تويتر محمد هنيدي.. نهاية نجم أم تعويض غياب؟
رباب طلعت
خلال العام الماضي ذاع صيت العديد من المواقف “الكوميدية” التي خلقها الفنان محمد هنيدي ، على موقع التغريدات القصيرة “تويتر”، سواءً كانت مداعبته الأخيرة أمس لنجم ليفربول محمد صلاح، حيث وضع صورة له وهو يستخدم مهاراته مع لاعبي تشيلسي في مباراته الأخيرة أمامهم، مشبهها بالمعركة التي دارت بينه وبين مقاتلي “فول الصين العظيم”، مثلما فعل أيضًا منذ يومين مع “تربل اتش” الذي رد عليه وقبل مصارعته في الحلبة، ليرد عليه “هنيدي” بخفة دمه المعهودة معتمدًا فيها على صورة له من “وش إجرام”، أو مزحته الأولى على “تويتر” التي تحولت لمطلبٍ جماهيري بجزءٍ ثاني من “صعيدي في الجامعة الأمريكية”، استطاع هنيدي إبراز ثروته الكوميدية الثمينة، من مشاهد ومواقف وحتى “إيفيهات”.
نرشح لك: حوار كوميدي بين محمد صلاح وهنيدي على تويتر
https://twitter.com/OfficialHenedy/status/931444842688851968
If you want to step in the ring with @WWERomanReigns and I…#ChallengeAccepted#WWEAbuDhabi https://t.co/YncLtnaZv3
— Triple H (@TripleH) November 21, 2017
تحول هنيدي بتلك المواقف، خاصة موقف “كام تويتة وتعمل جزء تاني من صعيدي في الجامعة الأمريكية؟” لنجم جديد، غير الذي اعتدنا عليه، فأضحى نجم “سوشيال ميديا” بدلًا من نجم شباك، كانت أفلامه تكسر حاجز 20 مليون جنيه، في الوقت التي كانت تذاكر السينما تُباع وقتها بـ10 جنيهات فقط، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن السبب وراء ذلك، هل هي محاولة من هنيدي للبقاء، أم إنها نهاية الأسطورة؟ وفيما يلي محاولة للوصول للإجابة:
(1)
“كنت بمشي ورا أي فرح اسقف وأقول هيه.. وأتوه ويرجعوني لبيت جدي”، وصفٌ دقيق لحالة “هنيدي” ذكره عن نفسه خلال حلقته مع الفنانة إسعاد يونس، في برنامج “صاحبة السعادة”، المُذاع عبر فضائية “cbc”، والتي أُطلق عليها اسم “عفروتو” اللقب الأقرب له، ليس فقط لأنه بطل المسرحية الشهيرة، ولكن لأنه عفريت التمثيل والتشخيص والكوميديا، تلك القصة التي رواها لها بأنه كانت تخطفه “دوشة” الأفراح فلا يفكر في شيء سوى أن يستمتع بها، حتى وإن تاه أكثر من مرة، وبالرغم من “عُلق ضرب” الأسرة إلا أنه يسير حيثما قاده قلبه.
ويتابع: “كنت بمشي وسط الناس وبشوف شخصيات كتير وأنا مش فاهم وقتها أن بخزن وبتعلم وربنا بيجهزني لطريق مش عارفة”، وهو طريق الفن الذي سلكه بالصدفة، بعد التحاقه بكلية الحقوق، حيث كانت رغبته في الحياة ترفض أن يدفن نفسه وسط المدرجات، بل يرى الدنيا من عوالم أخرى، بعيدة أيضًا عن كرة القدم التي كان يحبها ولكنه تركها، فجرب التمثيل الذي أكتشف من خلاله أنه “حلو فيه وبيضحك”.
