كريم فرغلي
قليلة هي الأفلام التي تنجح في حبس أنفاس المتفرجين عبر إيقاع مشدود تماما منذ بداية الأحداث حتى تتر النهاية، مازجة بين التشويق اللازم لتحقيق ذلك وبين إحكام قصة تشحن تعاطف الجمهور لتظل حية في وجدانه، تلك المعادلة الصعبة استطاع أن يحققها الفيلم الكويتي المبهر “سرب حمام”، الذي تم عرضه ضمن مسابقة آفاق عربية أحد أقسام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته التاسعة و الثلاثين، اختار الفيلم تيمة جيدة و جذابة عبارة عن معركة غير متكافئة تدور أحداثها في الكويت أثناء الاحتلال العراقي بين الجنود العراقيين ومجموعة من شباب المقاومة الكويتيين ، المحاصرين 7 أشهر كاملة داخل أحد المنازل، قبل أن تعزز القوات العراقية إمداداتها العسكرية للقضاء على هؤلاء الشباب الذي يقرر المقاومة حتى الموت رافضا الهروب أو الاستسلام رغم عدم تكافئ المعركة، فبينما يتسلح الجنود العراقيون بعتاد عسكري ثقيل ودبابات لايجد الشباب الكويتي المحاصر سوى أسلحة خفيفة مثل الرشاشات و المسدسات وهو ما لم يمنعه من المقاومة الشرسة، الأمر الذي يدفع قائد المجموعة أبو سامي لإقناع أفرادها بالانسحاب والهروب أكثر من مرة إلا أن الجميع يصر على المقاومة حتى النهاية.
نرشح لك.. مخرجة ليتوانية ترصد التحول من الشيوعية إلى الرأسمالية
نجح الفيلم في إبكاء الحضور وشاركت آخرين في المناديل الخاصة بي لكفكفة الدموع التي أثارتها رهافة التجسيد لتفاني الأبطال في الدفاع عن وطنهم ومدى إخلاصهم لقضيتهم، حيث استطاع لطيفة الحمود وخالد الشطي وأمينة عبدال مؤلفو الفيلم تجسيد مدى نُبل الشباب الكويتي بل ورفض بعض من الجنود العراقين للحرب لما بين البلدين من أواصر مشتركة وهو ما منح الفيلم بعدا إنسانيا مهما، تجسد ذلك في مشهد الجندي سالم الذي يصفح عن أحد الأسرى العراقيين ويطلق سراحه رافضا عرضه بعد ذلك بأن يساعده على الهرب، كما يواجه أحد الجنود العراقيين قائد المجموعة الكويتية في مشهد مؤثر للغاية يرفض فيه كلاهما إطلاق النار على الآخر، تلك المشاهد التي كانت أكثر تأثيرا من بعض الجمل التي وجهها سالم إلى الجندي العراقي بشكل مباشر لائما له على حرب العراق ضد بلاده، قبل أن يجيبه باكيا مؤكدا له أن النظام العراقي هدده بقتل أطفاله إن لم يشارك في تلك الحرب ، تلك اللمحة الذكية التي برأت ساحة الشعوب وعمقت إدانة أصحاب القرار السياسي وهو ما قدمه الفيلم من خلال شخصية ضابط الاستخبارات العراقي خاصة في لقطة ضحكه الساخر على خلفية قتل المقاومين.
نرشح لك.. إسلام وهبان يكتب: فيلم “redu”.. عندما تنتصر للفطرة
تميز الطاقم التمثيلي بشدة في أداء أدوارهم خاصة النجم داوود حسين الذي تقمص دور قائد المجموعة أبو سامي مبينا من خلاله قدرات تمثيلية كبيرة بعيدا عما هو معروف عنه كممثل كوميدي، كما تميز الفنان القدير جمال الردهان في دور صاحب المنزل و الفنان الشاب بشار الشطي في دور سالم وقدم المخرج الكويتي رمضان خسروه صورة حية متقنة وإيقاعا لاهثا و مشاعر بديعة تجلت في عدة مشاهد مثل مشهد إطلاق الطائر الأبيض بعد شفائه على يد أحد شباب المقاومة فور تأكيدهم لقرار استكمال المعركة، ومشهد النهاية شديد الروعة الذي جسد فكرة بقاء الوطن عبر المزج بين صورة قائد المجموعة الواقف إلى جوار علم الكويت وبين رسمة أحد الأطفال مازجا بين تفاصيل خاصة بشباب المقاومة مثل الساعة و الطائر الأبيض في تأكيد على أن المقاومة لم ولن تمُت أو كما قال قائد المجموعة في أحد جمل الفيلم المؤثرة : يقولون أن الوطن ضاع .. كيف يضيع وطن هؤلاء أبناؤه؟!.