تُقاس قوة الشعوب النفسية والروحية ومدي صلابتها بقدرتها على السخرية ،وهكذا شعرت بحالة من الاطمئنان على الصحة النفسية للمصريين والعرب، وأنا أتابع الرد الفوري الذي اشتعلت به كل مواقع “النت” استخفافا بنشيد “صليل الصوارم” الذي أصدره الدعادشة لإعلان موقفهم المعادي للحياة، صار الصليل على الجانب الأخر تماما فهو يفتح الشهية للضحك من خلال الاستعانة بمقاطع من النشيد تم تركيبها على مشاهد شهيرة لنجوم الكوميديا امثال أحمد حلمي ومحمد سعد وأحمد مكي وغيرهم ولم يكتفوا بهذا القدر، بل امتدت دائرة السخرية إلى رجل الشارع، حيث الأفراح الشعبية في القاهرة والعديد من المحافظات؛ لنرى العريس والعروس والمعازيم يرقصون على إيقاعات هذا النشيد، وأقام بعضهم إمعانا في السخرية والتحدي قفص من الكارتون ويدخل العريس والعروس إليه بديلا عن الكوشة، ونرى خنجرا خشبيا نستمع إلى صليله الذي تحول إلى قهقهات بصوت إسماعيل يسن؛ ليصبح الصليل صهللة!!
كل تلك التفاصيل التى أرادوا من خلالها أخافتنا بتسريبها للملايين عن طريق قنوات التواصل الاجتماعي صارت على العكس تماما تؤدى الى الضحك عليهم والاستهانة بأفكارهم المريضة ، حتى أنهم وضعوا مقاطع من نشيد داعش على رقصات صوفينار، داعش تحرص على أن ترهب العالم بتلك الاشرطة التى صوروها لضحاياهم ، حيث استخدموا في التنفيذ أكثر من كاميرا وفريق تقني محترف وأيضا لعبت الموسيقى التصويرية والمؤثرات البصرية والصوتية والمونتاج وبل ولحظات الصمت والترقب دورا في تصدير تلك الحالة من الرعب التى أرادها هؤلاء الدمويون.
بث الخوف الى العالم من خلال تلك الاشرطة هو هدفهم الإستراتيجي، حتى يفكر ألف مرة من يريد أن يتصدى لهم، بأنه سوف يواجه قوة باطشة لا تعرف سوى جز الرقاب.
على المقابل كانت السخرية اللاذعة هي وسيلة المقاومة القادرة على التصدى ،أن تستهين بالخطر هو السلاح الباتر وحائط الصد الذي تواجههم به، لا تستطيع أن تهزم عدوك وأنت تبالغ في قوته ولكن الاستهانة برسائلهم التى قدموها عبر “الميديا” هو نوع من التفجير الذاتي المبكر لها عن طريق تحويلها الى قنبلة عكسية ترتد إليهم.
تذكرت مشهدا من “تيمبكتو” الفيلم الموريتاني وهو بالمناسبة أهم فيلم عربي عُرض في 2014 وكان عنوانا لنا في العديد من المهرجانات والمسابقات العالمية، والحاصل على جائزة “سيزار” الفرنسية كأفضل فيلم ،التي تعادل “الأوسكار” الأمريكي، قدم المخرج عبد الرحمن سيساكو مشهدا ملفتا داخل فيلمه يسخر فيه من منظمة أخرى ارهابية وهي “بوكو حرام”، فلقد تعددت التنظيمات والمسميات والارهاب واحدا ، قدم المخرج مشهدا موازيا لهم وهم يستعدون لقتل الضحية ثم في اللحظة الحاسمة يتضح إنه مجرد مقلب ساخر ، ليتحول الى موقف كوميدي، في الحقيقة أن الفيلم يقدم رسالة للعالم بقدر ما هى تدين الإرهاب الذي يتدثر عنوة بالإسلام بقدر ما تدافع عن حقيقة الإسلام، كل تلك التفاصيل قدمها المخرج بهدوء ونعومة وأيضا بخفة ظل.
كثير من التراجيديات رآها البعض تحمل وجها أخر يدعو للضحك مثل ريا وسكينة وهما أشهر سفاحتين في التاريخ المصري والعربي بتلك الجريمة التى أقدمتا عليها في مطلع القرن العشرين، فقدم المخرج صلاح أبو سيف فيلمه التراجيدى عنهما في عام 1953، ثم من بعدها لعب سُمعة بطولة فيلم “اسماعيل يسن يقابل ريا وسكينة ” ومن بعدها تعددت المعالجات الكوميدية الساخرة، كثيرا ما نكتشف أن اسماعيل يسن هو الحل!!
نقلا عن “التحرير “
اقـرأ ايضـا :
مهبط طيران لعادل إمام في “أستاذ ورئيس قسم”
كاريكاتير إيهاب هندي : مسابقة الـ 30 ألف معلم
أمير كرارة و14 نجم في برومو “حواري بوخارست”
7 نجوم “أهلاوية” لا ترحب بهم قناة الأهلي
عمرو أديب : البشوات إللي زي حالاتي سبب أزمة الكهرباء
الحياة تكشف عن أجر معتز الدمرداش
العشرة الأوائل والعشرة الأواخر في انتخابات نقابة الصحفيين