(2)
لم يكن هنيدي يخطط أبدًا لأن يصبح ممثلًا ولكنه كان مستمتعًا بما يفعله على مسرح الجامعة، ولكن طفولته التي اعتادت السير وراء “الزفة” قادته للتجربة “ليه لا؟”، بل بالطبع يجب أن يقبل عرض عادل زكي المخرج بالمسرح الحديث، الذي كان يعرفه عن طريق مسرح الجامعة، بأن يمثل أمام النجم الكبير فؤاد المهندس، في الفوازير، الفرصة التي فتحت أبواب النجومية له، فنشر النبأ على أصدقائه وجيرانه وكل من يعرفه، قبل شهور طويلة من اتصال “زكي” به ليصور مشاهده، لكنه وبعدما أصبح في منتصف شعبان لم يكلمه أحد فاتصل بالمخرج الذي أخبره بأن يأتي للتلفزيون للتصوير غدًا، ودخل التلفزيون لأول مرة، ليصنع معه القدر كوميديا من نوعٍ آخر، حيث يكتشف أن دوره مقتصرًا على مشهدٍ صامت، عند مرور الفرعون يجب عليه أن يسجد له وفقط، لتخيب آماله، ويبحث عن مخرج من جمهوره الذي ينتظره على الشاشة، من أبناء إمبابة التي تربى فيها، وأصدقائه، ولكنه قرر ألا يتحدث في الموضوع الذي تحول لـ “فضيحة” فقد كان ذلك المشهد الذي ظن أنه لن يشاهده أحد هو تتر الفوازير الذي عُرض لمدة ثلاثين حلقة، ليصبح حتى دخوله لعالم الفن كوميديا من نوعٍ خاص.
https://youtu.be/wfzG15XSbis
(3)
نجاحات متواصلة على مسرح الجامعة “الواد ده دمه خفيف”، ذلك الانطباع الذي أنساه أنه ملتحق بكلية الحقوق التي طُرد منها لعدم انتظامه، ولكن جاء ذلك في الوقت الذي أدرك أنه يحب التمثيل، بل وبرع فيه، ويجب أن يدرسه، فدربه صديق المسرح خالد الصاوي وقتها للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية على دورٍ تراجيدي، لم يُقنع الفنان سناء شافع الذي قال له: “امشي من هنا”، ليحاول إقناعه مرة أخرى لكن دون جدوى ليتجه بعدها لدراسة السينما التي لم يكملها، ولكنه أصبح فيها نجمًا لها بل وكان هو “الثورة” التي أخرجت السينما من ركودها بعد “إسماعيلية رايح جاي”، والأغنية التي كانت رمزًا لجيل حلم بـ”الكمننا”.
(4)
“اتطردت من حقوق بس فضلت بروح الجامعة كده تناحة لحد ما شافني يوسف شاهين.. قالوله في ولاد دمهم خفيف على مسرح الجامعة كنت أنا وعلاء ولي الدين ومجموعة كبيرة، من كتر الزحمة جه قعد اتفرج عليها على الأرض.. وجالنا بعدها تليفونات من مكتبه أخدنا كلنا تقريبًا وقدمنا في أفلامه”، عشر سنوات تقريبًا بعد تلك الواقعة، ظل يتأرجح ويبحث عن فرصته في الشهرة ما بين المسرح والتلفزيون والسينما أدوارٍ صغيرة أثبتت أسطورة “الواد ده دمه خفيف”، التي أهلته لدور “عمره” كما وصفه، أمام فريد شوقي، في “البخيل وأنا” حيث استعان به ملك الترسو لزيادة المشاهد الكوميدية في المسلسل الذي كان مخصص له فيه دورًا صغيرًا فقط، ولكنه لفت انتباه “شوقي” الذي كان يسميه “الواد القصير أبو دم خفيف”، وبعد “عطا”، وبعدها تبدأ شهرته من مشهدٍ واحد مع الفنان عادل إمام “المنسي”، والذي مازال رواد مواقع التواصل الاجتماعي يتذكرونه للآن، ويبدأ بعد ذلك المخرجون يتعرفون عليه، ليطلبوه في أفلامهم، ويشارك مع شيريهان في فوازير “أبيض وأسود”، ومن ثم يأتي الدور على “إسماعيلية رايح جاي” الذي لم يتوقع له النجاح.
https://youtu.be/QeTfj8e0bf8
(5)
“الفيلم كانت ظروفه الإنتاجية وحشة، وقفنا فترة، ورجع منتج اشتراه وكملنا، وتوقعنا أنه هيفشل، فمركزتش وفكرت في اللي بعده، عشان الدنيا متقفش، لدرجة أن مروحتش شوفته في السينما، لحد ما لقيتهم بيقولولي الفيلم كسر الدنيا انزل شوف السينمات، نزلت عشان أدخل معرفتش من الزحمة مبقتش مصدق نفسي.. هو إيه اللي حصل”، الصدفة التي حولت “هنيدي” لـ”الواد أبو دم خفيف” لأيقونة جيله، بأغنية “كمننا”، التي عزفت على وتر أحلام الشباب وقتها، فيصبح “إسماعيلية رايح جاي” هو الفيلم الذي دفع المنتجين للمغامرة من جديد في صناعة السينما التي كانت وقتها راكدة وبشدة، ولا يطفو على سطحها إلا مجموعة من أفلام المقاولات المصطلح الذي انتشر وقتها، واختفى بفضل “سينما الشباب” أو “سينما المجموعة”، التي كان محمد هنيدي هو أول من بدأها لتنطلق قنبلة الضحك الشبابية “صعيدي في الجامعة الأمريكية”، تلك المدرسة التي تخرج منها نجوم ذلك الجيل.
