ما أبشع ذلك؛ أن يخترق رصاص الغدر صدورا تتضرع إلى الله، وما أبشع أن تسيل على الأرض دماء كانت لتوها تدخل وتخرج من قلب يقف بخشية أمام الله يناجيه ويشكو إليه همومه واحتياجاته ويعرض عليه أمانيه البسيطة؟!
ننعي الشهداء وفي داخلنا ننعي أنفسنا، لأن الاحتمالات زادت، ودائرة الموت زادت اتساعًا، وكل مدى تبتلع تيارات أكثر وأغلب؛ كل من كان يظن نفسه بعيدًا عن الخطر، طاله الخطر وللأسف بشكل أبشع.
نحن في معركة بقاء، مسألة حياة أو موت للجميع، وأصبحنا في حاجة مُلحة وضرورية إلى أن نُكوّن مزاجًا عامًا مصريًا رافضًا لكل ما هو متطرف، وإلى ميثاق ينص على “قدسية حرية فكر ومعتقد الإنسان وسلامه”، ويكون ميثاقًا أقدس من العادات، والموروثات، والأخلاق، والأشخاص، والفتاوى، والنصوص، ويطبق بكل قوة وصرامة وبدون انحيازات أو استثناءات أو شفقة على أحد، مهما كان مين، أو شعبيته كام، أو مرجعيته إيه.
انبذوا ولا تنددوا، انبذوا كل كلام متطرف، كل شخص متطرف، كل رمز متطرف، كل فكر متطرف، كل كتاب متطرف، كل بوست متطرف، كل تاريخ متطرف، كل تراث متطرف، ارفضوهم جملة وتفصيلا، لا تبرروا جهلهم، ولا تقبلوا منهم نصف الكلام أو جزءًا منه، لا تقفوا معهم على نقطة اتفاق واحدة مهما كانت، لا تقبلوا منهم أفكارًا مسممة مصاغة بكلام معسول، اطردوهم من المجامع والساحات والمنابر، لاحقوهم في الطرقات، نقوا وادينا الطيب المقدس من شرهم.
وفي البداية وليس النهاية، نحن لا نشتهي الموت وفي نفس الوقت لا نخافه، نحن نحرص على الحياة، نسعى من أجل الحياة، نقاتل من أجل الحياة، ونحارب من أجل السلام، ونعمل من أجل الحضارة والتقدم في الحياة، وسنحيا.