادل قبل أن تعود راكضة إلى أحضان وحب رمزي.
تقليدية قصة الفيلم بعض الشيء .. ربما .. إلا أن المخرج القدير نجح في أن يضفي على أرجاء كل كادر ألوانا رائعة تجبر المشاهد على البهجة كما رسم كما كبيرا من المفارقات شديدة اللطف مثل إلقاء قذيفة الهاون في ساحة منزل ليلى، وحبس رمزي في ثلاجة الموتى قبل اكتشاف أنه مازال حيا، بالإضافة إلى لقطات اختيار المتقدمات للعمل مع المخرج الشهير ( لعب دوره عبد اللطيف عبد الحميد نفسه )، أضافت براعة الممثلين ورهافة الحس التي أدوا بها أوارهم جميعا خاصة الأبطال الثلاثة جيانا عنيد (ليلى) يامن حجلي (رمزي) بيار داغر (سليم) ، وقدم الفيلم دليلا جديدا على أن السينما الجميلة لا تحتاج إلى الكثير من الأموال وإنما الصدق في الأساس، فالفيلم الذي تم تصوير أغلب مشاهده في منزل سوري شعبي تقليدي وفيللا سليم والمخرج وبعض اللوكشنات البسيطة لم يحتاج لأكثر من حرفية حقيقية تثقل الدراما وتضفي الصدق على دراما الأبطال بالإضافة إلى صورة تجسد كل تلك المشاعر بنفس الصدق، وهو ما تحقق بجداره نظرا لكون عبد اللطيف عبد الحميد هو المؤلف والمخرج للفيلم ، الشيء الذي ساهم في امتلاكه لناصية الدراما والصورة معا.
أضاف تجسيد عبد اللطيف أيضا لدور المخرج داخل أحداث الفيلم المزيد من المصداقية على أحداثه وهو ما أكدته اللقطة الذكية التي ظهرت من خلالها النجمة السورية سلاف فوخرجي كضيقة شرف مجسدة شخصيتها الحقيقية حيث تصادف عبد اللطيف في أحد المطاعم مع صديقه .. خارج الأحداث .. كل الشكر لمخرجنا القدير على هذا الفيلم الممتع الحامل إلينا رحيق سوريا الحبيبة عبر ” طريق النحل “.