(6)
لم يُغرد “هنيدي” في السينما منفردًا فحقق نجاحًا وسط المجموعة أحمد السقا، ومنى زكي وغادة عادل، وفتحي عبد الوهاب، وغيرهم الجيل الذي كان يحمل بعضه البعض، كل منهم يخدم نجاح الآخر، لتنجح الصناعة بأكملها بسلسلة أفلام صنعت منهم نجومًا على حسب ميولهم، وتربع محمد هنيدي على عرش الكوميديا لسنوات، فبعد “صعيدي” كان لابد من إثبات النجاح بعملٍ أقوى، فخرج “همام في أمستردام” الفيلم الذي بحث صناعه عن الخروج بالسينما المصرية لمستوى أكبر وهو التصوير خارج مصر، ولم يكن هنالك قصة أفضل من قصص النجاح، التي كانت تلمس أحلام الشباب الذين رأوا في “هنيدي” أحلامهم، ليبدأ هو نفس الفترة تحقيق أحلامه، بعد فرد “عضلاته” الكوميدية، سواء كان بالتمثيل، أو بالغناء، الذي أحبه فيه الجمهور بالرغم من أنه ليس مطربًا ولكنه كان مؤديًا للغناء بدرجة احترافية عالية، لتصدر له شرائط صوتية تُباع في الأسواق، وتنجح، وتصبح موضة وقتها، للدرجة التي جعلته يتلقى عروضًا للغناء في الأفراح، ويظل متعجبًا من ذلك: “بس أنا مش مغني أنا ممثل بيخدم على دوره بالغنا”.
(7)
ذكاء “هنيدي” الفني كان سببًا في شهرته، وليس فقط موهبته فاستغلاله لمخزونه الإنساني الذي تشربه من تجاربه وحياته في إمبابة، التي تعلم من أسواقها اللهجة الصعيدية التي خدمت دور “همام” من بائعي السوق المحيط بها، و”خفة دم” أسرة والدته التي ورثها منهم، والتي كانت سمة منتشرة بينهم للدرجة التي جعلت والدته عندما تحضر أحد عروضه المسرحية “لا تضحك” فيغضب، لأنها ترى أن ذلك شيئًا عاديًا تراه في أسرتها باستمرار، وليست مواقف مصطنعة، كما صرح في حوار قديم له مع الإعلامية “هالة سرحان”، وكذلك السيدات اللاتي قابلهن في شارع منزله، أو التي قابلها بعد عرض “إسماعيلية رايح جاي” وحولها بعد ذلك إلى أحد أهم مشاهده في “جائنا البيان التالي” فتاة “بيت الدعارة”، وغيرها، أو بائعة الخضار التي كان يقلدها فحولها للخالة “نعيمة”، على المسرح وبعدها ظهرت “نوسة”، أو حتى اللهجة الخليجية التي أتقنها من أصدقائه، فحولها إلى “فواز” وغيرها من الأدوار التي عاشت واستمرت لسنوات، وتحولت مؤخرًا إلى “كوميكس” وفيديوهات على “السوشيال ميديا”، يستخدمه هو أيضًا كمجهوره للتعبير عن نفسه على “تويتر”.
https://youtu.be/SCyYD6I4j-U
https://youtu.be/ElByJAC_sPc
(8)
ملامح الذكاء المبكرة التي ظهرت على الكوميديان محمد هنيدي، الذي وبرغم التحديات الكبيرة التي واجهتها أفلامه وعدم نجاح البعض منها مثل “صاحب صاحبه”، الذي عُرض في موسم “اللمبي” في العام الذي اتجهت فيه السينما لشكلٍ مختلفٍ تمامًا، وأدواره الضعيفة المتتالية التي لم تلقَ نجاحًا أو ذلك النجاح الذي اعتاد عليه لفترة طويلة، جعلت نجوميته محفوظة ولكنها في “بيات فني”، تقتطعه بعض الأعمال المميزة مثل “رمضان أبو العلمين حمودة”، جعلته -ملامح الذكاء- دائمًا يحاول الهروب من تصنيف “الفشل”، أو الاختفاء، فحتى وإن كان لا يوجد لـ”هنيدي” فيلمًا ناجحًا أو “مسمع” إلا أنه حاضرًا ومستهدفًا نوعًا مختلفًا من الجمهور، فإن لم تجده في السينما ستجده في المسرح “عفروتو”، و”ألباندا”، في الوقت الذي كان له دورًا هو ونفس المجموعة الشبابية وقتها لإحياء المسرح الكوميدي، الذي اختفى بشكل كبير الآن، وإن اختفى من كلاهما، ستجده مع الأطفال، في ديزني في “الملك الأسد”، و”تيمون وبومبا” الأشهر على الإطلاق بين أبناء الثمانينات والتسعينات، ثم “شركة المرعبين المحدودة”، وحتى إن أوقفت ديزني ترجمتها المصرية، ستجده ينتقل لمسلسلات الكارتون المصرية، ليخرج “سوبر هنيدي” وبعدها “سيد أندرويد”، وغيرها ليصبح له جمهورًا آخر، وإن كان صغيرًا لكنه يحافظ على تواجده به.
(9)
لعل ذات المبدأ -التواجد- هو الذي دفع هنيدي لاقتحام مواقع التواصل الاجتماعي خاصة “تويتر” الذي نجح بالفعل من خلاله لأن يُصبح حديث المواقع الإلكترونية، فعادة لا يمر أسبوع من غير خبر عنه بسبب تسخير أعماله الناجحة، وخفة دمه “الرباني” -تلك الكلمة التي ابتكرها في منقذ نجوميته منذ فترة “رمضان أبو العلمين حمودة”، الذي حوله لنجاحه إلى مسلسل تلفزيوني، لم يلقَ نفس النجاح، لحسبة خاطئة من “هنيدي”- حيث أنه من بعده عاد مرة أخرى لأفلام لم تضف له شيء إلا مجموعة “إفيهات” سخرتها السوشيال ميديا بشكلٍ جيد، لتهيئ له بيئة جديدة للشهرة، الأمر الذي دفعه لأن يستمع لنصيحة الإعلامية وفاء الكيلاني له عام 2014، بأنه يجب أن يتواصل مع جمهوره عن قرب لكي يصبح هو مصدر الخبر، للتقليل من الشائعات، فأجابها وقتها بأنه متابع فقط دون تعليق، حيث إن حسابه تاريخه منذ 2013 بالفعل، لكنه لم ينشط إلا من 2016، واشتعل نشاطًا في 2017، تلك التي شهدت مغامراته على “تويتر”، حيث يخوض الكثير من المبارزات الكوميدية من خلاله، ما حول نجوميته بالفعل لنجومية “سوشيال ميديا”، من الممكن أن تعوض خسارة نجومية السينما، لكنها بالفعل، لن تعوض أسطورة محمد هنيدي.
https://youtu.be/5e3OXMcS2OU
(10)
في ذلك السياق وفي نفس حلقته مع “الكيلاني” صدُم هنيدي، بنتيجة استطلاع الرأي الذي أجرته الإعلامية، وأكد على تراجع نجوميته تأثرًا بنجوم الكوميديا الجدد، أحمد مكي وأحمد حلمي وغيرهما، وهو ما ظهر على ملامح وجهه بالرغم من إنكاره ذلك، لكنها الحقيقة التي يجب أن يسلم بها “هنيدي” بأنه بالفعل نجوميته قد تراجعت مؤخرًا، ولكن ليس لأن أحدًا غطى عليها، فلا أحد من الممكن أن يفعل ذلك لأن “هنيدي هو هنيدي” وسيبقى، لكن بقائه الذي يريده جمهوره ليس على “تويتر” ولكن في السينما، التي هجرهتها أدواره المميزة، وحل محلها أخرى دفنت تدريجيًا “الواد أبو دم خفيف”.
نرشح لك: “صلاح” يعلق على المشاركة في “صعيدي في الجامعة الأمريكية 2”
نرشح لك: هنيدي يكشف الاستعدادات لـ”صعيدي في الجامعة الأمريكية 2″